ولد عشوان الدوسري بمحافظة السليل الواقعة جنوب الرياض عام 1968م ، وكان عشوان في صغره يعاني من التأتأة في نطق الكلمات ، وهذا الأمر جعله محل سخرية ممن حوله حتى أنهم لقبوه بالطريم لذا كان عشوان يجنح كثيرًا للصمت ، وفي بعض الأحيان الأخرى كان أقرانه ينادونه بالمخبول نظرًا لأنه يفكر بطريقة مختلفة عنهم .
كان عشوان يشعر بالحرج من سخرية أقرانه ، وكان ينفرد بنفسه ويبتعد عن الناس دائمًا ، وكان كلما ازدادت سخرية الصبية من طريقة كلامه أو الطريقة التي يفكر بها ، كان عشوان يزداد صمتًا وتأملًا ووصل به العزوف أنه بعد وفاة والدته قرر مغادرة المدرسة وهو المرحلة الثانوية ، ليصبح جنديًا بصفوف القطاع العسكري .
وأثناء مشاركة عشوان في حرب تحرير الكويت عام 1990م ، لاحظ طريقة عمل الجنود الأمريكان ولمعت في رأسه عدة أفكار مختلفة لاختراعات تساعد في حل مشكلة هبوط الطائرات من دون عجلات ، بالإضافة إلى حل لمشكلة إطفاء حرائق أبار النفط بشكل لا يؤثر سلبًا على البيئة ، وأيضًا أوجد حل لمشكلة إخلاء المباني المرتفعة في فترات الكوارث .
وحينما انتهى عشوان من اختراعاته الثلاثة قام بعرضها على الجهات المختصة ، وظل يحاول ويحاول حتى استطاع الوصول إليهم ولكن كان الرد على ما تقدم به صادمًا ، حيث قالوا له : لو كانت تلك الأفكار نافعة لما انتظر الأمريكان والأوربيون واليابانيون ولكانوا قد سبقوك إليها ، فلم يستسلم لهم عشوان وذهب لملاقاة أحد المسئولين بمراكز البحوث ، ولكنه للأسف تلقى صفعة أخرى حينما قالوا له : ” روح ارقد بس “.
حينها توجه عشوان وهو محبط إلى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لعله يجد هناك الأمل الذي يبحث عنه ، حيث تقدم لهم بطلب لإثبات براءة اختراعاته الثلاثة ، وبعد سنوات من المحاولة والجهد لم يختلف ردهم عن الجهات الأخرى التي رأت في أفكار عشوان دربًا من الجنون ، وبدأوا في تعجيزه حتى لا يعاود زيارتهم مرة أخرى ، فقالوا له : أنت لا تمتلك شهادة علمية وينبغي أن تكون فكرتك تلك مقدمة بشكل مكتوب هي وطلب براءة الاختراع .
فكان هذا الرد هو الدافع الذي أعاد عشوان إلى صفوف التعليم حيث انتظم في صفوف الدراسة الليلية وأنهى المرحلة الثانوية ، واشترى حاسوب لنفسه أخذ يبحر به في عالم الإنترنت وتعلم كيف يكتب عليه أفكاره ، وبعدها تقدم مرة أخرى لهم بفكرة حاضنة الطائرات ، ولكن جاء ردهم أن تلك الفكرة مسجلة مسبقًا في كل من ألمانيا وأمريكا وروسيا وبريطانيا ، ولهذا لا يمكن قبول طلبك .
فسأل عشوان الشخص المختص هناك : وهل هناك ما يمنع أن تكون السعودية هي الدولة الخامسة التي تسجل براءة هذا الاختراع خاصة أن فكرتي مختلفة تمامًا مع أفكارهم ، ومع إصرار عشوان على تقديم فكرته طلب منه المسئول أن يكتب تقرير مفصل عن الاختلافات الموجودة بين الاختراعات الأربعة وفكرته ، فاضطر عشوان لترجمة الدراسات الأربعة وتقديم تقرير عنها ليثبت اختلاف اختراعه وتميزه عنها ، واستطاع فعلًا حينها الحصول على براءة اختراع لمشروعه عام 2001م .
وكان هذا حافزًا له على مراسلة شركة إيرباص العالمية ليعرض عليهم مشروعه ، ويطلب منهم تطبيقه على إحدى الطائرات ، فكان ردهم عجيبًا أن هذا الاختراع فريد من نوعه وأنهم على استعداد لشراء براءة الاختراع مقابل ستة وستين مليون دولار ، فلم يصدق عشوان عينيه عندما قرأ خطاب الشركة ، والتقى بالمسئولين العسكريين قبل أن يقدم على أي خطوة ، ليتحول الأمر بذلك إلى شراكة بين جهة رسمية وشركة عالمية وذلك لحماية عشوان ومشروعه .
بعدها بدأت تنهال طلبات شراءه براءة الاختراع محليًا على عشوان ، حينما علم الجميع برغبة إيرباص في شراء براءة الاختراع ، ولأن عشوان كان يدرك أنه على أعتاب مجد كبير رفض ذلك ، ولكن نتيجة لرفضه تم تجاهل مشروعه ووضع العوائق أمامه حتى جاءت هجمات سبتمبر ونصحه أحدهم أن يتخلص من فكرته وأوراقه لأنه تعمق في مجال الطيران ، وقد يشكل هذا خطرًا عليه .
وبالفعل تخلص عشوان من أوراقه ودمر حاسوبه ، ولم يبقى هناك أي معلومات تخص المشروع سوى فقط في رأسه ، ورغم كل تلك الإحباطات لم يتوقف عشوان واستكمل طريقه فالتحق بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك عبد العزيز انتسابًا ، وتخرج منها وأثناء رحلاته المتكررة للصين ابتسم له الحظ عام 2011م حينما اتصلت به مؤسسة موهبة ليشارك بمعرض نورمبيرج الألماني للمخترعين .
وبالمعرض قدم مشروع حاضنة الطائرات وحصل به على الميدالية الذهبية عالميًا وهكذا عاد مشروعه للحياة من جديد بعد صبر على العوائق وإصرار على النجاح ، وليس هذا فحسب لقد حصل عشوان على الماجستير وتخلص من التأتأة التي كانت تلازمه في صغره ، ليبهر العالم باختراعاته وأفكاره التي كان يظنها أقرانه سابقًا دربًا من الجنون والخبل .