عدت من عملي متأخرًا ، اشتريت بعض الأغراض قبل أن أقترب من الحارة التي أسكن فيها ، تفاجئت بسيارة شرطة تسد مدخل الحارة ، انتشر حولها بعض العساكر ، لمنع الأهالي من التقدم خلف الحاجز الذي صنعه الجنود !.
انتظار :
وقف كثير من الأهالي يتطلعون بفضول وتساؤل ، حاولت المرور موضحًا لهم أني من قاطني الحارة ولكنهم منعوني بحزم ، وقالوا أن الأمر لن يستغرق سوى دقائق ، لم أجد مفرًا من الإندساس بين الواقفين ، تلك ليست أول مرة يحدث فيها هذا الموقف ، يتكرر كل فترة حين يأتون للقبض على شخص ما وعادة لا يستغرق الأمر وقتًا .
ضحية أم مجرم :
قتلني الفضول كما قتل القطة من قبل ، لمعرفة هدفهم هذه المرة خاصة أن معظم السكان لم يكونوا على علم بالضحية أو المجرم الذي يسعون خلفه ، والعساكر البسطاء لم يكن لديهم أدنى فكرة ، ولم نستطع أن نستخرج منهم أي معلومة ، حتى بعد أن منحناهم بعض السجائر وتقربنا منهم في الكلام .
تاجر مخدرات :
من المؤكد أنهم جاءوا للقبض على زاهر السياب ، فقد ورث عن أبيه تجارة المخدرات ولكنه لم يرث عنه حرصه أو ذكائه ، لم تستطع الشرطة القبض على أبيه يومًا رغم نشاطه المعروف الذي امتد لسنوات ، زاهر مغرور وجرئ أكثر من اللازم ، والده كان يعمل في الخفاء وبحرص أكبر على عكس أبيه يتباهى زاهر بنفوذه ، بعد أن بسط سيطرته على المنطقة .
دخل في صراعات كثيرة وأكتسب العديد من الأعداء ، بعضهم من ذوي النفوذ من المؤكد أن أحدهم وشى به !.. تمنيت أن يكون هو على الأقل تتخلص الحارة من إجرامه ونفوذ أتباعه ، ولكن صعب أن يكون هو رغم غروره وأخطائه الكثيرة ، لكنه ليس بتلك السذاجة ليخزن بضاعته في منزله أو دكانه في الحارة ، أعلم بالتأكيد أنه يحتفظ بها في مخازن بعيدة ، ويجيد تصريفها بعيدًا عن مكان إقامته ، وعن محل الأقمشة الكبير الذي يتخذه كستار له ، كما أنه مسافر منذ ثلاثة أيام .
تاجر المسروقات :
ازدادت حيرتي من يكون إذن ؟!. سمعت اسم عادل يسري همسًا بين الناس ، هل جاءوا للقبض على عادل ، أعترف أني أحسست بقليل من الشماتة ، يمتلك عادل محل أجهزة كهربائية في نهاية الحارة ، بدأ طريقه الخاص بشراء الأجهزة المسروقة ثم إعادة بيعها ، بعدها أصبح يتاجر في كل شيء مسروق طبعًا .. ذهب ، ساعات ، هواتف نقالة ، أدوات زينة ، ذمته أصبحت تتسع لأي بضاعة مجهولة المصدر ، شهرته بدأت بالتعرف على عزمي أشهر هجام في المنطقة وأكثرهم خطورة ، يشترى منه كل ما تطوله يده في مغامراته الليلية ثم بدأ يوسع علاقاته .
تعرف على مزيد ممن اشتهروا بالقلوب الجريئة ، والأيدي الطويلة من النادر أن تجد لص منازل أو نشال في المنطقة لا يعرف عادل ، احتفظ بالمحل القديم كما هو دون تغيير درءًا للأنظار ، ولم يغادر الحارة ، بل قام بتوسعة بيته القديم وصرف عليه الكثير ، من دخل بيته يحكى عن فخامته من الداخل ، وأولاده نقلهم من المدرسة القريبة المتهالكة إلى أرقى المدارس الخاصة ، يحتفظ بأمواله كلها داخل بيته ولا يضعها بالبنك .
