حينما تجتمع الحنكة السياسية مع الإبداع الأدبي ، تتولد الأيقونة التي تغير مجرى التاريخ ، وتضفي لمسات من الإبداع والابتكار على خريطة الدولة القائمة ، وتجعل المستقبل أكثر إشراقًا وتطلعًا لما هو أفضل .
ولا شك أن القصيبي كان يمثل تلك الأيقونة النادرة ، فهو رجل من رجالات الفكر والسياسة استطاع أن يتقلد أرفع المناصب في المملكة ، ويصل لمكانة لم يصل إليها إلا القليلون من العظماء في مملكتنا الحبيبة ، رحمه الله ، حين غادر ترك مكانة ومكانًا في قلوب كل من عرفوه أو تعاملوا معه من قريب أو بعيد ، فهو رجل تتحدث الإنجازات عنه . إنه الأديب والمفكر والوزير الأسبق غازي القصيبي.
النشأة والولادة :
هو غازي عبد الرحمن القصيبي ، شاعر من الطراز الرفيع ، وأديب لا يضاهي في أدبه أحد ، ووزير وسياسي ناجح ، استطاع أن ينال حب الشعب رغم تشكيك المعارضين له ، ولد عام 1940م ، وقضى سنوات عمره الأولى بالإحساء ، ثم انتقل إلى المنامة بالبحرين ليتلقى تعليمه هناك والده هو الشيخ عبد الرحمن القصيبي تاجر اللؤلؤ المعروف .
وظل بالمنامة حتى أتم المرحلة الثانوية ، وبعدها حصل على درجة البكالوريوس في كلية الحقوق من جامعة القاهرة ، ثم حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا ، ولم يتوقف ظمأه للتعليم عند هذا الحد ، فدرس لنيل الدكتوراه من جامعة لندن .
ولد القصيبي في جو مفعم بالكآبة فقد ماتت أمه بعد ولادته بأشهر قليلة ؛ فلم يذق حنان الأم ، ولكن احتضنته جدته ، وعلى الرغم من صرامة أبيه إلا أنه نشأ شاعرًا مرهف الحس ، يكتب عن المشاعر التي افتقدته بإحساس لا مثيل له .
العمل الجامعي :
عاد القصيبي إلى وطنه بعد رحلة الدراسة الثرية ثم عمل أستاذًا جامعيًا في جامعة الملك سعود ، إلا أن الرحلة لم تكن سهلة ، فقد ظل عامًا كاملًا في مكتبة الكلية دون فرصة حقيقة للتدريس ، لالتحاقه بالعمل الجامعي بعد بداية العام الدراسة ، وفي السنة التالية تم ترشيحه كعضو في لجنة السلام الدولية ؛ التي كان من مهامها إنهاء الحرب الأهلية في دولة اليمن.
وفي أوائل عام 1966م انتهت المهام التي كلفت بها اللجنة ، ليعود إلى أروقة الجامعة أملًا في التدريس ، وبالفعل درس بها سبع مواد مختلفة تتعلق بالإدارة والقانون ، ثم سافر إلى لندن لنيل درجة الدكتوراه ، وكتب رسالته عن حرب اليمن ، ثم عاد إلى مدينة الرياض عام 1971م ، ليكمل مشواره العملي ، واستطاع أن يصل إلى الوزارة بعدها بأربع سنوات فقط في عام 1975م .
الطريق للوزارة :
بعد عودة غازي القصيبي للعمل الجامعي عام 1971م ، بدأ يكتب بشكل نصف شهري في جريدة الرياض ، بالإضافة إلى ظهوره في برنامج تليفزيوني أسبوعي يلقي الضوء على المستجدات في العلاقات الدولية ، وقد لعب هذا الظهور الإعلامي دورًا كبيرًا في ترسيخ اسم غازي القصيبي في ذاكرة المجتمع السعودي .
وبعدها شارك كمستشار قانوني في مجموعة من اللجان الحكومية في وزارة الدفاع والطيران ، وأيضا وزارة المالية والاقتصاد ، وهنا بدأ يسطع اسم القصيبي أكثر وأكثر ، وأصبح محورًا جديرًا بالاهتمام ، وتقلد القصيبي منصب العمادة بكلية التجارة ، وأحدث بها الكثير من الإصلاحات والنشاطات التي أحدثت حينها صدى كبير ظهرًا جليًا على الطلاب .
