قصص غموض الاختفاء التي حدثت ، أو مازالت تحدث حتى يومنا هذا ، تضع الكثير من علامات الاستفهام أمام المحققين في كل مرة ، في محاولة لكسر تلك الألغاز والكشف عن هذا الغموض ، ولكن قد تبقى بعض القضايا معلقة على مدار سنوات وعقود بل وقرون ، دون حل أو كشف لسترها ، وكذلك هي قضية اختفاء أطفال عائلة سودر .
أحداث القصة :
في ليلة رأس السنة لعام 1945م ، أقامت عائلة سودر وأبنائها التسعة ، نظرًا لأن الابن العاشر كان في الخدمة العسكرية ، حفلاً للاحتفال برأس السنة مثل كل عام ، وكانت العائلة مكونة ومن الأب والأم وتسعة أبناء ، يعيشون في قرية أميتفيل في ولاية فيرجينيا الأمريكية .
في تمام الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل ، تلقت العائلة اتصالاً هاتفيًا وكان الصوت أنثوي يسأل عن شخص ما ، فأجابت السيدة جيني سودر بأن الرقم خاطئ ، وقبل أن تغلق الهاتف سمعت أصوات كؤوس تصطدم ببعضها ، وأصوات ضحكات عالية فظنت أن بعض الأشخاص في حفل ما ، يتصلون عشوائيًا أم أنهم قد اتصلوا عن طريق الخطأ بالفعل .
عقب الساعة الواحدة ، كانت العائلة قد خلدوا جميعهم للنوم ، ولكن سمعت الأم جيني صوت شيء ما يتدحرج فوق سطح المنزل ، فأرهفت السمع قليلاً ولكن لم يحدث شيء فعادت للنوم مرة أخرى .
عقب الواحدة والنصف استيقظ الأبوان ، على رائحة حريق فنهضا ليجدا النيران وقد اشتعلت بالمنزل ، ركض الأب مسرعًا يحاول إنقاذ أبنائه التسع ، ولكنه لم ينجح سوى في إنقاذ أربعة منهم فقط ، وعندما عاد إلى الداخل لينقذ الآخرين ، لم يستطيع أن بعير من الباب حيث كانت النيران قد وصلت إلى الباب الأمامي ، فعاد الأب خالي الوفاض ولا يدري ما يفعل لإنقاذ أطفاله الخمس ، فكر الأب في استخدام السلم المتحرك ليصعد من الخارج ويشق طريقه إليهم عبر النافذة ، إلا أنه لم يجد السلم قط!
فكر مرة أخرى في استخدام شاحنته ليضعها أسفل نافذة غرفة الأطفال ، ولكنها لم تعمل على الرغم أنه كان يستخدمها طوال اليوم ، وكان قد أوقفها أمام المنزل منذ عدة ساعات فقط ، فحاول تجريب شاحنة أخرى ولكنها لم تستجب في تلك الليلة !
حاول الجيران المساعدة لإنقاذ الأبناء ، إلا أن كافة خطوط الهاتف كانت كلها مقطوعة ، بشكل غريب ومفاجئ ، فكان الاتصال عبر خطوط الهاتف أمر شبه مستحيل ، وبصعوبة بالغة استطاع أحد الجيران أن يتصل بشرطى الإطفاء ، إلا أنها ونظرًا لابتعادها عن مكان الحريق ، وظروف الحرب آنذاك وقلة عدد رجال المطافئ ، وصلت سيارة الإطفاء في الثامنة من صباح اليوم التالي ، وكان المنزل قد تحول إلى كومة من الرماد بالفعل .
علامات استفهام :
قامت السلطات بإغلاق ملف القضية على الرغم من وجود أشياء كثر كان يجب التوقف عندها ، فعند صعود رجال الإطفاء إلى الأعلى لغرفة الأطفال ، لم يجدوا أية عظام أو بقايا لجثثهم ! فكيف ذلك وأين ذهبوا ؟ هل نجوا واستطاعوا الهروب من هذا الجحيم أم ماذا ؟
ولدهشتها سألت السيدة جيني رجال الإطفاء ، فقالوا لها بأن العظام تبقى دون أن تتحول إلى رماد إذا لم يستمر الحريق لأكثر من ساعتين ، وبالفعل حريق عائلة سودر لم يستمر سوى لـ45 دقيقة فقط ، ومن أجل أن تتأكد جلبت جيني بعض هياكل الطيور ، وأشعلت فيها النيران لـ45 دقيقة ثم انتظرت ، لتجد بأن الهياكل تفحمت ولكنها مازالت موجودة لم تتحول إلى رماد ، وكيف لأثاث المنزل أن يبقى في حين تتبخر العظام والدماء !
صمتت العائلة نظرًا لتعمد الحكومة إغلاق هذا الملف الغامض ، وباءت كافة محاولات الزوجين إعادة فتح ملف تلك القضية بالفشل .
