لكل قاعدة شواذ ، وليست الحياة على وتيرة واحدة فمن يظن أن العاطفة تجتاح السيدات وأن كافة الإناث هن مثالاً للرحمة ، فلعل من يعتقد ذلك لابد له من مراجعة نفسه قليلاً ، خاصة مع الجرائم المتعددة التي ارتكبتها العديد من النسوة اللاتي قمن بأبشع ما يمكن أن يجول بخاطرك .
ولكن إذا قلنا أن هناك من قتلت زوجها لأنه عرضها لتجربة خيانة ، أو شقيق اعتدى عليها ، فكيف لأم أن تقتل أبنائها ، وغريزة الأمومة تولد مع الأنثى فورًا ، ولكن تريزا كونر كانت مثالاً حيًا على شذوذ تلك القاعدة الفطرية .
البداية :
ولدت تريزا كونر في عام 1946م ، لأسرة متوسطة الحال وعدد من الأشقاء ، كانت الأمور تسير على ما يرام حتى مرض الأب بشدة وصار قعيدًا لا يستطيع أن يأتي لنفسه بكوب من الماء ، ومع تلك الظروف جاهدت الأم حتى لا تنحدر الأسرة في براثن الفقر .
ولكن الأب لم يكن مهيأ لوضعه قعيدًا مثل أي شخص ، لا يمكنه تقبل حقيقة أن الدائرة تدور على الجميع ، فكان يثور لأتفه الأسباب ويفتعل الصراعات ، مع بناته وزوجته التي حاولت جل جهدها من أجل فتياتها ، ولكن سرعان ما توفت الأم إثر إصابتها بمرض قلبي ، وانقلبت حال الأسرة رأسًا على عقب.
فعلى جانب كانت الأم تعمل لتكفي حاجات الأسرة جميعًا ، والآن اضطر الأب أن يبيع كل ما يملك حتى المنزل الذي يؤويه هو وبناته ، وتشردت الأسرة حيث انتقلت الفتيات كل واحدة إلى دار رعاية أو من تزوجت منهن ، وعلى الجانب الآخر كانت الأم تمثّل الرفيقة الوفية لابنتها تريزا كونر تحيدًا ، وبوفاتها أصيب الابنة باكتئاب حاد وتركت دراستها ، ثم تزوجت مبكرًا من شخص يدعى كليفورد سانديرز.
لم يكن زواج تريزا مستقرًا منذ أن بدأ ، فقد كانت هي وزوجها دائمي الشجار ، ورغم ذلك رزقا كلاهما بمولدها الأول ، إلا أن ذلك لم يستطيع أن يقربهما بل ازدادا بعدًا خاصة وأن تريزا كانت شديدة الغيرة ودائمًا ما تظن بأن زوجها يخونها أو على علاقة بأخرى .
في أحد الأيام وبينما كانت تريزا حاملاً بطفلها الثاني ، دب شجار عنيف بينها وبين زوجها ، وهددها الأخير أنه سوف يخرج ولن يعود إلى المنزل ثانية ، فما كان منها سوى أن رفعت مسدسًا وأصابته في رأسه من الخلف وأردته قتيلاً.
بعد أن تم القبض عليها ، قالت تريزا أن زوجها قد حاول معاشرتها تحت وطأة الخمور التي كان يتناولها ، وقد أوسعها ضربًا فاضطرت للدفاع عن نفسها ، وبالنظر إلى حملها قامت المحكمة بتبرئتها ، ثم أنجبت طفلتها الثانية سرا بعد إطلاق سراحها .
منحى جديد في حياة تريزا :
عقب إطلاق سراحها وإنجاب طفلتها الثانية ، تزوجت تريزا عدة مرات بالتحديد أربعة ، ولكن كان زواجها دائمًا ما يبوء بالفشل ، إما لشدة غيرة تريزا أو أنها هي من كانت تخون زوجها ، ففي إحدى الزيجات كانت تريزا قد أقامت علاقة جنسية مع أحد أصدقاء زوجها ، فطلقها الأخير.
ومما زاد من تدهور حالها أن أصبحت تعاقر الخمور وترتاد الملاهي الليلة ، في حين كانت تترك أطفالها مع أزواجها ولا تعود المنزل سوى في ساعات متأخرة من الليل ، ومع ضيق حالها بدأت تريزا في ضرب أبنائها ، مما دفع ابنها الأكبر هارولد إلى مغادرة المنزل نهائيًا ، بينما روى جيرانها أن منزلها كان غاية في القذارة وتفوح منه رائحة البول ، وأنها كانت تتلذذ بتعذيب أطفالها بشتى أنواع الطرق من الحرق بالسجائر وإلقاء الأدوات الحادة مثل السكاكين عليهم .
