هارون الرشيد من أكثر الخلفاء المسلمين شهرة ، فقد نعمت البلاد فى عصره بالقوة والإزدهار ، وقد عاشات البلاد أثناء حكمه عصرًا ذهبيًا .
نشأته :
ولد هارون الرشيد عام 148 هجريًأ بمدينة الري ، كان والده المهدي خليفة بن جعفر المنصور أميرًا على الري وخرسان وقت مولد ابنه ، عاش طفولته في عيش رغد ، وكان والده مهتمًا بعمليه تهذيبه وتنشئته نشأه قويمة ، فجعله يتتلمذ على يد أكبر العلماء ، وعندما بدأ في الكبر دفعه والده للجهاد حتى يكتسب خبرات واسعة في ميادين القتال .
أول معركة قاتل فيها هارون الرشيد كانت ضد الروم عام 165 هجريًا ، وقد حقق فيها انتصارًا ساحقًا مما جعل والده يعينه خليفة ثاني من بعده ، وقد تولى هارون الرشيد الخلافة بعد وفاة أخيه موسى الهادي عام 170 هجريًا ، وكان ذلك في زمن الخلافة العباسية ونهضت البلاد في عصره .
أهتم الرشيد بكل المجالات وسعى في تطويرها وأمسك الحكم بيد من حديد وفرض سيطرته على أنحاء البلاد المتفرقة ، وذلك يدل على أن هارون الرشيد لم يكن يهوى اللعب والنساء كما ذُكر عنه ، بل أنه كان قائدًا بمعنى الكلمة وحكيمًا في تصرفاته وقرارته .
شهد أيضا عصره الكثير من التقدم والنهضة المعمارية حيث شيدت المساجد والجوامع والمبانى والقصور وحفرت الترع والأنهار ، وصارت بغداد أكبر مركز للتجارة في الشرق الأوسط ، كما أن له الفضل في إنشاء بيت الحكمة ، وهي مكتبة ضخمه جمعت فيها العديد من الكتب والمؤلفات من مختلف بلدان العالم وضمت قاعات للكتب وقاعات للمحاضرات .
وهارون الرشيد يسعى دائمًا إلى تخفيف الأعباء المالية على الرعية ، فكان ينشر العدل بين الناس ويرفع عن كل مظلوم ما ظلم ، وقد توسع هارون الرشيد في علاقته بالبلاد الأخرى فكان يكرم الوفود ويرحب بهم ترحيبًا حافلًا وعند رجوعهم لبلادهم يحملهم بأغلى الهدايا وأثمنها .
أهتم الرشيد بتأمين وتمهيد الطرق المؤدية إلى مكة وإمدادها بخدمات للحجاج ، فعمل على بناء الآبار وأماكن لراحتهم حتى أن زوجته زبيدة كانت مهتمة بهذا الموضوع وساعدت في هذه الأعمال التي تعين الحجاج على قضاء حجهم .
لم يغفل الرشيد جانب الغزوات والفتوحات الإسلامية ، فقيل أنه كان يغزو عامًا ويحج عامًا ، وقد خاض هارون الرشيد العديد من الحروب والمعارك مع الروم ، وكانت جميعها تكلل بالفوز والانتصار ، وقد عمل على تأمين البلاد من شر هجماتهم ومن ثم أعاد بناء البلاد التي دمرت وعين عليها قادة من أمهر القادة .
قام الروم بطلب عقد هدنة مع هارون الرشيد ، وبالفعل تم عقد الهدنة بين الملكة الرومية إيريني وهارون الرشيد ، وكان ذلك مقابل جزية يأخذها المسلمين سنويًا وبقيت المعاهدة مستمرة إلى أن تتوج إمبراطور جديد وهو نقفور بدلًا من إيريني عام 186 هجريًا .
قام نقفور بنقض المعاهدة وأرسل رسالة إلى هارون الرشيد أثارت غضبة كثيرًا وخرج هارون الرشيد بنفسه عام 187 هجريًا لمحاربة الروم ، فأضطر نقفور إلى الصلح ودفع الجزية للمسلمين ولكنه نقض العهد مرة أخرى فتوجه له هارون لمحاربته وهزمه هزيمة ساحقة .
ثم جاءت المعركة الكبيرة بين الروم والمسلمين عام 190 هجريًا وذلك بعدما هاجم نقفور حدود الدولة العباسية فقام هارون الرشيد بتجهيز جنوده وكان جيشًا كبيرًا وحقق الجيش الإسلامي انتصارًا على الروم وطلب نقفور الهدنة للمرة الثالثة وأعلن استسلامه وهزيمته .
توفى هارون الرشيد عام 193 هجريًا ، وهو في الطريق إلى خُرسان ليخمد الثورات التي اشتعلت هناك ضد الدولة الإسلامية ، ولكن المرض لم يعطيه الفرصة وتوفى وهو في الطريق.