تغزو الجرائم كل أرجاء العالم ، وهناك من الجرائم ما قد حدث بكل سهولة ويُسر ، وهناك ما تم تنفيذه بشكل مُعقد ، كما أن المجرم لابد وأن يخطئ ؛ لذلك يتم التوصل للجاني في معظم الأحيان ؛ مهما طالت الفترة الزمنية على ارتكاب جريمته ؛ غير أن بعض الجرائم ظلت غامضة ولم يتم اكتشاف مرتكبيها ، ويوجد أيضًا نوع من الجرائم التي تبدو غريبة أثناء القيام بالتحقيقات .
قام رئيس جمعية علماء التشريح الخاصة بجرائم القتل في أمريكا ؛ بإلقاء خطبة عن أحد جرائم القتل المميزة وغير المسبوقة في تاريخ الجريمة ، تتعلق الجريمة بمقتل أحد الأشخاص يُدعى رونالد أوبوس .
أوضح تقرير التشريح الخاص بجثة رونالد يوم 23 مارس من عام 1994م ؛ أنه قد توفي نتيجة اختراق طلق ناري برأسه ؛ أثناء سقوطه في محاولة للانتحار من فوق سطح أحد البنايات التي تتكون من عشرة طوابق ، وكان رونالد قد ترك رسالة أكد من خلالها انه يأس من حياته ؛ لذلك قرر الانتحار بإلقاء نفسه من السطح ؛ ولم ينتبه المنتحر من وجود شبكة حماية بالدور الثامن ؛ والتي كانت ستعوق إتمام عملية انتحاره ، ولكن بينما كان يسقط خرجت رصاصة من أحد نوافذ البناية التي سقط من فوقها واخترقت رأسه على الفور .
أثناء إجراء التحقيقات تبين أن تلك الرصاصة قد خرجت من نافذة الشقة الموجودة بالدور التاسع ؛ والتي كان يسكنها زوجان مُسنان منذ عدة سنوات ، وكانا معروفان بين جيرانهم بكثرة الخلافات والشجارات .
كان الزوج يهدد زوجته وقت وقوع جريمة مقتل رونالد بأنه سيُطلق عليها الرصاص ؛ إن لم تكف عن الشجار معه ، وأُصيب الزوج بحالة من الهيجان العصبي وعدم التحكم في الذات ؛ مما جعله يقوم بالضغط على زناد المسدس الذي كان بحوزته ؛ فانطلقت الرصاصة بقوة ولكن دون أن تصيب زوجته ؛ بل اتجهت خارجة من النافذة لتخترق رأس رونالد أثناء سقوطه ؛ وتسببت في وفاته .
أصبح الزوج العجوز هو المُدان الأول في قضية مقتل رونالد ؛ حيث أن الشبكة التي كانت موجودة للأمان والحماية بالدور الثامن كان بإمكانها انقاذ رونالد من الانتحار ؛ وبذلك أصبح رونالد قتيلًا بدلًا من منتحر .
أكد الرجل العجوز وزوجته أثناء التحقيقات التي اتهمته بالقتل غير العمد ؛ أنهما دائمًا يعيشون في الخلافات والشجارات مع بعضهما ؛ كما قال الزوج أنه يقوم بتهديد زوجته بالقتل بشكل مستمر ؛ ودائمًا كان عنده اعتقاد ان المسدس الذي يحمله فارغ من الرصاص ، وحينما غضب يوم وقوع الجريمة من زوجته قام بالضغط على زناد المسدس ؛ دون أن يدري أنه مُعبأ بالرصاص .
أكدت التحريات التي أُجريت أيضًا حول القضية أن أحد أقارب الزوجين قد رأى منذ أسابيع ابنيهما يقوم بتعبئة المسدس بالرصاص ، وكانت أمه في تلك الفترة قد حرمته من تقديم مساعدتها المالية له ، ومن الواضح أن الابن خطط لمؤامرة على والديه عن طريق وضعه للرصاص داخل المسدس ؛ حيث أنه يعلم جيدًا سلوكيات والده مع أمه وقت الغضب وتهديده المستمر بقتلها ؛ وبذلك يتخلص ذلك الابن من والديه معًا ؛ في حالة إقدام والده على تنفيذ تهديده ولو لمرة واحدة ؛ كما حدث في تلك المرة التي راح ضحيتها رونالد .
أصبح الابن من الجهة القانونية هو الجاني الأول ؛ نظرًا لعقد النية على التخلص من والديه ، ولكن المفاجأة الكبرى غير المتوقعة هي أن رونالد أوبوس القتيل هو نفسه ابن الزوجين المُسنين ؛ الذي أراد التخلص من والديه ؛ وحينما تأخر أباه في تنفيذ تهديده ؛ ازداد يأسه من الحياة بسبب تدهور أوضاعه المادية ؛ مما جعله يُقدم على الانتحار ، ولكنه مات قتيلًا بنفس الرصاصة التي وضعها بالمسدس ؛ وبذلك يصبح هو القاتل والقتيل في نفس الوقت ؛ وأُغلق ملف القضية على أنها انتحار ؛ بالرغم من كونه لم يطلق الرصاص على نفسه ؛ وبذلك تصبح من أغرب الجرائم التي حدثت في أمريكا .