كانت محاكمة ماري سميث من أشهر المحاكمات التي جرت في بريطانيا في القرن التاسع عشر وشغلت الرأي العام ، ومازال متخصصين الطب الشرعي يحاولون تحليلها لإثبات إدانة ماري سميت حتى اليوم .

كانت سميث تنتمي لأسرة من الطبقة المتوسطة وكانت هي الابنة الكبرى لوالديها من بين خمسة أبناء ، وكان والدها مهندس وأثري من جلاسكو يسمى جيمس سميث ، أما والدتها فهي ابنة المهندس المعماري البارز ديفيد هاميلتون ، وكانت سميث تعيش في منزل عائلتها في ساحة بليستوود بجلاسكو ، وكانت العائلة تملك أرضًا في منطقة ريفية بالقربق من هيلينسبرج .

وبالرغم من أن العائلة كانت تراعي التقاليد الفيكتورية الصارمة السائدة في ذلك الوقت ، إلا أن الشابة سميث فضلت عدم التقيد بتلك التقاليد ، وبدأت علاقة حب سرية مع شاب يسمى بيير إميل لانجيلير ، وكان لانجيلير من جزر القنال ولكنه أتى إلى جلاسكو ليعمل في أحد المشاتل هناك .

وكانت سميث تلتقيه دائمًا في وقت متأخر من الليل عند نافذة غرفة نومها ، وكانا يتبادلان الرسائل ، وقد وصل الأمر إلى أن تفقد عذريتهما معه بعد أن وعدها بالزواج ، أما والدا سميث فلم يكونا يعرفا شيئًا عن هذه العلاقة ، وقد اختارا لابنتهما خطيب مناسب ينتمي لطبقة الوسطى في جلاسكو وهو وليام هاربر مينوتش .

ولأن سميث لم تجرؤ على إخبار والديها بعلاقتها مع لانجيلير ، فقد قررت قطع العلاقة معه وطلبت منه أن يعيد إليها رسائلها ، ولكنه رفض طلبها وهددها بفضحها باستخدام هذه الخطابات إذا لم تتزوج منه وكان ذلك في فبراير1857م ، وبعد ذلك بفترة قصيرة شوهدت سميث وهي في أحد محلات بيع العقاقير وقد قال البائع أنها اشترت زرنيخ ، ووقعت على إيطال الشراء باسم إم.إتش.سميث .

وفي صباح يوم 23 مارس 1857م عثر على لانجيلير ميتًا ، وتم تحديد سبب الوفاة بأنه تسمم بالزرنيخ ، ودفن في مقبرة رامشورن ، وبعد دفنه عثر على رسائل سميث في شقته ، وهذا جعل أصابع الاتهام تتجه إليها ، وتم القبض عليها بتهمة قتل لانجيلير .

كلفت عائلة سميث المحامي جون إنجلز للدفاع عنها ، وقام المدعي العام بتقديم دليل دامغ على أن لانجيلير قد مات نتيجة التسمم بالزرنيخ إلا أنه لم يقدم أدلة تدين ماري سميث بتهمة القتل ، على الرغم من أنها اشترت الزرنيخ قبل عدة أيام من الحادث ، ولكن هيئة المحلفين لم تجد أن هذا دليل دامغ ضدها ، وأيضًا فإن الرسائل التي عثر عليها في شقة لانجيلير ، لم تكن مؤرخة ، ولم يعثر على معظم مظاريف تلك الرسائل لمعرفة تسلسلها الزمني وربطها بالجريمة ، ولذلك قررت هيئة المحلفين أنها غير مذنبة ، وتم إخلاء سبيلها .

وبالرغم من أن ماري سميث أصبحت حرة إلا أن سمعتها أصبحت سيئة ولم تستطيع أن تعيش في اسكتلندا بعد ذلك ، فسافرت إلى لندن ، وحصلت لنفسها على اسم جديد ، وقد تزوجت في عام 1861م من فنان يسمى جورج واردل ، وأنجبت منه ابنتها ماري في عام 1863م وابنها توماس في عام 1864م ، ولكنها انفصلت عنه في عام 1889م ، وانتقلت لتعيش في نيويورك في عام 1916م ، وتزوجت مرة أخرى ، وعاشت هناك حتى وفاتها في عام 1926م .

وكما هو الحال ي مثل تلك القضايا التي أثارت الرأي العام ، فإن معظم خبراء علم الجريمة ، حاولوا دراسة تفاصيل القضية ، وقد خلص معظمهم إلا أن سميث قد قتلت لانجيلير بالفعل ، ولكن الشيء الوحيد الذي أنقذها هو أنه لم يوجد أي شاهد قد رآها وهي تلتقي بلانجيلير قبل موته .   

By Lars