يمتلئ عالم الأزياء والموضة دائمًا بكل ما هو مثير وجديد ، فهو لا يتوقف عن مفاجئتنا بأحدث وأجمل وأحيانا أغرب الصيحات التي تكون محط أنظار الجميع ، فمع كل عام جديد تبرز أسماءً وتلمع أخرى في سماء هذا الفن الجميل ، ولعل أكثر الأسماء بريقًا في هذا المجال كان تتبع المصممين الأجانب ، إلى أن استطاعت مؤخرًا بعد الأسماء العربية أن تحفر لها مكانًا ذو بريق آخاذ ، وعلى رأسهم مصممة الأزياء الكويتية نجود بودي .
بدايات نجود :
وتعتبر نجود عبدالله بودي واحدة فتيات العوائل الكريمة بالكويت ، التي اختارت لنفسها مكانًا في وقت كان من الصعب فيه على المرأة العربية أن تنتهج مجال العمل الحر خاصة في عالم الأزياء والموضة ، ولكن عشق نجود للتصميم والملابس كان هو المحرك الأساسي لها ، فلم تكتفي بموهبتها واتجهت للدراسة في بريطانيا وبالفعل تخرجت من قسم فنون الأزياء في التسعينات ، وهي على دراية واسعة بفنون الموضة ودهاليز عالم الأزياء .
أول عروضها في عالم الأزياء :
شاركت نجود في العديد من المسابقات واستطاعت أن تخطف بتصميماتها المركز الأول ، وفي عام 1995م استطاعت نجود أن تطل برأسها للنور من خلال عرض الأزياء الذي استوحته من أغنية إسبانية ، واعتمد عرضها على الطراز الأندلسي ، أما عن الخامات التي كانت تستخدمها المصممة الكويتية نجود ، فقد اعتمدت على الحرير الهندي المعالج والبروكار الصيني ، والجدير بالذكر أنها هي من كانت تقوم بعمليات المعالجة ، حتى تخرج القطعة كما أرادت هي.ووض
الطراز الهندي :
طغى الطراز الهندي على الكثير من أعمال نجود ، ولعل هذا بسبب حضارة الهند العميقة وألوانها الخلابة ، فهناك اتجاه قوي في الأسواق العالمية للاعتماد على الطراز الهندي ، وهذا ما يجعل المستهلك العربي يفضل اقتنائه خاصة بعد أن اعتمده الغرب ، فالألوان الهندية متنوعة وجريئة وأحيانًا تكون صاخبة ، ولكن عند دمجها بطريقة ما تصبح رائعة ومناسبة لكثير من المجتمعات .
إقبال المملكة على تصميمات نجود :
لقد تجاوبت المرآة السعودية مع تصميمات نجود بودي بطريقة فاقت كل توقعاتها ، فعلى عكس الكثير من نساء الخليج اللاتي لا يقبلن تغيير مصمميهم بسهولة ، كانت هي الأكثر جرأة في التغيير والبحث عن كل ما هو جديد ، ومميز بغض النظر عن اسم المصمم ومدى شهرته ، لهذا اعتادت نجود أن تضع لها قدمًا في المملكة ، بسبب الترحيب والحفاوة التي قوبلت بها أعمالها هناك .
ومن العروض التي قدمتها في الرياض عرض جبال الهيمالايا للأزياء الشتوية ، والذي اعتمدت فيه على الكاشمير الفاخر في طراز قريب للأفغاني والكمبودي ، مع بعض التطريز اليدوي المتقن على كل قطعة قامت بعرضها ، حتى ينال المنتج في النهاية رضا واستحسان جمهور المملكة ، وللعباءة الخليجي مكانة خاصة في أعمال نجود حيث اعتمدت على قماش الشماغ الذي يرتديه العربي ولكن باللون الأسود ، وقامت بالعمل عليه .
عطر نجود :
من الرائع أن تلك المصممة الكويتية لم تتوقف عند عالم الأزياء فقط ، بل امتد شغفها بالإكسسوارات والعطور لأنها كانت ترى أنها أشياء مكملة للملبس ، وتعتبر أول مصممة عربية تطلق عطر من إنتاجها ، وعن قصة إطلاقها للعطر تقول أنه استوحته من عطر كانت تستخدمه جدتها ، وبتحليلها للعطر في فرنسا وجدت أنه خليط من الجوري والياسمين والمسك ، فأضافت عليه مزيج الفواكه وأطلقت عطرها المميز “جود” .
المحطة الأخيرة في حياة نجود :
لم يمهل الوقت المصممة المبدعة نجود لتخرج كل ما في جعبتها من جمال ، فأثناء وجودها بلندن تعرضت للكشف الطبي بإحدى العيادات إثر شعورها بالمرض ، وبعد الفحص والتحليل علمت أنها مصابة بمرض السرطان ، وبعدها ماتت في سن الـ 38 ولكنها ، تركت وراءها إرثًا عريقًا استطاعت صنعه في سنوات بسيطة ، ليتخلد بذلك اسم نجود بودي لدى الأمة العربية والغرب .