كان دين كورل هو أكثر القتلة المتسلسلين دموية في التاريخ الأمريكي ، ولكن رغم ذلك فالقليل فقط من يعرف اسمه حتى اليوم ، لقد بدا دين كورل للجميع كشخص عادي ، حيث كان يستمتع بقضاء وقته دائمًا في مصنع الحلوى الصغير ، الذي تملكه أمه في حي ثري في هيوستن .
وكان يتواصل مع العديد من الأولاد الذين جاءوا فقط لرؤية الحلوى تخرج من خط التجميع ، ثم خدم في الجيش خلال حرب فيتنام ولم يكن لديه أي سجل جنائي آنذاك ، وقد وصفه الجيران بأنه هادئ وذو أخلاق جيدة ومهذب ، وأنه يبتسم دائمًا لكن خلف تلك الابتسامة أخفى دين كورل سرًا مميتًا .
فبين 13 ديسمبر 1970م و25 يوليو 1970م اختفى 28 فتى ، تتراوح أعمارهم بين 13 و20 عامًا من حي هايتس ، على بعد خمسة أميال غرب وسط مدينة هيوستن ، والغريب أنه تم تعذيبهم وقتلهم على يد دين كورل ، ذلك الهادئ المبتسم .
وفي ذلك الوقت كان هو القاتل المتسلسل الأكثر دمويه في التاريخ الأمريكي ، ولم تتحقق السلطات أبدًا من وجود دافع واضح لتلك الجرائم ، وكانوا كلما بحثوا أكثر في قصة دين كورل ، كلما أصبحت الحقيقة أكثر فظاعة .
فقد قام أولًا بتجنيد مراهقين كمعاونين له ، أحدهما كان واين هينلي (17 عامًا) والآخر كان ديفيد بروكس (18 عامًا) ، وقد كانوا يعرفون الكثير من ضحايا كورل شخصيًا ، ولكن الغريب أن عدد قليل من الأولاد القتلى كانوا أصدقائهم .
ومن دون اعترافات هؤلاء المتواطئين ، لم يكن أحد سيعرف على الإطلاق ما حدث للفتيان المفقودين في مرتفعات هيوستن ، لكن هؤلاء المتعاونين كشفوا الحقيقة بما في ذلك أساليب كورل المميتة ، لقد استخدم الثلاثي سيارة كورل بليموث GTX أو شاحنته البيضاء لإغراء ضحاياهم واحدًا تلو الآخر على مدى سنتين ونصف .
فلقد كان كورل يستخدم اسم شركة والدته ومنتجاتها من الحلوى أو الكحول ، أو حتى الوعد بالذهاب إلى حفلة وذلك لاصطياد المراهقين داخل السيارة ، وكان كل شخص يدخل السيارة معهم لا يعود أبدًا ، حيث كان يأخذه كورل وشركاؤه الصبية إلى شقته أو منزله .
وهناك كانوا يربطون ويكممون كل ضحية ، ثم يجبرهم كورل على كتابة بطاقات بريدية أو ملاحظات إلى عائلاتهم ، ليقولوا لهم إنهم بخير ، وفي إحدى المرات كان أحد الضحايا والذي يدعى مارك سكوت صديقًا للشريكين المراهقين ، وكان عمره 17 عامًا آنذاك .
وقد اختفى مارك في مساء يوم 20 إبريل / نيسان 1972م ، ولم يعود أبدًا فأبلغ والداه عن فقدانه بعد أن وجه بعض زملاؤه في الصف دعوة له ، وسألوا عنه الزملاء والجيران لمعرفة ما إذا كانوا يعرفون أي شيء ، وبعد بضعة أيام تلقت عائلة سكوت بطاقة بريدية ، تقول إن مارك وجد وظيفة في أوستن وتلك الوظيفة تدفع له 3 دولارات في الساعة .
ولم يعتقد سكوت أن ابنهم سيغادر المدينة فجأة ، دون أن يقول وداعًا فأدركوا أن شيئًا ما يحدث ، كان هناك أمرًا خاطئًا للغاية ولكنهم لم يعلموا الحقيقة إلا بعد مرور عام ، فلقد كانت الفظائع التي أصابت مارك سكوت مماثلة لتلك التي تعرض لها العديد من الفتيان الآخرين ، الذين احتجزهم وعذبهم دين كورل .