قليل من خيبة الأمل :
وقفت على أطراف أصابع قدمي وتوجهت ببصري نحو محله في آخر الحارة ، لاحظت أنه مفتوح ورأيت بعض العساكر متمركزون في وسط الحارة بعيدًا عنه ، من المستحيل أن يكون هو ، تأكدت ظنوني بعد أن ظهر بعد قليل ليقف أمام محله يستطلع الأمر ، سحب كرسيًا من الداخل وجلس أمام محله بهدوء ، هززت رأسي في أسف وشعرت بقليل من خيبة الأمل .
مسجل خطر:
عصرت ذهني بحثت كثيرًا في تاريخ حارتي الأسود ، استعرضت الأسماء فقفز إلى ذهني اسم منها ، أعلم أن لو تفتح عمل الشيطان ولكن لو كان هو لأقمت حفلًا في الحارة ، عزمي المجاهد بالتأكيد ، أعتقد أنى لست الوحيد الذي سيحتفل بالتخلص منه ، لم يجتمع أهل الحارة منذ نشأتها على شيء أكثر من إجماعهم على بُغض عزمي المجاهد وتمني الخلاص منه .
إجرامه فاق كل الحدود ، مسجل خطر دخل السجن عدة مرات ، ولكنه كان يخرج منه سريعًا ، آخر مرة دخل السجن لشهرين ظننا أننا تخلصنا منه ، ووزع بعض الأهالي الشربات ابتهاجا بالمناسبة ، من سوء حظنا أن الانتخابات كانت قريبة ، أخلوا سبيله قبلها بأيام ، نجح مرشح الحكومة الذي سانده بالطبع واختفى منافسه بعدها بفترة ، عزمي مجرم صعب أن تصنفه وهنا مكمن خطورته .
لو استطاع الاكتفاء بنشاط واحد ، ربما عشنا معه بسلام ، ولكنه متعدد المواهب حقًا ، هجام ، بلطجي ، نصاب ، موزع مخدرات ، قاتل ، موسوعة إجرام حية زاخرة تعيش وتتنفس بيننا .
موسوعة إجرام حيه :
بدأ حياته بالسطو على المنازل ، وعندما بدأت أعصابه تخذله بعد أن عرف طريق الإدمان بحث عن طريق أسهل ، وكان الخطف أشتى درجاته ، بدأ في استخدامه هو وأحد أعوانه في خطف حقائب السيدات ، وأحيانًا مصاغهم ثم تعلم حمل السلاح ، وبدأ الخروج ليلًا للبحث عن ضحية منكوبة ، وتهديدها لإفراغها من كل ثمين .
ثم يحمله إفراطه في المخدرات دفعه للمتاجرة بها أحيانًا ، ثم القيام بدور البلطجي لمصلحة من يدفع له أكثر ، ثم راقت له اللعبة ففرض إتاوة شهرية على كل أصحاب المحلات ثم أصحاب البيوت ، جمع عصابة من الضالين مثله ، فلم يستطع أهل الحارة مواجهته فهو يستخدم أسلحته بخبرة جراح ماهر ، من يعارضه يحمل تذكارًا خالدًا في وجهه أو جسمه حتى لا ينساه.
ولا بأس من وقت لآخر بجريمة قتل ، حتى يذكر الناس بسطوته ، دعوت المولى أن يكون هو حقًا ، من المؤكد أن كل هذه القوة جاءت للقبض عليه احتياطا لخطورته .
استرحت لهذا الخاطر للحظات حتى تفاجئت بعزمي نفسه يقف ورائي ، لو تطلع إليّ للحظة لرأى آثار الدهشة بوضوح على وجهي ، لم يفعل ولحسن حظى إندس بين الواقفين ببساطة يسأل عن الخبر!.. شلت رؤية عزمي تفكيري للحظات .
من المجرم :
عدت لاستعراض الصور ومراجعة الاحتمالات بحيرة أكبر ، هل جاءوا للقبض على أمين صاحب المخبز الوحيد في الحارة الذي يقوم بتهريب الدقيق ، المدعم تحت أعين الجميع لبيعه في السوق السوداء ، أم محسن الميكانيكي هو الهدف بعد أن اشتكاه أحد زبائنه ؟ كلنا نعرف مهارته في سرقة قطع الغيار الأصلية للسيارات التي يقوم بإصلاحها واستبدالها بأخرى تجارية رخيصة .