شهادات غريبة :
كانت هناك عدة شهادات ومفارقات عديدة أسفرت عنها التحقيقات ، حيث تبين من الفحص أن خطوط الهاتف كانت قد قطعت بآلة حادة ، مما يعني أنها بفعل فاعل أراد أن يضمن عدم تواصل العائلة مع أي شخص للإنقاذ ، كذلك تبين وجود كرة من المطاط بفحصها تبين أنها ما تسبب في اشتعال النيران بالمنزل .
وهنا تذكرت جيني أنها سمعت صوت شيء يتدحرج فوق المنزل بالفعل ، ولعلها كانت قنبلة وكان هذا صوتها عقب أن ألقيت ، وشهد أحد سائقي الحافلات بأنه لمح عدة أشخاص في تلك الليلة ، يشعلون شيئًا ما وهو مار على الطريق ، ولكن الشرطة لم تأخذ بأقوالهم على محمل الجد .
وقالت بأن الحريق قد حدث بسبب ماس كهربائي ، ولكن الأطفال الناجون نفوا هذا الأمر تمامًا ، قائلين بأن زينة أعياد الميلاد ظلت تعمل حتى بعد الحريق ، فكيف حدث الماس الكهربائي ولم تنطفئ تلك الزينة والمصابيح .
لم تتوقف الشهادات المريبة عند هذا الحد ، بل تلقت الشرطة اتصالاً من سيدة ما شهدت بأنها رأت الأطفال الخمسة في سيارة ، تسير على الطريق عقب اندلاع الحريق بدقائق قليلة ، ثم روت شاهدة أخرى بأنها رأت الأطفال أمام فندق يقع بين مقاطعة أميتفيل وتشارلستون وكانوا برفقة رجلان وامرأتان ، أما الشاهدة الثالثة فقد أقرت ، بأنها قد رأت أربعة من الأطفال ليلاً برفقة رجلين وامرأتين ، وجميعهم إيطاليون وحاولت التحدث مع أحد الأطفال فنهرها أحد الرجلين ، واستقلوا جميعًا السيارة وغادروا الفندق على الفور .
نبوءات غامضة :
لم ييأس جورج وجيني سودر في البحث عن خيوط توصلهم لأطفالهم ، ولكن تذكر جورج أن أحد الأشخاص ذهب إليه وحذره من صندوق الكهرباء ، وقال له بأنه سوف يشتعل ولكن بمخاطبة شركة الكهرباء وبالفحص .
تم التأكيد على جورج بأن الأمر آمن تمامًا ، وقبل الحادث بوقت قصير ذهب إليه شخص آخر وطلب منه القيام بالتأمين على المنزل والأطفال ، ولكن جورج رفض فقال له الرجل بأن هذا المنزل سوف يتحول لكومة من الرماد ويلتهم أطفاله !
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل صادفت جيني رجلاً قبل وقوع الحادث بأيام قليلة ، كان يراقب أطفال الخمس وهم عائدون من المدرسة ، ولكنها ظنت بأنها واهمة والآن أدركت أن هناك لغز ما .
لم يقف الأمر عند هذا الحد ، فهو لغز غامض حيث رأى جورج في إحدى الجرائد عقب عدة أعوام ، صورة لفتاة صغيرة تشبه ابنته بيتي التي اختفت عقب الحادث ، بل هو متأكد بأنها هي ، فأخذ العنوان من الجريدة وسافر إلى منزل الأسرة ، ولكن الأبوان رفضا أن يرى لطفلة ، فانصرف جورج حزينًا .
وعقب أعوام طويلة ، تلقت جيني في البريد مظروفًا ليس عليه أي عنوان أو من أرسله ، ولكنه أتى من ولاية كنتاكي به صورة لشاب يشبه ابنها موريس ، فرأى جورج الصورة وقال متيقنًا بأنه ابنه المختفي ، فهو الآن بالفعل يجب أن يكون في الثلاثينات من عمره ، كما أن الشاب يشبه صورة الطفل منذ أعوام طويلة ، بعينيه البنيتين وشكل وجهه ، فخصص الأب محققًا للبحث في الموضوع ، ولكنه لم يستطيع التوصل لأي شيء حينذاك .
لم يهدم الأب المنزل المحترق ، وأقام بدلاً منه حديقة تحمل نصبًا تذكاريًا لأطفاله الخمس المفقودين ، حتى توفى الرجل نفسه ودفن داخل تلك الحديقة ، وظلت جيني تبحث عن أبنائها حتى توفت هي الأخرى ودفنت إلى جوار زوجها .
واستمر الأبناء من بعدهم يبحثون عن أشقائهم ، حتى تساقطوا واحدًا تلو الآخر ، ولم يبق منهم سوى الطفلة التي كانت بعمر العامين فقط على ذراع أمها ، ليلة وقوع الحادث وهي متيقنة تمامًا بأن أشقائها قد تم اختطافهم ولم يموتوا محترقين .