لابد أن يمر الإنسان ، بلحظات وأيام وساعات ، قد تصل إلى سنوات من عمره في الفشل! نعم الفشل الذي يتذوقه الشخص ، وكأنه سهم لابد أن يعود كثيرًا للخلف ، حتى ينطلق صوب هدفه بلا رحمة أو تردد ، أو تراجع آخر ، وهكذا بعض البشر من بيننا ممن مروا بالمحن ، والشدائد وذاقوا مرارة الفشل ، لفترات طويلة وعديدة ، ليتذوقوا بعدها حلاوة النجاح ، الذي قد يأتي بصبر وعزيمة وإصرار ، وقد تراه رأي العين بين ليلة وضحاها .
ولعل في قصة خليل رافاتي ، بائع العصائر الذي أدمن على تعاطي المخدرات ، وتحوله إلى عالم رجال الأعمال ، الكثير من العبر والدروس المستفادة .
الأمريكي خليل رافاتي :
رجل فقير ومعدم ، تراكمت عليه الظروف والمحن ، فأصبح أكثر بؤسًا ، واتجه لتعاطي المواد المخدرة بعد أن كان الطريق ، هو وسادته الدائمة ، ولكنه الآن تحول من رجل فقير ، ينام على الأرصفة ، وكانت الأزقة هي مأواه الوحيد ، إلى واحد من أشهر رجال الأعمال ، وأصبح يرتدي الثياب الفاخرة والسيارات الفارهة ، ويعيش كرجل أعمال حقيقي في مدينة لوس أنجلوس ، بعد أن تخصص في صناعة بعض العصائر ، التي جذبت له الكثير من العملاء ، وصار شهيرًا بعمله ، فحقق الكثير من المال .
بدايات فاشلة :
ولد خليل رافاتي ، لأم يهودية بولندية ، وأب فلسطيني مسلم ، في ولاية أوهايو غرب أميركا ، ليعيش آنذاك طفولة غير مستقرة ، وتربطه في هذا الوقت ، علاقات صداقة مع الكثير من أبناء العصابات ، ليخرج من المدرسة دون أن يحصل على أية مؤهلات علمية تذكر ، ويتم توقيفه لأكثر من مرة ، بعد أن تم اتهامه بتخريب بعض الممتلكات العامة ، وسرقة المتاجر .
وعند بلوغ رافاتي عامه الحادي والعشرين ، انتقل إلى ولاية لوس أنجلوس ، رغبة منه في خوض عالم التمثيل ، وطمعًا في الحصول على الشهرة ، إلا أن طموحه هذا قد تحول إلى رماد ، آنذاك قبل أن يتغير مصيره ، ويصبح نجمًا شهيرًا يركض حول سيرته المنتجون ، في محاولة للتعرف عليه عن قرب .
لم يكن رافاتي موهوبًا ، وبالتالي تعثر في طريق التمثيل وحياة السينما ، ليفقد الأمل تجاه كل شيء ، وتفور ثورة الغضب كشاب بداخله ، فيتحول إلى إنسان فاشل ومحبط نتيجة ، عدم قدرته على تحقيق جزء ولو بسيط من أحلامه .
انضم رافاتي إلى مجموعة من العصابات ، التي تعمل على سرقة السيارات ، ليحترف السرقة برفقتهم ، وينحرف عن الطريق بشدة ، مع تناوله للمخدرات ، وخروج حياته كلها عن سيطرته ، فلجأ إلى الأرصفة لتكون فراشه ، إلى جوار رفاقه من المدمنين .
ظل رافاتي يتذكر كل لحظة فشل عاشها ، حتى كانت الضربة القاسمة ، عندما أقدم على الانتحار ، بجرعة هيروين مخدرة ، وكانت تلك هي المرة التاسعة له ، التي يقدم فيها على مثل هذا القرار ، لتتحول تلك اللحظة إلى مفترق طرق بالنسبة لرافاتي ، ويضع نفسه على بداية طريق جديد .
بداية جديدة من رحم المعاناة والفشل :
تم نقل رافاتي عقب تناوله الجرعة التاسعة ، إلى المشفى لإنقاذه ، ليظل تحت الرعاية لفترة من الوقت ، ويخرج بعدها متجهًا صوب مركز ماليبو لعلاج الإدمان ، وإعادة تأهيل المدمنين ، ليجمع بين أكثر من عمل في نفس الوقت ، بين أعمال البستنة ، وتربية الكلاب وغسيل السيارات ، فاستطاع رافاتي في هذا الوقت ، أن يقوم بادخار بعض المال .
وكان رافاتي قد التقي أحد أصدقائه القدامى ، الذي علّمه الكثير في صناعة الأغذية والعصائر ، واستقبل رافاتي تلك المعلومات بقدر عال من التركيز ، ليبدأ في صناعة بعض المشروبات ، ويقدمها لزملائه في مركز إعادة التأهيل ، وذويهم ومن هنا بدأت الفكرة تحوم برأسه ، خاصة وأن ما صنعه قد لاقى استحسانًا كبيرًا ممن حوله .
استطاع رافاتي أن يصنع ، الكثير من الخلطات المغذية للعصائر الطازجة ، التي لاقت رواجًا واسعًا داخل المركز وخارجه ، حتى أن البعض من الزوار العاديون كانوا يتساءلون ، عن مشروبات رافاتي التي قدمها لهم من قبل ، ليفكر رافاتي في تحويل عمله ، إلى مشروع تجاري يدر عليه ربحًا ، فحصل على بعض التمويل لمشروعه ، الذي انطلق في عام 2011م ، برفقة صديقه ليفتتح أول مشروعاته في ماليبو ، ويحقق نجاحًا مبهرًا نقله من فئة الفقراء ، إلى فئة رجال الأعمال من المليونيرات ، لتبلغ مبيعاته خلال عامه الأول ، من تنفيذ المشروع أكثر من مليون دولار .
وحاليًا وظفت شركة رافاتي والمعروفة باسم صن لايف ، أكثر من مائتي موظفًا ، عبر منافذها المختلفة والمنتشرة في كافة الولايات حاليًا ، حيث توسع نشاط رافاتي من إنتاج العصائر والمشروبات فقط ، إلى تجارة المواد الغذائية والملابس كذلك .
هنا فقط تحول خليل رافاتي ، إلى الكتابة عن حياته الشخصية ، وقرر أن يصدر كتابًا يحمل عنوان نسيت أن أموت ، يروي فيه سيرته الذاتية ، بخط قلمه وذلك بحلول عام 2015م المنصرم ، ليتحول بعدها رافاتي إلى أكثر الشخصيات العامة نجاحًا ، وتحديًا للظروف والمحن التي قد تواجه أيًا منا .