رحم الله الشيخ الجليل الذي لم تأخذه في الحق لومة لائم ، رائد الدعوة وإمامها ؛ الذي حباه الله علمًا لو وزع على أهل مكة لزادهم نورًا ، فقد نشأ فى رحم العلم ، وتربى على طلبه ، وهو العالم الجليل الذي كتب عنه المؤرخون ، وأسهبوا في وصف علمه الغزير .
أنه الشيخ التقي الورع أبو بكر خوفير الذي ينحدر من أسرة عريقة لها من المكانة ما يجعلها متقدمة بين الأسر ، ولا غرابة إذا ما علمنا أنه كان متواضعًا رغم وجاهة أصله ، وقد أنيرت مكة يأثمن الكتب بفضله ، حينما سافر إلى الهند وجلب منها أثمن الكتب.
النشأة والولادة :
ولد الشيخ أبو بكر بن محمد عارف بن عبدالقادر بن محمد علي خوقير بمكة المكرمة عام 1284هـ ، وهناك رواية أخرى بمولده سنة 1282هـ ، وقد نشأ الشيخ نشأة علمية في أسرة تقدر العلم وتقدسه ، وكان شغوفًا بقراءة كتب الحديث وأئمة العقيدة السلفية.
وساعده على ذلك وجوده في بلد الله الحرام ، حيث يتوافد العلماء من مختلف الأقطار ؛ فينهل من فيضهم علما غزيرًا ، وقد عين مدرسًا بالحرم المكي ، وأسس مكتبة في منطقة باب السلام ، حتى يكون في خدمة العلم والمتعلمين
الدراسة وطلب العلم :
اشتغل الشيخ منذ صغره بالدراسة وطلب العلم بدعم وتشجيع من أسرته ، فقد كان أبوه هو الإمام بالمقام الحنفي محمد عارف ، وجده العلامة الكبير الشيخ عبد القادر بن الشيخ محمد على خوقير ، وقد ساعده هذا على الدراسة ، ورفع راية التوحيد .
وقد درس الشيخ وتعلم وارتحل من مكان لأخر ليتزود بالعلم ، وكان للشيخ مكتبة بمنزله كما اعتاد علماء مكة المكرمة ، وألف العديد من الكتب ، وقال عنه الشيخ عبد الستار الدهلوي رحمه الله : وقرأ القرآن وجوده واشتغل بطلب العلم حتى أدرك كبار أهل عصره من أهل بلده ، وارتحل إلى البلدان الشاسعة وأخذ عن أفاضلها .
رحلاته العلمية :
سافر الشيخ العلامة إلى الهند ، وكان يجلب كتب السلف المطبوعة ، وينشرها في مكة المكرمة بالإضافة إلى التقاءه بعلماء الهند الذين نهل منهم واستقى من علمهم ، كما سافر إلى مصر والتقى ببعض علمائها وأخذ العلم عن مشايخها ، فقد كان يسافر إلى الهند يحمل إليها من مطبوعات مصر ومكة ، ويعود منها محملا بالمطبوعات.
جهوده في الدعوة :
كان الشيخ أبو بكر يحرص على نشر الدعوة الصحيحة ، ويستنكر النذور والتمسح بالمقابر ، وكان يوصي بقراءة صحيح البخاري ، ومسند الإمام أحمد بن حنبل ، وكان مهتمًا بتفسير كتاب الله عزوجل ، عالمًا بمعانيه.
كتبه ومؤلفاته :
أسهمت مؤلفات الشيخ في إثراء مكتبة المملكة ، فله كتاب بعنوان فصل المقال وإرشاد الضال في توسل الجهال ، طبع بمطبعة المنار بمصر عام 1343هـ ، وكتاب مسامرة الضيف بمفاخرة الشتاء والصيف.
وكتاب ما لا بد منه في أمور الدين على طريقة السلف الصالح ومذهب الإمام بن حنبل في العقائد ، وكتاب تحرير الكلام عن سؤال الهندي في صفة الكلام هذا إلى جانب كتاب التحقيق فيما ينسب لأهل الطريق ، وغيرها من الكتب القيمة.
وقد ألقى الشيخ أبو بكر خطابًا بين يدي الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وسط جمع من الأعيان والجهاء في عام 1343هـ ، كما ألقى خطابًا أخر عام 1330هـ خلال حفل المدرسة الصولتية الذي يقام في نهاية كل عام دراسي.
وفاته :
في غرة ربيع الأول عام 1349هـ ، توفي الشيخ الجليل أبو بكر خوقير عن عمر يناهز السابعة والستين مبطونًا بعد رحلة طويلة من العلم والدرس أسهم فيها في تنوير المملكة ، وتعليم أبناءها ، وأبناء الأمصار الأخرى.