يعد حنبعل بن حملقار برقا والشهير بهانيبال من أعظم القادة العسكريين على مدار التاريخ ، وهو قائد عسكري قرطاجي فينيقي ، تعود أصوله إلى عائلة بونيقية العريقة ، وقد وُلد هذا القائد المغوار في عام 247 قبل الميلاد ، وله العديد من الخطط العسكرية والحربية التي تم استخدامها في الكثير من المعارك التي خاضها ، وبقيت شاهدة على قدراته المتميزة حتى يومنا هذا .
حيث اكتسح هانيبال كل من شمال أفريقيا ، ومنها انطلق صوب إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا ، حتى بلغ روما وحاصرها خمسة عشر عامًا ، حتى كادت أن تسقط لولا أن ثار عليه القرطاجيون في القرن الأول قبل الميلاد .
كان والده هو القائد حملقار الذي قاد القرطاجيين خلال الحرب البونيقية الأولى ، وللعائلة تاريخ طويل في القيادة العسكرية حيث كان شقيقيه ماجو وصدر بعل من أشهر القادة الفينيقيين آنذاك .
عرف عن هانيبال أنه فارسًا مقدامًا يتمتع بثقة جنوده ، فقد تمتع بجرأة غير عادية وقدرات مرتفعة ومتميزة على التخطيط الاستراتيجي والعسكري ، وفي هذا الشأن أقر القائد الأمريكي نورمان شوارزكوف ، بأنه قد تعلم الكثير من هانيبال ؛ حيث طبّق العديد من تكتيكاته الشهيرة إبان غزو أمريكا للعراق .
عبور جبال الألب :
لن يكتمل الحديث عن عبقرية هانيبال سوى بعد سرد أهم المحطات التي خاضها في حياته ، والتي كانت أبرزها إقدامه على عبور منطقة سلسلة جبال الألب بجنوده ، ومعركة كاناي حيث أصبح زحف هانيبال وجنوده صوب روما .
هو أضخم محطة وأكثرها رسوخًا في الذاكرة ، ففي عام 218 قبل الميلاد ، غادر الجيش القرطاجي إسبانيا بقوة أربعون ألف جنديًا ، وعبروا جميعهم جبال بيرني وسلسلة جبال الألب على مدار خمسة عشر يومًا ، واجهوا خلالها وعورة الطريق ، وهجوم بعض القبائل المعادية عليهم ، ولكن في كل مرة كان الجيش القرطاجي ينتصر .
واجه الخيّالة القرطاجيون الخيالة الرومان ، وتراجعت قواته من المشاة ثم تطويق الجنود الرومان ، فسقط الجيش الروماني بين أيدي الجيش القرطاجي يحاصره من كافة الجوانب ، وهنا انقض عليهم الخيالة بالمنتصف وفتكوا بهم ثم لاذوا جيمعًا بالفرار عقب انتصار الجيش القرطاجي .
ومني الروم في هذه المعركة بخسائر بشرية فادحة آنذاك ، استمر بعدها هانيبال في السيطرة على المقاطعات الرومانية ، وبحلول عام 211 قبل الميلاد كان هانيبال قد حاصر العاصمة الرومانية ، ولكنه لم ينجح في اختراقها ، حيث تخلى عنه حلفاؤه ورفضوا إمداده بالتعزيزات .
وفي عام 202 قبل الميلاد ، انطلقت روما لتشن هجومًا قويًا على قرطاج بقيادة شيبون الإفريقي ، فواجهه القائد هانيبال بمنطقة زامة ، ولكنه كان قد وضع في جيشه جنودًا جدد ، لم يستطيعوا المواجهة ففروا هاربين من ساحة القتال ، تاركين خلفهم الجنود المتمرسين يواجهوا الرومان وحدهم ، مما أدى إلى مقتل وإبادة الكثيرون منهم ، وسقطت قرطاج في أيدي الرومان ، معلنة نهاية الحرب البونيقية الثانية .
عقب انتهاء الحرب عمل هانيبال على إعادة تطوير قرطاج ، فتمكن من تعديل الدستور ، وملاحقة الفساد ، وسعى كثيرًا من أجل تعزيز كافة موارد الدولة ، مما تسبب في قلق روما نحو ما يجري ، وشعروا بأنها خطة ما لاندلاع حرب أخرى معهم .
عملت روما على إبعاد هانيبال ، فما كان من هذا القائد المتمرس سوى اللجوء إلى ملك سوريا الذي كان في حرب هو الآخر مع روما ، ومع هزيمته أراد أن يضع خبرته وكافة أفكاره العسكرية في خدمة بلاد الأناضول ، ولكن روما ظلت تلاحقه عقب انتقاله إلى سوريا .
ومارست الكثير من الضغوط على ملكها ، مما جعل هانيبال يدرك بأنه أسير لا محالة ، فما كان منه سوى أن أقدم على الانتحار عقب أن أرسلت روما في طلبه ، ليقدم درسًا جديدًا لجنوده في التعلق بالحرية وعدم الرضوخ إلى روما ، وقد توفى هانيبال عام 182 قبل الميلاد .