نعني بالسينما الصامتة ، الصور المتحركة التي تصاحبها الموسيقى ، دون حديث أو كلام يذكر من الأبطال ، الذين يؤدون أدوارهم أمام الكاميرا ، في صمت تام دون كلام ، فقط مجرد حوار بالأيدي من أجل توصيل المشاعر ، وما يريد البطل دون احتياج إلى كلام ، أو حوار مكتوب وسيناريو بين الأطراف ، وبالتالي تُخلق القصة دون حديث ، فقط تصاحب الموسيقى هذا العمل ، ولهذا عرفت باسم السينما الصامتة .
البداية عند الأخوين لوميير :
مثلها مثل أي شيء آخر ، خاضت السينما الصامتة عددًا من المراحل ، وشهدت فترات تطور كثر ، طورت من خلالها نفسها ، بعد أن كانت تعتمد على الصورة فقط ، فهل يوجد على البسيطة من لا يفهم لغة الصورة فقط ؟
فأي شخص حول العالم يفهم لغة الصورة ، مهما كانت جنسيته أو لغته أو عرقه ، ولهذا كانت السينما الصامتة مجردة من الأصوات ، ويتخللها موسيقى في بعض الأحيان ، فساعد كل هذا على وصول السينما ومحتواها في البداية ، إلى كل الأشخاص حول العالم ، وكان الوصول يسير .
وكانت بداية الفكرة في السينما الصامتة ، هي الحاجة لتصوير الحياة اليومية الحية ، وتوصيلها إلى المجتمع ، فأتت السينما الصامتة مستخدمة إمكانياتها البسيطة ، مفتقرة إلى تقنيات دمج الصوت في هذا الوقت .
كان أول من بدأ تقنيات السينما الصامتة ، هما الأخوين لوميير قبل مائة وعشرين سنة مضت ، وتحديدًا في عام 1896م ، حيث قاما بإجراء عدد من التجارب ، بناء على خبرات من سبقوهما ، لينجحا في إنتاج أول فيلم صامت في التاريخ ، بمدينة ليون بفرنسا ، وكانت التجربة عبارة عن تركيب كاميرا ، بمساعدة المصور ألكسندر بروميو ، وعملوا على تصوير مجموعة من العاملين في لحظات انصرافهم من أحد المصانع ، وكانت مدة الفيلم في هذا الوقت ، عبارة عن أربعين ثانية ، وخرج الفيلم الذي كان يحمل عنوان الخروج من المصنع ، إلى النور والجمهور .
وفي الفترة من 1896م وحتى عام 1905م ، قدم الأخوين لوميير ألف وخمسمائة فيلمًا ، كانت جميعها صامتة ولا تتجاوز مدتها الدقيقة الواحدة ، واتخذوا من المقاهي مكانًا لعرض إنتاجهم مثلها مثل دور العرض الحالية ، حتى وصلت أعمالهم محطات العرض المغلقة ، والمعروفة باسم نيكلوديان ، ثم تطور الأمر في اليابان وبدأ أحد الأشخاص ، يقف إلى جوار الممثلين يسرد الأحداث الصامتة ، فيما عرف باسم وظيفة بينشي ، إلا أنها لم تنتشر واقتصرت على أماكن محددة فقط .
باستر كيتون الذي أصبح عاطلًا بظهور السينما الناطقة :
عُرفت السينما الصامتة ، بممثليها الذين كانوا يؤدون أدوارًا صامتة ، إلا أنهم تركوا علامات جيدة وانطباعات مهمة لدى الجمهور ، وكان من بين هؤلاء جوزيف فرانسيس كيتون ، الشهير باسم باستر كيتون ، وهو أشهر ممثل كوميدي بالسينما الصامتة ، باعتراف كافة المنتجين والمخرجين حول العالم ، حيث تحسب له بداياته من السينما الصامتة أولاً .
ولد كيتون في أميركا بولاية كنساس عام 1895م ، وعملت أسرته في المسرح الكوميدي ، لتنمو موهبة كيتون في التمثيل بدوره ، وبدأ أولى أدواره في السينما الصامتة ، وتميز بوجهه الخالي من التعبيرات ، ولقب في هذا الوقت بالوجه الحجري ، حتى وصل الأمر إلى أن هذا الوجه المتحجر ، هو ما جعله كوميديًا فيما بعد ، لينال شهرته .
وقد قدم كيتون عددًا من الأفلام الصامتة ، في الفترة بين عامي 1920م و1929م ، حتى افتتح استوديو خاصًا به ، واتجه إلى إنتاج عددًا من الأفلام ، لا يتجاوز حجمها العشرين ثانية ، وفي عام 1923م أنتج كيتون ، أول فيلم له بعنوان ثلاثة عصور ، إلى أن ظهرت السينما الناطقة ، فتحول كيتون إلى عاطل ، وتوفي في عام 1966م عن عمر ناهز الواحد وسبعين عامًا .