لأبناء المملكة باع طويل ، في قصص الصمود ومواجهة الحياة ، من أجل الوصول إلى هدف محدد ، ألأو تحقيق حلم طال انتظاره منذ مرحلة الطفولة ، ولعل المرور بظروف عصيبة ، هي عنق الزجاجة التي يمثل الخروج منها ، نقطة الانطلاق نحو حياة أفضل ، وفي قصة الدكتور فهاد الحمد ، الكثير من العبر والدروس المستفادة .
ولد فهاد بن معتاد الحمد ، في بلدة سكاكا بمدينة الجوف عام 1379هـ ، وكان قد وُلد لأسرة فقيرة للغاية ، ومر بظروف اقتصادية متعسرة بشدة ، جعلته يحصل على الشهادة المتوسطة بصعوبة شديدة ومجهود مضاعف .
انطلق بعدها صوب الرياض ، بحثًا عن عمل يعينه على مصاعب حياته ، وفي أثناء بحثه المجد هذا ، استطاع أن يلتحق بأحد المعاهد ، الذي يتيح له إمكانية الدراسة به ، إلى جانب حصوله على المال ، فأي كرم هذا ؟
بدأ الدكتور فهاد من جديد ، في هذا المعهد وهو معهد التربية الفنية للمعلمين ، والذي يقع في الرياض ، ليستكمل دراسته ويحصل على مال ، وعقب مرور ثلاثة أعوام فقط ، كان الدكتور فهاد قد تخرج من المعهد بتفوق مشهود له كم الجميع ، ليعود حاملاً شهادته التي مثّلت له سلاحًا جديدًا ، يخوض به معترك الحياة ، ويبحث من خلالها عن عمل يستكمل به مسيرته .
انطلق الدكتور فهاد صوب المدرسة ، التي سبق وأن تخرج منها من قبل ، ليعمل بها معلمًا ، واستطاع خلال فترة قصيرة ، أن يحقق إنجازًا ملموسًا مع طلابه في هذا المكان ، وذلك بفضل الله عزو وجل ، وحماسه الكبير وجديته في مساعدة الجميع ، حتى أنه استطاع أن يساعد زملاء له ، كانوا يدرسون إلى جواره ، ليتم ترقيته مساعدًا لمدير تلك المدرسة ، والذي كان يجلس أمامه بالأمس تلميذًا صغيرًا ، واليوم يجاوره مساعدًا ومعلمًا ، إلا أن الدكتور فهاد كان دائمًا ما يشعر ، أنه لا ينتمي إلى هذا المكان ، وأن طموحه في تقدم أكثر من ذلك .
قرر الدكتور فهاد أن يحصل على الشهادة الثانوية ، ولما لم يكن قادرًا ماديًا على اجتيازها من خلال الالتحاق بمدرسة ، فإنه قرر الحصول عليها من منزله ، وبالطبع مع ظروف مثل ظروفه ، لم يكن متوفرًا له حاسب آلي ، أو شبكة إنترنت تساعده في الحصول على المعلومات والاستذكار بشكل أسهل ، وعلى الرغم من شكوكه بأنه يستطيع اجتياز تلك المرحلة الحرجة وحده ، نظرًا لأنه شاهد كثيرون كانوا منتظمين في الحضور بالمدرسة ، ولم يستطيعوا اجتياز تلك الشهادة ، إلا أن طموحه كان غالبًا على تلك العقبات ، فقرر أن يخوض الطريق حتى نهايته ، وبالفعل حصل الدكتور فهاد على الشهادة الثانوية .
لم يتوقف طموح الدكتور فهاد ، عند هذا الحد فقط ، بل اجتهد لينضم إلى طلاب جامعة الملك عبدالعزيز ، الواقعة في جدة ويدرس بها طالبًا منتسبًا ، وبالطبع واجه الكثير من العقبات أثناء دراسته ، للمواد العملية بها وظل يجلس بالأيام ، من أجل الحصول على حلول لمسألة واحدة فقط ، إلى أن استطاع تجاوز تلك المحن ، وتخرج من الجامعة بمرتبة الشرف في عام 1979م .
ومع شدة إيمانه بقدراته ، اتخذ الدكتور فهاد القرار الأكثر صعوبة في حياته ، ألا وهو استكمال الدراسات العليا ، فطرق الكثير من الأبواب آنذاك بشهادته ، ولكن لم يكن الحظ حليفًا له ، حتى التقى بمدير معهد الإدارة ، ويدعى السيد محمد الطويل ، الذي فتح له بابًا جديدًا من الأمل ، بفضل الله ، وقام بالعمل على نقله من العمل بوزارة المعارف ، حيث كان يعمل معلمًا ، إلى معهد الإدارة لديه آنذاك.
حصل الدكتور فهاد في هذا الوقت ، على بعثة لدراسة الماجستير والدكتوراه فيما بعد ، بأميركا لينطلق نحو تحقيق أمل جديد له ، ويعود بعد ذلك إلى المعهد ، وهو يحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة ، ليتدرج في عدد من المناصب سريعًا ، ويحصل على وظيفة نائبًا لمدير المعهد ، ثم تم اختياره عضوًا لمجلس الشورى ، ويتم تعيينه فيما بعد رئيسًا لمجلس الشورى ، بمرتبة ممتاز ، ويحصل على وظيفة وزيرًا للاتصالات في عام 2014م.
ونال الدكتور فهاد ، وسامًا للاستحقاق الذهبي عام 2012م ، في مجال الإدارة الحكيمة ، وذلك على مستوى الوطن العربي ، قدمته له المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، وهي جهة تابعة لجامعة الدول العربية .