أحد أعلام مكة المكرمة في مجالات التجارة والاقتصاد له إنجازات تجارية دفعت عجلة التقدم في الشرق الأوسط في منتصف هذا القرن ، فهو عقلية تجارية فذة منذ صغره ساهم ذلك في مستقبل رائع له تبوء فيه مكانة عالية بين الشخصيات البارزة في مكة المكرمة .
نشأة الشيخ عبد الله باحمدين وتلقيه العلم:
ولد الشيخ بمكة عام في 1329هـ ، وتعلم بمدارسها كعادة أقرانه في ذلك الوقت فتلقى العلوم الأساسية التي كانت تدرس آنذاك كالعلوم الشرعية وعلوم الحساب واللغة العربية ، ثم أنه كان متطلعًا جدًا فتعلم اللغة الإنجليزية على يد مجموعة أساتذة من الهنود بمكة المكرمة ، في وقت كان المتحدثون باللغة الإنجليزية قلة آنذاك.
لم يقتصر شبابه على تلقي التعليم بالمدارس ، فقد كان الشيخ يشع ذكاءً وفطنه وحبًا للعمل منذ صباه ، فيذكر المؤرخون أنه بالإضافة للدراسة كان يساعد والده في عمله حيث كان والده يملك محلًا لبيع الأقمشة.
فكره التجاري المتميز:
يتميز الشيخ بذكاء تجاري منقطع النظير ، ومما يتميز به الشيخ أنه كان جيد التخطيط لكل ما يفكر فيه من مشاريع في مجتمعه الناهض ، فقد كان يدرس احتياجات الشوق نظرة ثاقبة متفحصة ويساهم في استحداث كثير من المشاريع التي يحتاجها بلده.
وفاة والده وأثرها في سير حياة الشيخ باحمدين:
كان لوفاة والده في صباه أكبر الأثر في سير حياته ، حيث شعر بمسؤوليته تجاه أسرته ، فعزم منذ رحيل والده على أن يبقى محل الأقمشة يعمل فيه جميع أفراد الأسرة ، ولكن كان لأسرته رأي آخر فقد فضلوا أن ينفرد كل منهم بعمله الخاص ، وتم ذلك بالفعل ومع تقسيم هذه الثروة إلا أن نصيب الشيخ كان كافيًا ليبدأ به تكوين مستقبلٍ باهرٍ.
من إنجازاته في مجال التجارة :
أولًا مصنع الثلج :
كان فكرة إنتاج المصنع عظيمة ، فقد كانت مكة تعاني من نقص وجود الثلج بها ، حيث لم يكن فيها إلا مصنع يمتلكه رجل سوري الجنسية ، ولم يكن هذا المصنع كافيًا خصوصًا أن المملكة تتمتع بجو شديد الحرارة ، وعدم وجود مولدات للكهرباء ولا ثلاجات ، ومع بداية موسم الحج يزاد الطلب كثيرًا عليه ، فقام رحمه الله باستيراد المصنع وتركيبه والإشراف على الفنيين والعمال بنفسه ، ولا شك أن تلك فكرة شديدة الذكاء نظرًا لحاجة مجتمعه إليها.
بعض المناصب التي تقلدها الشيخ:
كان الشيخ عضوًا في الشركة العربية للتوفير في مكة المكرمة ، ثم تدرج في المناصب إلى أن عُهد إليه تسير أعمالها ، وقدم لها الكثير من الإنجازات والتوسعات ، فافتتح فرعًا لها في جدة ، وأشاد وزير الاقتصاد وقتها بدوره في هذه الشركة.
تطوير مصنع الغزل والنسيج التابع للشركة والاستفادة من التجربة المصرية في صناعة الغزل والنسيج :
خلال فترة الحرب العالمية الثانية ; أدخل الشيخ كثيرًا من التغيرات والتطورات على مصنع النسيج التابع لشركة التوفير والاقتصاد ، وذلك بعد زيارته لمصر حيث نسّق مع أحد حد كبار ملاك مصانع الغزل الذهبية ، وزار المصنع واطلع على سير العمل والآلات الميكانيكية التي تنتج الأقمشة المتنوعة ، وعقد العزم رحمه الله على الاستفادة من التجربة المصرية في صناعة الغزل والنسيج ، فقام بتحديث المصنع بالآلات الجديدة والتقنية المتوفرة وقتها ، واستبدال الطريقة التقليدية البطيئة ، مما زاد في وفرة الإنتاج والإقبال على مصنع النسيج.
أزمة الورق وإعادة تدوير في صناعة جديدة:
كان من تبعات الحرب العالمية أن الشركة العربية للطباعة والنشر أغلقت أبوابها عن الطباعة وتكدس الورق في خزائنها وعندما علم الشيخ بذلك اشترى كل ما تكدس عندهم من الأوراق واشتراه الشيخ بأكثر من أربعة أضعاف حقه ، وقام بعمل رائع جدًا حيث استغل سماكة الورق وقام بتحويله إلى ما يسمى الآن دوسيه ، وقام بالاستعانة ببعض السماكرة الذين ابتكروا له جانبًا من الحديد ليمسك الورق ، وبالفعل قامت الجهات الحكومية بشراء كل ما لديه منها.
اسهاماته في جوانب الطاقة:
كان الشيخ رحمه الله من أول المستوردين إلى آلات الزراعية ، وأدوات الإنارة ، وقد ساهمت تجارته في تسهيل حياة الناس في مكة تبعًا لشراء مبردات هوائية وثلاجات.
وفاته :
توفي الشيخ في ريعان شبابه في التاسع من شهر رمضان من عام 1369هـ ، فبعد ذهابه للمسجد الحرام للإفطار هناك وصلاة المغرب جماعة ، وطاف بالبيت وصلى المغرب ، وعاد إلى داره شعر بأعراض المرض ، فداهمته نوبة قلبية شديدة الوطأة ، فرحل عن عالمنا وهو في عنفوان رجولته ، إذ كان عمره حوالي الأربعين عامًا ، ودفن بمقرة المعلاة.