طه حسين هو الأديب والناقد المصري الكفيف الذي حصل على لقب “عميد الأدب العربي” ، وقد أصبح من أبرز الأدباء بالحركة الأدبية الحديثة ، ولازالت مواقفه وأفكاره تثير الجدل حتى الوقت الحالي .
مولده ونشأته :
وُلد طه حسين في صعيد مصر خلال عام 1889م ، وكان الابن السابع من بين ثلاثة عشر آخرين ، فقد بصره وهو لم يبلغ الرابعة من عمره حيث أُصيبت عيناه بالرمد ، وقام أهله باستدعاء الحلاق لعلاجه بدلًا من الطبيب وذلك نتيجة لحالة الجهل التي كانوا يعيشون بها .
كان يعمل والد طه حسين كموظف بسيط بشركة السكر ، وقد قام بإرسال طه إلى الشيخ محمد جاد الرب داخل كُتاب القرية كي يتعلم القرآن الكريم واللغة العربية والحساب ، وقد حفظ القرآن الكريم في فترة قصيرة أذهلت جميع من حوله ، وكذلك حفظ ألفيه بن مالك ومجموع المتون .
تعليمه :
التحق طه حسين بالأزهر الشريف عام 1902م ليتعلم الدراسات الدينية والعلوم العربية ، وحصل على شهادة تؤهله إلى الدراسة الجامعية والتي التحق بها حينما أُتيحت الجامعة المصرية خلال عام 1908م ، ليكون بذلك أول المنتسبين إليها .
درس طه حسين الحضارة الإسلامية والعلوم العصرية والجغرافيا والتاريخ ، كما تعلم عددًا من اللغات الشرقية أمثال السريانية والعبرية والحبشية ، وكان يقوم بحضور الندوات ودروس الأزهر بانتظام وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1914م ، وكان موضوع رسالته الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط هو “ذكرى أبي العلاء” ؛ حيث قام أحد أعضاء البرلمان باتهامه بالزندقة والمروق والخروج عن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف .
وقد قامت الجامعة المصرية في نفس العام الذي حصل فيه على الدكتوراه بإرساله إلى فرنسا من أجل متابعة تعليمه ، وهناك درس الآداب والتاريخ وعلم النفس ، وعاد إلى مصر خلال عام 1915م ، وأثار العديد من الخصومات بعد عودته نتيجة لتحدثه عن الفوارق بين تعليم الأزهر وتعليم الجامعات الغربية .
اتخذ المسؤولون قرارًا بحرمان طه حسين من إتمام بعثته إلى الخارج ، ولكن السلطان حسين كامل قد تدخل في الأمر ومنع تنفيذ القرار ، وعاد طه حسين إلى فرنسا مُجددًا إلى فرنسا وواصل رحلته التعليمية ، وقام بإعداد موضوع رسالة الدكتوراه الثانية والتي صدرت بعنوان “الفلسفة الاجتماعية عند بن خلدون”.
وقد حصل أيضًا على دبلوم الدراسات العليا في مجال القانون الروماني بدرجة امتياز ، وقد تزوج خلال فترة تواجده في فرنسا من السيدة “سوزان بريسو” وهي فرنسية سويسرية ساعدته على الاستزادة من الاطلاع أكثر على اللاتينية والفرنسية ، وقامت بدور القارئ له للكثير من المراجع .
عودته إلى مصر :
عاد طه حسين إلى مصر خلال عام 1919م ، وتم تعيينه في الجامعة المصرية كأستاذ في التاريخ اليوناني والروماني ، كما عُين أستاذًا للأدب العربي خلال عام 1925م من قِبل وزارة المعارف ، ثم أصبح عميدًا لكلية الآداب عام 1928م .
وقد قدّم استقالته من عمادة الكلية بعد يوم واحد فقط نتيجة لبعض الضغوط الأدبية والمعنوية التي ألمت به من قِبل الوفديين الذين كانوا خصومًا له لأنه كان ينتمي إلى الأحرار الدستوريين ، وتمت إعادته إلى عمادة الكلية خلال عام 1930م ، ولكنه رفض نتيجة بعض الخلافات مع المسؤولين.
تمت إحالة طه حسين إلى التقاعد خلال عام 1932م ، فاتجه إلى العمل الصحفي ، وبعد رحلة قصيرة في العمل الصحفي تمت إعادته ليعمل أستاذًا للأدب بالجامعة المصرية خلال عام 1934م ، ثم أصبح عميدًا للكلية عام 1936م ، ولكنه استقال لخلافه مع الحكومة وعاد للتدريس ، وأصبح مديرًا لجامعة الإسكندرية خلال عام 1942م ، كما أنه كان يعمل أيضًا في تلك الفترة كمستشار فني بوزارة المعارف ، وقد أُحيل إلى التقاعد مرة أخرى عام 1944م ، وقد تم تعيينه وزيرًا للمعارف خلال عام 1950م .
ترك طه حسين منصب الوزير خلال عام 1952م ، وقد عاد إلى الجامعة خلال عام 1959م ليعمل كأستاذ غير متفرغ ، وعاد أيضًا إلى العمل الصحفي ليصبح رئيس تحرير جريدة الجمهورية ، وقد توفي خلال عام 1973م .