كان الجسد متمددًا على السرير يرتدي قميصًا أخضر وبنطلون باللون البني الفاتح ؛ فقال فريدريك : إنها الجريمة الرابعة خلال هذا الأسبوع ؛ فأجابه صوت غليظ : إنها جثة امرأة جميلة ؛ انظر فريدريك .. ولكنها أشياء لم تعد تُعنيني في شيء ؛ لم أعد أمتلك العاطفة أو العُمر الذي يجعلني أهتم بجمال تلك الجثة الهامدة .
قال ديمتري : كنت أراقب السرير باهتمام لعلني أجد شيئا مفقودًا ؛ فشعرت بمدى بشاعة الحدث ؛ فقال فريدريك : أتريد أن تقول أنك تجلس أمام التلفاز تفكر في أن القتلة قديمًا كان لديهم رحمة أكثر من الآن ؟ لا تُخلط الأمور يا صديقي ؛ فالأمور السيئة موجودة بكل مكان ؛ وهذا عملنا وواجبنا الذي لابد وأن نقوم به .
كان فريدريك وديميتري يعملان معًا منذ أكثر من اثنين وعشرين عامًا ؛ وكان فريدريك قد طلقّ زوجته منذ أكثر من ستة أعوام ولديه ولد وحيد ؛ بينما كان ديمتري أعزب لم يتزوج ؛ وكان يتجنب الحديث عن عائلته ؛ على الرغم من أنه أمتلك علاقة صداقة بفريدريك لأكثر من خمسة وعشرين عامًا ؛ لذلك لم يفهم فريدريك الوضع العائلي لصديقه ديمتري على مدار كل تلك الأعوام .
قال الطبيب الشرعي الذي كان متواجدًا بالغرفة : لا توجد أي آثار لاعتداء جنسي ؛ فأخذ فريدريك نظرة أخيرة على الجثة ؛ ثم خرج وتبعه ديمتري الذي أغلق الباب ، قال فريدريك لصديقه : أتعلم أنه بعد كل تلك السنوات من العمل الشاق لم تفكر مرة في التقاعد ؛ يبدو أن هذا العمل المحلي يضغط على أعصابنا كثيرًا .
صمت ديمتري لبرهة ثم نظر إلى صديقه قائلًا : لماذا تُصر على الحديث عن التقاعد خلال الفترة الأخيرة ؟ خلال أخر خمس جرائم وأنت تتحدث كثيرًا عن التقاعد ؛ هل حدث شيء ما يستدعي ذلك التفكير ؟
أجاب فريدريك بهدوء شديد قائلًا : أنت فقط كثير الأسئلة ؛ ليست كل الأمور تحتاج إلى ماذا ؟ أو لماذا ؟ أو هل ؟ ؛ أنا لا أفكر في شيء سوى صداقتنا ؛ لا أريد أن يُنهكنا العمل أكثر من ذلك .
قال ديمتري وهو يشرب فنجانه الخاص : صدقني يا فريدريك أنه برغم العمل كل تلك الأعوام لم أشعر أبدًا أنني مُتعب بسبب العمل ، كان ديمتري يتميز بسلوكياته الغريبة والتي ازدادت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ .
خلال الفترة الأخيرة تابعوا جرائم متعددة ؛ وها هي جريمة جديدة لامرأة أخرى بمنزل بعيد بسان دييجو ؛ لقد قُتلت دون أي علامات لاعتداء جنسي ؛ لقد هشّم القاتل الأبواب بمطرقة حديد ؛ وطعن القتيلة أربع طعنات في الكتف ؛ مما أدى إلى وفاتها .
حضر ديمتري متأخرًا لإجراء التحقيقات الخاصة بتلك الجريمة ؛ فدخل المكتب بهيبته المعهودة معتذرًا عن التأخير ثم نظر إلى فريدريك قائلًا : ماذا نملك فريدريك ؟ ؛ فأجابه فريدريك في الحال : واو.. تبدو اليوم أكثر أناقة لدرجة أنك اغتالت ؛ تبدو هذه الجريمة ذات أهمية خاصة .
فقال ديمتري : لا تمزح ؛ حقًا لقد اغتسلت قبل أن أنام ؛ فقال فريدريك : على أية حال فلنتحدث عن الجريمة ؛ لقد طُعنت الضحية أربع طعنات عميقة بالكتف ، ولا نعلم هل الجاني كان يتردد على المجني عليها أم لا ؛ حيث لا يوجد شهود حتى الآن .
فكر ديمتري قليلًا ثم قال : حسنًا .. إذا تم العثور على سلاح الجريمة فلتتصل بي ؛ فقال فريدريك : بالتأكيد ؛ ثم وقف باتجاه الباب ليخرج لكنه التفت فجأة وتساءل بقلق : هل أنت بخير ديمتري ؟ ؛ فأجابه : نعم صديقي ؛ لقد قررتُ التقاعد ؛ يبدو أنني بالفعل قد تعبت ؛ طوال سنوات عملي كلها أتلقى الأوامر ؛ أريد أن أشعر بالحرية ؛ فقال فريدريك : لا تُشغل بالك صديقي ؛ والآن اتركني للعمل .
كانت تلك هي المرة الأولى على مدار خمسة وعشرين عامًا التي ينادي فيها ديمتري فريدريك باسم صديقي ؛ فيما يبدو أنه تحول إلى إنسان يريد الحياة بصورتها الطبيعية ؛ كان ذلك كل ما يفكر به فريدريك .
ذهب فريدريك مُجددًا برفقة ديمتري إلى موقع الجريمة ؛ فأخبره ديمتري أنه سيكون هناك مساعد له في تلك القضية خلال يومين ؛ شعر فريدريك أنها لغة الوداع ؛ فنظر إليه ديمتري قائلًا : انظر إلى تلك المرأة المسكينة ؛ انظر إلى الدماء التي تغطي وجهها ؛ لم أعد أحتمل مثل تلك المشاهد التي أفكر فيها طوال الليل ؛ أتفهمني يا صديقي .
هزّ فريدريك رأسه وهو ينظر بعمق وحزن تجاه صديقه الذي لازال مُعلقًا عينيه على القتيلة ؛ فعلم فريدريك أنه الوداع الذي لم يتحدث عنه ديمتري من قبل .
القصة مترجمة عن اللغة الإسبانية
بعنوان : Mejor no hablar de ciertas cosas