نهض محمد من فراشه وغلبه الكسل والخمول ، ثم ارتدى ملابسه وتوجه إلى منزل جده وكان قد أبلغ من قبل أخيه ناصر ، أنه سيعود من أمريكا وطلب منه آلا يخبر أحد عن وصوله ، وقبل موعد الوصول استقبل محمد رسالة على جواله ، كانت من آخيه ناصر ويطلب من محمد انتظاره في المخزن ، عند حلول الساعة التاسعة .
شعر محمد بشعور غريب وأقشعر بدنه وتسارعت نبضات قلبه ، وتسائل عن سر ذلك اللقاء في المخزن لكن ربما ، للترتيب لمفاجأة الأسرة بقدومه ، ولكن محمد حاول تحدي خوفه ونهض من مكانه ، وأسرع نحو المخزن واختبأ بين صناديق المخزن ، حتى يفاجئ آخيه عند قدومه ، وبحلول الساعة التاسعة سمع محمد صوت آخيه ناصر يتحدث مع أحدهم .
أنار محمد نور الكشاف وتحرك نحو مصدر الصوت ، وإذ بناصر ملقى على الأرض ملطخاً بالدماء ، فامتلآ محمد بالرعب وكان يقف شخص بجوار ناصر يشبه ابن عمه ، وعندما سأله محمد عن فعلته أخبره ، أنه أمر طبيعي حدوثه وأنه هو الذي قتل آخيه ناصر .
فشعر محمد أنه في وهم وكل ما يراه مجرد خيال ، وليس حقيقي وبكي بحسرة وصرخ على أخيه ناصر ، ولكن طلب منه ذلك الشخص الصمت ، وكان كلما يعاود محمد ويسأله عن سبب قتل ناصر ، يتغير وجهه ويتحول إلى شخص أخر .
استيقظ محمد وكان في غرفته فسأل آخته ، عن كيف وصل إلى غرفته فأخبرته أنه وجده فاقداً للوعي في المخزن ، فسأل محمد نفسه هل ما رآه كان وهم أم ماذا ؟ ، وأسرع بالإمساك بجواله وأرسل رسالة إلى أخيه ناصر ، ليطمئن عليه فأجابه أخيه بأنه بخير ، ولم يصيبه مكروه فشكر محمد الله على سلامة أخيه ، بل وأخبره أن موعد رحلته قد تأخر وسيصل الغد .
هنا جن جنون محمد وتساءل عن ما رآه ، خاصة عندما سألته أخته ، عن سبب ذهابه للمخزن في ذلك الوقت المتأخر بالأمس ، حين وجد فاقداً للوعي ولم يجب محمد ، وظل محمد يسأل نفسه ، كيف فقد وعيه .
وعند حلول الصباح قرر محمد التوجه مرة أخرى ، إلى المخزن وفتح الباب وكانت أشعة الشمس ، تمر عبر نافذة المخزن ولم يكن محمد بحاجة للكشاف للرؤية ، وتفحص محمد أرضية المخزن للعثور على آثار دماء .
ولكنه لم يجد فسقط على الأرض ، وظل يبكي وشعر بأنه مريض بالأوهام ، وهنا لاحظ محمد اُثر دماء على أحد الصناديق الموجودة في المخزن ، وعاد محمد إلى غرفته وانتظر حتى الغد حيث سيصل أخيه ناصر ، في تمام الساعة الثالثة فجراً كما أخبره في رسالة أخرى ، وقبل الميعاد توجه محمد نحو المطار .
ظل محمد ينتظر قدوم أخيه حتى حلت الساعة السادسة صباحاً ، ولم يجيء فعاد بخيبة أمل ممزوجة بالقلق ، فأمسك بجواله وراسل أخيه ليخبره أنه ظل ينتظره بالمطار ، ولكن أرسل له ناصر رسالة يخبره أنه لن يأتي ، وتحير محمد من تغيير رأي أخيه ، وأحس محمد بأن هناك شيء ما لا يعلمه حول ناصر ، خاصة وأن أسلوب كتابة رسائله قد تغير .
عاد محمد وفي اليوم التالي أستيقظ محمد على دقات جواله ، وإذ به أحد يخبره بموت ناصر أخيه ، وأرسل له صورة كانت تشبه ما رآها من قبل في المخزن ، عن مقتل آخيه ناصر وكان الصوت الذي تحدث له مألوفاً بالنسبة له ، بل وبعد ثواني معدودة وصلت رسالة على جواله تطلب منه أن يلتزم الصمت ، وإلا سيصيبه مكروه أن باح بمقتل ناصر أو ما رآه في المخزن .
أرسل محمد رسالة لذلك الشخص ليسأله عن قصته ، وكانت الأفكار والخوف تغزو قلبه وعقله ، وظل ثلاثة أيام لا يخرج من غرفته وبقي بدون طعام أو شراب ، ولاحظ الكل تصرفات محمد الغريبة ، فلم تكن من عادته المكوث في المنزل ، وعاد محمد يسترجع رسائله الخاصة مع ناصر .
وقتها تفا جيء بوجود رسالة جاءته من شهر مضى ، يخبره فيها بأنه يشك أن ابن عمه يعمل في تزوير تصريحات السفر في أمريكا ، وأخبره أنه اكتشف ذلك الأمر يوم مكوثه معه يومين في مسكنه ، دون سبب يذكر بل وهدده ابن عمه أنه لو باح بسره ، سيقتله وهنا شك محمد أن ابن عمه هو من قام بقتل ناصر .
لكن ظلت الكثيرة من الأسئلة تراود محمد ، حول تلك المكالمة والصورة والحلم ، وما حدث في المخزن وظن محمد أنه يتوهم ، بل وحاول أوقات أخرى فك تلك الألغاز لكن دون جدوى .
وبعد عدة أيام جاءت مكالمة هاتفية أخرى من الشخص ذاته ، فأسرع محمد بالرد على الجوال ، وأخبره ذلك الرجل أنه يعلم حيرته وكل ما يدور في ذهنه ، وعلم محمد أن ابن عمه سمع مكالمته ، وعلم بقدوم ناصر .
وانتظره في المخزن لأنه علم بلقائه لمحمد هناك ، خشية أن يكشف أمره وأن ما رآه محمد كان حقيقة وليس وهم ، ولكن سرعان ما جمع ابن عمه آثار جريمته وحاول تمويهها بإرسال رسائل هاتفيه ، من جوال ناصر ليضلل حول فعلته ، لكن عندما أسترجع محمد الرسائل وربط الأحداث معاً ، تأكد من أن ابن عمه من قام بتلك الجريمة البشعة ، وقرر الابلاغ عنه.