واشترط القصيبي في سابقة لم تحدث من قبل لأستاذ جامعي ، وهي ألا يتقلد منصب العمادة لأكثر من سنتين ، غير قابلين للتجديد ؛ ليعود أستاذًا جامعيًا كما كان من قبل ، ويتنازل بإرادته عن منصب العمادة لغيره من الأستاذة الزملاء .
وفي عام 1973م انتقل القصيبي من الحياة الأكاديمية إلى الخدمة العامة ، وعمل بإدارة مؤسسة السكة الحديدية ، وكانت هي طريقة إلى الوزارة ؛ ففي بعض المرات التقى بالملك فهد رحمة الله ولي العهد أنذاك ، وحدثه عن فكره الإداري وفلسفته التنموية .
الأمر الذي جعل الملك يدرك أنه أمام عقلية تنموية كبيرة ، تستطيع المضي إلى الأمام بخطوات ثابتة ، وفكر علمي مدروس ، وفي عام 1975م وجد القصيبي نفسه ضمن التشكيل الوزاري الجديد ، حيث عين وزيرًا للصناعة والكهرباء ، وفي عهده انتشرت الإنارة لتغزو منازل المملكة ، كما نشأت في عهده شركة سابك عملاقة البتروكيماويات .
القصيبي من وزارة لأخرى ثم العفو :
أثبت النجاح الذي حققه الوزير الإداري غازي القصيبي ، أنه عقليه تصلح للتنمية في أي مجال ، لذا في عام 1982م ، وبعد تولي الملك فهد مقاليد الحكم عينه كوزير للصحة ، فأنشأ جمعية أصدقاء المرضى ، وعاشت معه المستشفيات في أزهي عصورها ، فقد كان يقوم بحملات تفتيشية واسعة ، واستطاع أن يكسب حب الناس ، وذاع صيته فيهم .
ومن الجدير بالذكر أن مشوار القصيبي لم يتوقف عند هذا الحد ؛ فقد عُين سفيرًا للمملكة في البحرين بناء على رغبته بعدها بشهر واحد فقط ، وبقى بها لثماني سنوات ، ثم انتقل للعمل بسفارة المملكة في بريطانيا ، وظل بها إحدى عشرة عامًا ، ليعود مرة أخرى للوزارة ، كوزير للمياه ، ثم المياه والكهرباء بعد دمجهما بوزارة واحدة ، وأخيرًا وزارة العمل .
ميوله الأدبية :
ترجم القصيبي حبه للأدب والرواية في الكثير من دواوين الشعر والروايات التي جعلته من أشهر الأدباء في المملكة والعالم العربي ، ومن دواوينه صوت من الخليج ، والأشج ، واللون عن الأوراد ، وأشعار من جزائر اللؤلؤ ، وسحيم ، وللشهداء .
أما عن رواياته فهناك شقة الحرية ، والتي يقال أنها نتاج لتجربته الواقعية بالقاهرة حينما كان يدرس بالجامعة ، وهناك أيضا روايات أخرى كالعصفورية ، حكاية حب وسبعة ، وهما ، وسعادة السفير ، ودنسكو ، وسلمى ، وأبو شلاخ البرمائي ، والعودة سائحًا إلى كاليفورنيا ، ورجل جاء وذهب ، وكانت الجنية هي أخر رواياته.
لم يقف القصيبي في إبداعه الأدبي عند الشعر والرواية ، فله العديد من المؤلفات الفكرية مثل كتاب التنمية ، الأسئلة الكبرى ، والغزو الثقافي وأمريكا والسعودية ، وثورة في السنة النبوية ، 100 من أقوالي غير المأثورة ، والأسطورة ديانا والكتاب الذي حقق أعلى المبيعات ، ووثق فيه تاريخه الإداري (حياة في الإدارة)، وكذلك كتاب الوزير المرافق الذي أحدث ضجة كبرى.
وفاته :
توفي الأديب الذي أثرى الفكر والأدب بأعماله الغناء عن عمر حافل بالنجاحات ، ناهز السبعين عامًا في أغسطس 2010م بمستشفى الملك فيصل التخصصي ، بعد معاناة طويلة مع المرض ، ورقد بعيدًا عن عالمنا بجسده ، ولكنه ترك روحه تحلق بين صفحات الروايات والكتب التي أثرى بها العالم أجمع ، فلن ينسى الزمان رجلًا اسمه غازي القصيبي مهما مرت عليه من سنون ، فالقصيبي أسطورة لا تنسى .
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…