إن قصة هذا الشاب من أغرب القصص التي يمكن أن تسمعها ، فقد جمع بين مهنتي الخطف والطب حيث اختطف وريثة ثرية ودفنها وهي على قيد الحياة ، ثم أصبح طبيبًا قبل أن يعود إلى حياة الجريمة مرة أخرى ، إنه كريست الخاطف والطبيب والمهرب .
في شتاء عام 1968م استولى بعض الخاطفين على طالبة جامعية تسمي باربرا ماكل في الصباح الباكر ، ووضعوها في صندوق تحت الأرض ، وطالبوا بفدية مقابل عودتها وظلت تنتظر ماكل صامتة لأكثر من ثلاثة أيام ، حتى يتم إنقاذها فقد دفنت باربرا ماكل وهي على قيد الحياة .
حدث ذلك مع اقتراب عيد الميلاد في عام 1968م ، فقد أصيبت باربرا ماكل البالغة من العمر 20 عامًا والدارسة في جامعة إيموري بأتلانتا ووريثة العقارات ، بفيروس هونغ كونغ الذي كان منتشرًا بذلك الوقت ، وكانت والدة ماركل قد توجهت إلى أتلانتا ، لرعاية ابنتها المريضة قبل إعادتها إلى منزلها في فلوريدا لقضاء عطلة عيد الميلاد ، وكان الاثنان يقيمان على بعد أميال قليلة من الحرم الجامعي في ريو دي إن بمقاطعة ديكاتور .
وفي حوالي الساعة الرابعة من صباح يوم 17 ديسمبر 1968م ، كان هناك طرق على باب غرفتهم ، وجاء رجل يرتدي قبعة شرطي وادعى أنه شرطي وأخبر باربرا ماكل أن صديقها ستيوارت هنت وودوارد قد تعرض لحادث سيارة ، وبمجرد أن فتحت ماكل له الباب أصبحت الحقيقة واضحة ، فلم يكن الرجل شرطيًا بل كان غاري ستيفن كريست ، البالغ من العمر 23 عامًا من ميامي .
والذي كان يعمل مساعدًا بمجال الأبحاث في عالم البحار ، وكان من الواضح أنه يتتبع ماكل منذ شهور ، وقد قال تومي موريس ضابط الإفراج المؤقت عن كريست ، في وقت لاحق : “لقد كان يبحث عن أنثى غنية متشددة ، شخص ما يمكن أن يصمد لو دفن حيا “، واندفع كريست وشريكته روث أيسيمان شير ، البالغة من العمر 26 عامًا والتي كانت تتنكر في هيئة رجل إلى الداخل .
وقاموا بتخدير أم ماكل التي فقدت الوعي قبل ربطها ، ثم أجبروا باربرا ماكل أن تأتي معهم تحت تهديد السلاح ، ووضعوها في مؤخرة سيارتهم المنتظرة بالخارج ، ثم أخرجوها في غابة صنوبر نائية على بعد حوالي 20 ميلاً ، ووضعوها في خندق حفروه في السابق ، وفي الجزء السفلي من الخندق كان هناك مربع من الألياف الزجاجية ، صمم بطريقة إستراتيجية هندسية .
فقد كان به مضخة واثنين من الأنابيب البلاستيكية التي تمنح ماكل الهواء من الخارج ، كما كان لديها طعام وماء ومصباح والتقط كريست صورة لماكل وهي مستلقية في الخندق ، بينما كانت تحمل لافتة مكتوبة بخط اليد وعليها كلمة “KIDNAPPED” اختطاف ، ليتم استخدامها لطلب الفدية ثم قاموا بجرف قدمين من الطين فوق الصندوق .
ودفنوها حية وظلت باربرا ماكل هناك لمدة ثلاثة أيام ، وتحكي ماكل عن التجربة بعد إنقاذها وتقول : “لقد صرخت وصرخت صوتي ذهب أبعد وأبعد و أخيرًا لم أتمكن من سماع أي شيء بالأعلى ، لقد صرخت لفترة طويلة ولكن دون جدوى “.