فالتعذيب الذي ألحقه بضحاياه كان يجعل من عمليات القتل ، شيئًا أكثر إثارة ورعبًا فقد كان كورل وشركاؤه يجردونهم من ملابسهم ، ويقيدونهم إلى قطعة من الخشب ثم يربطون أيديهم وأرجلهم ، ويعذبونهم جنسيًا بطرق مختلفة قبل أن يقتلوهم في النهاية .
ولقد استمر كورل في هذا لفترة طويلة لأنه لم يشك به أحد ، وكان يتحرك بحرية كبيرة وفي كثير من الأحيان كان يرتكب جريمته كل أسبوعين ، ثم توقفت جرائم القتل بعد ذلك فقط لأن Henley أحد المتواطئين معه ، كان لديه ما يكفي في النهاية وثار على كورل .
ثم أمسك الشاب بسلاح كورل وصرخ بأنه لن يستطع قتل المزيد من أصدقائه ، وأطلق النار على كورل في رأسه في منزله المستأجر في ضاحية باسادينا في هيوستن ، وذلك بنفس البندقية التي كان يستخدمها كورل لقتل ضحاياه .
لقد اعترف هينلي وزميله في العمل مع كورل بعد فترة وجيزة من القبض عليهم ، وعلمت منهم المباحث أن كورل استأجر مخزنًا للقوارب في جزء آخر من هيوستن ، ووجد به المحققون 17 ضحية مدفونة هناك .
وكانت هناك ست جثث أخرى في شبه جزيرة بوليفار ، بينما دفنت أربع ضحايا في منطقة الغابات في بحيرة سام رايبرن ، ولم تحدد الشرطة هوية الضحية الثامنة والعشرين حتى عام 1983م ، ولكن ظل السؤال الذي يلح على الأذهان : ما الذي يمكن أن يحول مثل هذا الرجل العادي إلى مثل هذا القاتل المخرب ؟
لقد تطلق والدا كورل عندما كان صغيرًا ، وبعد ذلك بقى مع والدته ويقول البعض أن هذا سبب له الغضب تجاه الشخصيات الذكورية في حياته ، وهناك نظرية أخرى ظهرت على الساحة وهي أن المثلية الجنسية في كورل لعبت دورًا كبيرًا في ذلك .
فمن المفترض أنه كان لديه عدة لقاءات جنسية مع الرجال ، ولعل عجزه عن إقامة علاقة شخصية سويه مع أي امرأة قد جعل كورل مريضًا نفسيًا ومهووسًا بالقتل ، ويبدو أنه كان يريد أن يمارس بعض هذا الخيال الجنسي مع ضحاياه الذكور.
ومهما كانت دوافع دين كورل ، فربما أغرب جزء في قصته هو أن القليل فقط من يعرف أنه أكثر القتلة بشاعة في التاريخ الأميركي الحديث ، ولعل السبب في ذلك يرجع لوجود عدد قليل جدا من الصور لكورل ، كما أنه قُتل قبل تقديمه للعدالة .
ولقد أطلق عليه الصحفيون لقب كاندي مان أو بييه بايبر، لأنه كان يجذب الأطفال بالحلوى ، ومع ذلك حظيت قصته باهتمام ضئيل وهي قد تكون غير معروفة اليوم ، ومع ذلك ما زالت الأمهات والأقارب والأشقاء وأسر الضحايا يتذكرون ما حدث لأبنائهم وذويهم .
فقد أخبرت ماري سكوت التي كانت تبلغ من العمر 83 عامًا في 2017م أحد المراسلين ، أنها ما زالت تفكر في مارك في كل مرة ترى فيها فتى في سن المراهقة ، فلقد كان مارك أحد ضحاياه ورؤيتها لهم تجلب الدموع إلى عينيها ، أما بالنسبة لشركاء دين كورل فهم لا يزالون في السجن ، يقضون عقوبات بالسجن مدى الحياة لدورهم في واحدة من أكثر موجات القتل المسلّح فتكًا في تاريخ الولايات المتحدة .