هل الدور على زيزي الراقصة بعد أن فاحت رائحة زبائن آخر الليل لديها ، ربما عباس صاحب القهوة الذي يغلق أبوابها من الداخل ليلًا لتتحول إلى غرزه لتدخين الحشيش .
لحظات ثقيلة :
أحسست بدوار وبدأت يدى تؤلمني من حمل الأغراض التي اشتريتها لفترة طويلة ، اللعنة أعياني التفكير ، لماذا أشغل نفسي كثيرًا بمعرفة الاسم ، إن يد العدالة ستطول أحد اليوم على كل حال ، وستتخلص الحارة من أحد الضالين قاطنيها ، وهذا هو ما يهمني ، صحيح أني صدمت لعدم القبض على عزمي ولكن لكل كلب يومه ، وربما استرحنا ممن هو أخطر منه .
لحظات صمت مرت ثقيلة على الجميع قبل أن نرى حركة في الشارع ، أعتدل العساكر المرابطون في وسط الحارة ، هبط بعض الجنود من أحد البيوت هناك اثنان منهم يمسكون شخص ما بأحكام لم نتعرف على ملامحه من الأجساد التي كانت تعيق رؤيتنا ، ولكنهم كانوا يمسكونه بشكل يوحى بمدى خطورته ، بعدها بثوان هبط شخص ثان وثالث بنفس الطريقة ، قبضوا على ثلاثة أذن تمنيت أن يقبضوا على مجرم واحد فقبضوا على ثلاثة دفعة واحدة .
هناك خطأ ما :
ابتهجت اقتربوا منا بعد عدة أمتار ، وبان ملامح المقبوض عليه بوضوح فتحولت نظرات التساؤل إلى دهشة ! ثم سريعًا إلى استنكار!! وسط العساكر كان يمشي محمود بانكسار ، من المؤكد أن هناك خطأ ما ، محمود ابن الحاج حسين موظف الكهرباء ، الكل يشهد بأخلاقه وسمعته الطيبة ، أحد القلائل الذين يسكنون الحارة ، ويتمتعون باحترام وثقة الجميع ، موظف بسيط في الحكومة ، أحسن تربية أولاده وعلمهم رغم متاعب الحياة ، لا نذكره إلا بالخير ، هو وأسرته البسيطة .
محمود الموهوب :
محمود يدرس في كلية الحقوق ، شاب ملتزم كما نعرفه ، لم يقدم يومًا على فعل خاطئ أو ارتكاب حماقة ، نعلم أنه موهوب ، ويكتب مقالات أحيانًا في بعض الصحف الصغيرة ، لمحنا الحاج حسين يخرج من المنزل خلف ابنه ، ويمنع الجنود من الوصول إليه ، ثم والدته تلحق بزوجها خارج البيت ، رغم مرضها وهي تبكي ابنها الوحيد ، وبسرعة حشروهم في مؤخرة السيارة وشق العساكر طريقًا بين الناس يسمح بمرور السيارة .
حكمة خالدة :
لم نعلم إلا لاحقًا بعدها بأيام أنه متهم بالإخلال بالأمن العام ، هو وزملائه وشارك في مظاهرة داخل الجامعة وكتب كلامًا جارحًا في أحد مقالاته ، هكذا قال لنا محاميه ، ولكن لم يخبرنا لمن كان الكلام جارحًا ؟
انتهزوا فرصة وجوده في منزله هو واثنان من أصدقائه المشاركين في المظاهرات ، للقبض عليهم بعد أن أبلغ عنهم أحد المخبرين المتواجدين بصفة دائمة في الحارة أشعر بمرارة كلما تذكرت هذا المشهد يومها سيارة الشرطة تشق طريقها بسرعة بين الناس ، عزمي الهجام يقف خلف سيارة الشرطة المنطلقة بقوة يقلب كفيه في تعجب ! يتطلع إلى محمود المنزوي في ركن منها هو وزملائه ، يعلق بتأثر صائحًا بحكمته الخالدة : صحيح الحرام عمره ما يدوم .
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…