البحث والإنقاذ:
كان والد بربارا ماكل المدعو روبرت رجلًا ثريًا من ميامي ، فاتصل به كريست وايستمان شيير وطلبوا فدية قدرها 500000 دولار ، (أي ما يعادل 3.5 مليون دولار في عام 2018) مقابل عودة ابنته سالمة ، وفي المكالمة حدد الخاطفون أنه يجب وضع الفدية في حقيبة ، ويجب على روبرت أن يحضر في الغابة وحده .
وبالإضافة إلى ذلك كان عليه أن يضع إعلانًا مصنّفًا في صحيفة ميامي هيرالد بعنوان ( عودي يا صغيرتي وسوف ندفع جميع النفقات ، ونلتقي بك في أي مكان في أي وقت ، عائلتك ) .
فقام روبرت ماكل بذلك وبالمقابل أعطاه كريست الموقع التقريبي لموقع الدفن ، وبعد وصول الفدية أخذ الخاطفون المال وهربوا مشيًا على الأقدام ، وفي ذلك الوقت انتشر بالغابة أكثر من 100 عميل من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ، وفي صباح يوم 20 ديسمبر بعد أن كانت ماكل تحت الأرض لمدة 83 ساعة ، تم تحديد موقع دفنها من قبل الباحثين .
وبالفعل عثروا علي الحفرة ثم قاموا بحفر الصنوق ، وبرزت باربرا ماكل وطمأنت الجميع أنها لم تصب بأذى ، كان كريست وايسمان شيير قد تفرقوا بعد أن هربوا ولم يكن قد تم تحديد مكانهم بعد ، ولكن لسوء حظ كريست لم يكن متخفيًا بشكل خاص عندما تعلق الأمر بتغطية تحركاته .
حيث تمكن العملاء بمكتب التحقيقات الفدرالي من تعقب سيارة فولفو ، والتي تركها كريست و أدت الأعمال الورقية داخل السيارة إلى التعرف على كل من كريست وأيسيمان ، وفي غضون 24 ساعة تم القبض على كريست قبالة ساحل ولاية فلوريدا في قارب سريع كان قد اشتراه مع جزء من مال الفدية .
ثم تم القبض على أيسيمان شير بعد فترة وجيزة ، وقد حُكم عليها في نهاية الأمر بالسجن سبع سنوات ، قبل أن يتم الإفراج عنها وترحيلها إلى بلدها الأصلي هندوراس ، أما كريست فبعد شهرين من القبض عليه ، حكم عليه بالسجن مدى الحياة لكن القصة لم تنته عند هذا الحد .
حياة غاري كريست وبربارا ماكل بعد الاختطاف :
بعد 10 سنوات تم إطلاق سراح كريست في الإفراج المشروط ، وهذا لم يكن كل شيء فعلى الرغم من كل ما حدث سُمح له بالالتحاق بكلية الطب في غرينادا ودومينيكا ، وحصل في نهاية المطاف على شهادة طبية و حاول الحصول على ترخيص طبي في ألاباما ، لكن الدولة رفضته .
ومع ذلك تمت الموافقة عليه في ديسمبر عام 2001م من قِبل مجلس الترخيص الطبي في إنديانا ، لأن قانون إنديانا لم يمنع المجرمين المدانين من الحصول على تراخيص طبية ، كان الترخيص بمثابة اختبار وقد وضع مجلس الإدارة عددًا من القيود عليه ، وعمل كريست كطبيب في إنديانا حتى عام 2003م .
وفي عام 2006م ألقي القبض عليه قبالة ساحل ولاية ألاباما مرة ثانية ، عندما عثرت الشرطة على أكثر من 30 رطلاً من الكوكايين في مركب شراعي ، كان يستأجره أربعة مهاجرين غير شرعيين وقد أقر بأنه مذنب بتهريب المخدرات ، وبالرغم من تاريخه السابق فقد حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات فقط .
أما باربرا ماكل فقد تزوجت من صديقها الجامعي ، ستيوارت هنت وودوارد ، وأصبح لدى الزوجين طفلين وتزوجا لمدة 43 عامًا ، حتى توفي وودوارد في عام 2013م ، وعندما سئلت باربرا ماكل عن كيفية تحملها للتجربة المؤلمة ، قالت أنها كانت تعرف أنها لن تموت في هذا الصندوق ، وكانت تتخيل الاحتفال بعيد ميلادها مع عائلتها .