هو الشيخ عبدالوهاب بن محمد بن علي بن سلطان بن مفلح بن علي أبو ملحة ، أحد أهم وجهاء المنطقة الجنوبية كان له أعمال مميزة وشارك في قيادة البلاد ، ولد الشيخ بقرية العرق في العام 1303هـ الموافق 1885م ، توفى والده وهو طفل صغير وتولى أخيه أما والدته فهي عطرة بنت عبدالوهاب المتحمي تنتمي لأسرة آل أبو نقطة بعسير وكان والده من الوجهاء والأعيان .
عُرف عن الشيخ الصدق وأنه كان يسعى دائمًا للصالح العام ويعمل من أجل نصره المظلومين ومساعدة المحتاجين ، كسب ثقة الملك المؤسس عبدالعزيز رحمة الله ليتولى بيت مال الجنوب وتم اعتماده مفتشًا على الدوائر المالية ، وأصدر الملك قراره بتعينه مديرًا لشئون بيت مال منطقة عسير وتهامة وسراة في العام 1923م ، فقد أرسل إليه الملك برسالة يقول فيها عن حاجة بيت المال بالجنوب إليه وأنه الأنسب لتلك المهمة .
كانت أسرة الشيخ تتمتع بمكانة اجتماعية وتقدير كبير لدى جميع قبائل المنطقة الجنوبية ، وكان هو أسرته أول من زاول مهنة الزراعة وتدرج بالأمر حتى عمل بالتجارة وسافر في أماكن ومدن متنوعة الحجاز واليمن وجازان وعسير ، ومن خلال التجارة أقام الشيخ علاقات طيبة مع القبائل واكتسب شهرة واسعة خلال انتقالاته فتعرف من خلالها على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
وكان الشيخ ممن التفوا حول الملك عبدالعزيز رحمة الله عندما حدث تمرد أمير ابن سعود في أبها ، وأجبر العقيلي على مغادرة أبها مع الرجال والسلاح وعندما وصل العقيلي خميس مشيط استقبله الشيخ عبدالوهاب مع أمير شهران سعيد بن عبدالعزيز بن مشيط بداره في حي العرق وأكرمهم وأحسن ضيافتهم ، وعندما علم رجال عسير بما فعله الشيخ قرروا مهاجمة داره وقبضوا على الأمير العقيلي فرأى الشيخ أنه من الحكمة الخروج للمنطقة ، وكان أيضًا من أوائل المناصرين لملك عبدالعزيز رحمة الله في المنطقة الجنوبية .
طلب منه المدد والعون فأرسل إليه الملك جيشًا كبيرًا بقيادة الأمير فيصل بعن عبدالعزيز من أجل إخماد الفتنة واتجه الشيخ لعسير لاستقبال الجيش واثنى الأمير فيصل حينها على الشيخ وموقفه ومناصرته للحامية السعودية وسلمه الأمير رسالة من الملك عبدالعزيز يثني فيها على مواقفه البطولية لمساندة الحملة ضد المتمردين ، وانطلق بعدها المهام وانخرط في المعترك السياسي والمالي والإداري والاقتصادي للمملكة لفترة تزيد عن ثلاثين عامًا .
وكان الشيخ على صلة تامة بموظفيه بإدارة المالية وكذلك في فروع الماليات بعسير ، وكان يسمع مشاكلهم ويقضي حاجاتهم ويتجول في جميع الإدارات الفرعية لمتابعة وحل المشكلات وبعد إنشاء وزارة المالية وتعين السيد عبدالله السليمان كانت هناك اتصالات مباشرة بينه وبين الشيخ عبدالوهاب ، وكان يثق به بسبب ثقة الملك عبدالعزيز طيبالله ثراه فيه وفي العام 1359هـ أصبح الشيخ الرئيس العام لماليات آبها وكان دقيقًا في عمله وفي الحسابات ويتضح من ذلك من عمل الموازنات الشهرية وحسابات ورواتب الموظفين ، ثم امتدت مشاركات الشيخ داخل القطاعات الرسمية والأهلية .
وبدأت نشاطاته العسكرية منذ انضمامه للحملات العسكرية تحت قيادة الأمير فيصل بن عبدالعزيز ، من أجل اتمام مرحلة توحيد البلاد وشارك السيخ في الحملات لاسيما في جازان حيث كُلف بقيادة القبائل هناك وشكل جيش مكون من 3500 جندي مقاتل استولوا على صبيا وواصلوا سيرهم بعد وصوا المدد من الطائف إلى بلدة المضايا حيث دارت هناك معركة الوطيس ، وأصيب الشيخ برصاصة اخترقت فخذه حتى وصل إليهم المد العسكري من الرياض بقيادة الأمير عبدالعزيز بن مساعد واستطاعت الجيوش أن تضم ما تبقى من المنطقة الجنوبية.
وكان لشيخ اسهامات كبيرة في الجوانب التعليمية في جنوبي المملكة وكان القضاة يستعينون به في دوائرهم وحل مشاكل المدرسين والقراء الذين يعلمون القرآن الكريم والعلم الشرعي ، فهنالك الكثير من الوثائق التي توضح وتثبت اهتمامه بالتعليم ومشاركة في بناء مدرسة الخميس على نفقته الخاصة وخص المدرسة بالكثير من الاهتمام والرعاية وكان لها دورًا في ازدهار العلم في المنطقة الجنوبية .
الوفاة :
انتقل الشيخ إلى جوار ربه بعد وفاة المؤسس بعام واحد في العام 1374هـ بعد خروجه لصلاة الفجر وما إن وصل منزله حتى لقى وجه ربه ، فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله خيرًا لما قدمه للوطن ورفعته .