لم يكن الأطفال يتحدثون إلى أي شخص وكان يبدو عليهم التوتر بشكل دائم ، ولكن هذا لم يثر شفقة أمهم تجاههم ، فقد بدأت تريزا تغار من ابنتيها سوزان وشيلا ، حيث بدأتا تنضجان وتبدو عليهما معالم الأنوثة والجمال ، فما كان منها سوى أن ظنت بأن أحد أزواجها قد حول ابنتها سوزان إلى ساحرة وهي من لعنتها بالسمنة والقبح.
ما أن استقرت تلك الفكرة في رأس تريزا حتى أذاقت سوزان ابنتها كافة أنواع التعذيب ، وعندما نجحت المسكينة في الهروب من المنزل والذهاب إلى الشرطة ، قاموا بإعادتها إلى المنزل مرة أخرى ، عندما ادعت أمها أنها مصابة بخلل عقلي.
وفي إحدى المشادات الكلامية بين سوزان وتريزا رفعت تريزا مسدسها وأطلقت النار على ابنتها سوزان ، ولكن الرصاصة استقرت بجسدها ولم تمت ، وما كان من أمها سوى أن وضعتها داخل حوض الاستحمام ، وتعافت سوزان وعاشت والرصاصة في ظهرها ، وعقب ذلك بعدة أسابيع طعنتها أمها بالمقص ولكنها نجت أيضًا ، وبالطبع ضمدت تريزا الجرح سطحيًا فقط .
ضاقت الابنة ذرعًا بما يحدث لها ، وأبلغت أمها أنها سوف تغادر المنزل ، فوافقت تريزا بشرط أن تستخرج الرصاصة من ظهرها حتى لا تتعرض لمساءلة القانون ، وافقت سوزان وما كان من الأم سوى إعطائها بعض أدوية الهلوسة ، وبدأت في نزع الرصاصة ولكن الفتاة نزفت بشدة ، فحملتها أمها وأشعلت بها النار وألقتها في أحد الوديان.
بعد وفاة سوزان ، ألقت تريزا بنظرها على ابنتها شيلا فقامت بإرغامها على ممارسة الدعارة ، حتى تستطيع أن تجني من خلفها الأموال ، وبالفعل سارت الأمور على ما يرام حتى اشتعلت تريزا غضبًا ، واتهمت شيلا بأنها قد جلبت لهم أمراضًا جنسية معدية ، ونلقتها لهم عن طريق المرحاض المشترك ورغم نفي شيلا ، إلا أن أمها قامت بتجريدها من ملابسها .
ووضعتها في إحدى الغرف وأغلقت الباب خلفها ، وأمرت أبنائها بألا يقدموا لها طعامًا أو شرابًا ، وبالفعل فعلوا ذلك حتى ماتت الابنة جوعًا وعطشًا ، ولم يلحظوا ذلك حتى تحللت الجثة ، فأمرت تريزا أبنائها بأن يأخذوا الجثة ويدفنوها ، ونفذوا ، وعثرت الشرطة عليها ولكنهم لم يستطيعوا التعرف عليها مثل سوزان.
تخلصت تريزا من الجثة ولكن بقيت الرائحة عالقة بالمنزل ، فخشيت أن يفتضح أمرها فأمرت ابنتها الصغرى تيري بسكب البنزين وإشعال النار بالمنزل ، وبالفعل قامت الابنة بالتنفيذ ولكن الجيران نجحوا في إطفاء الحريق قبل أن ينتشر ، ولم يتضرر المنزل كثيرًا ، فرهبوا جميعًا الأم وأبنائها ، وتفرقوا كل في اتجاه .
فأخذت تيري هوية أختها شيلا لتعيش وحدها كبالغة ، بينما ذهب روبرت مع أمه إلى ولاية أخرى ، وظلا بها حتى تم القبض على روبرت في مقتل أحد الأشخاص ، عند محاولته القيام بسرقة أحد المتاجر ، فتركته الأم وهربت إلى ولاية أخرى.
بعد عدة سنوات قامت تيري بالإبلاغ عن أمها وروت ما حدث ، وعندما تأكدت الشرطة لاحقت الأم والتي سرعان ما تم القبض عليها ، وأخذت تصريحًا بعدم عقوبتها بالإعدام ، في مقابل الاعتراف بجرائمها ، وتقضي تريزا حاليًا فترتين من السجن المؤبد.