كان لحب المعرفة والاستطلاع تأثير كبير على تشكيل حياة حميد بن سلطان الشامسي ؛ الذي أصبح أديبًا ومؤرخًا شهيرًا بالإمارات العربية المتحدة ، حيث كان يهوى الثقافة والمعرفة حتى تشبع من صنوف العلم المختلفة التي جعلت منه رجلًا يستطيع تأريخ الأحداث بشكل واضح وبصورة صادقة.
مولده ونشأته :
ولد الشامسي خلال عام 1896م في مدينة أم القويين ؛ حيث كان يقع بيته تقريبًا خلف الحصن الخاص بأم القويين في الحي القديم ، وهناك عايش الكثير من رجال العلم وأصحاب النفوذ والأعيان ، حيث كانت الحياة في تلك المدينة تتشكل من خلال الحصن وما حوله لأنه كان المحور الرئيسي بمدينة أم القويين القديمة .
وكان الشامسي يحب العلم والمعرفة منذ صباه كما كان يهوى سماع الروايات والأخبار من هؤلاء الذين كانوا يروون تاريخ البلاد ؛ حيث كانوا يتداولون تلك الأخبار في مجالسهم وداخل الأسواق ، فبدأ الشامسي في ملاحقة تلك الأخبار كما كان يبحث عن رواتها ، وكان يهتم بسماع آراء الناس في الكثير من الأمور والأحداث التي وقعت خلال تلك الآونة .
كان الشامسي يهوى أيضًا الثقافة الدينية بجانب التاريخية ، فكان عهده الأول بالعلوم هو حفظ القرآن الكريم والأحاديث ودراستهما ؛ حيث كان يتلقى علومه الدينية في أحد الكتاتيب الموجودة في مدينة أم القويين آنذاك ، وتمكن بالفعل من حفظ القرآن الكريم كاملًا وهو في سن الخامسة عشر من عمره ، ثم قام بدراسة علوم الحديث والفقه والصرف وقواعد اللغة والحساب ؛ حيث تتلمذ على يد الشيخ العلامة أحمد بن سيف يوسف آل يوسف وهو واحدًا من أشهر العلماء في عصره.
قام الشامسي بالاطلاع على دواوين كبار الشعراء أمثال المتنبي والفرزدق وجرير وغيرهم الكثيرين ، كما قام بقراءة كتب السير والتراجم ، وازداد بذلك علمًا بتاريخ الأحداث والشخصيات الإسلامية ، وكان يتميز بذكائه الفطري وقدرته على الاستيعاب والحفظ ، فكان يقوم برصد وتدوين الأحداث ، وقد تمكن من حفظ تاريخ البلاد من خلال تدوينه للأحداث التي أخذها من كبار السن من الرواة الذين كانوا معاصرين للأحداث ؛ حيث قام بتدوين تلك الأحداث في مذكرات بعد أن استمع إليها ، وكان يقوم بمراجعة الموضوع بعد أن يدونه بعد فترة ليعرف مدى دقة روايته الأولى التي استمع إليها .
كان يقوم الشامسي يقوم بشد الرحال في بعض الأحيان إلى بعض الرواة ليستمع إليهم ويقوم بتدوين الأحداث ويذكر كل شخص التقى به لهذا الهدف قائلًا : “قال لي فلان بن فلان الذي التقيته في المكان الفلاني يوم كذا .. قال كذا وكذا ” ، حيث كانت هذه هي عادته في تدوين الأحداث والوقائع ، وهو يُعد بذلك من المؤرخين القلائل الذين انتبهوا إلى الطريقة الصحيحة في التدوين العلمي والبحث الدقيق عن المعلومات قبل أن يتم تثبيتها والموافقة على تسجيلها ، وتصبح الأخبار بذلك مصدرًا موثوقًا يمكن الرجوع إليه في إثبات خبر أو فك غموض بعض الأحداث .
يلم يكن الشامسي يمل أو يكل من الانتقال من بادية إلى أخرى ومن ريف إلى آخر وفي كل الأماكن التي يمكنه أن يتقصى منها الأخبار من خلال الرواة الأصليين ، وقد قام بممارسة العمل في التجارة لفترة بسيطة ؛ فسافر إلى بعض البلدان في رحلات تجارية على الرغم من أنه لم يكن مهتمًا بذلك العمل ، مما جعله ينصرف عن العمل بالتجارة وتم تعيينه كاكتبًا داخل ديوان الشيخ أحمد بن راشد المعلا والذي كان حاكمًا لمدينة أم القويين ،ودام عمله في ذلك المنصب لمدة ستة عشر عامًا ، ومن أبرز أعمال الشماسي ” تاريخ ساحل عمان المتصالح” و “نظرة تاريخية في الخليج”
وفاته :
اعتلت صحة الشيخ الشامسي في آخر أيامه وأقعده مرضه عن العمل حتى توفي خلال عام 1980م .