مازالت المملكة حتى الآن عطشي لسير وتراجم السابقين ، لاسيما أعلام النساء الذين لم تدون سيرهم في التاريخ بالشكل الكافي ، واعتمد على الروايات الشفهية في تناقل أخبارهم ، فلم يصل بعضها إلينا ، وما وصل قد يكون شابه النقص أو التحريف .

ولعل بطلة قصتنا اليوم هي واحدة من أفاضل النساء حسبًا ونسبًا ، فهي السيدة هويدية آل زميكان سند الإمام تركي بن عبد الله في رحلته ورفيقة دربه ، فقد كانت فخرًا لأبنائها وأحفادها ، ووقفت بجوار الإمام هي وعشيرتها في حربه لاستعادة المملكة .

النشأة والنسب :
هي هويدية بنت غيدان ابنة جازع بن علي آل زميكان من آل شامر من قبيلة يام الهمدانية ،  كانت ديار قبيلتها تقطن شرق شبه الجزيرة العربية ، وبعد زواجها من الإمام تركي أصبحت عشيرتها من أنصار الإمام .

واشتركوا معه بعدة معارك وغزوات لاستعادة حكم آبائه ، ولعل معركة السبية التي وقعت عام 1245هـ ، 1830م ، هي أكثر المعارك التي ساهموا فيها بقوة ، وساندوا الإمام تركي ضد خصومه .

قصة زواجها :
تعددت أقوال المؤرخين في أمر زواجها من الإمام تركي ، وعن هذا قال عثمان بن بشر أن هويدية كانت ابنة لشيخ قبيلة آل شامر ، وهو غيدان بن جازع ، وهم قوم يسكنون بجوار جبل علية الذي يبعد عن الرياض ما يقارب 130 كم .

وكان ذلك في الوقت الذي سقطت به الدرعية في يد القوات العثمانية عام 1233، 1234 هـ ، وهو نفس الوقت الذي خرج فيه الإمام تركي بن عبد الله من الدرعية ، وتخفى بغار فوق جبل عليه ، وأما عن قصة زواجه ، فقد كانت هويدية ترعى أغنام والدها عند ذلك الجبل ،  وكان هو عائدًا إلى غاره في الصباح ، فرآها ، وطلب منها بعض الحليب ، فحلبت الغنم ، وسقته ما طلب ، وهناك من قال أن أمها لاحظت نقص الحليب ، وظنت أن هناك من يجبر ابنتها على حلب الأغنام ، وذلك ما دعاها لإخبار والدها .

ذكر حسن بن سليمان في كتابه عن الأمير عبد العزيز بن مساعد ، أنه لما تحقق النصر للإمام تركي عام 1236 هـ لم ينس أن هويدية ولدت للإمام حلوي أثناء جلوة والده أي جلاءه ونزوله عن الدرعية .

ولكن هذا يتعارض مع قول ابن خميس (أن الإمام تزوج هويدية بعد أن دخل الرياض ، وأعاد حكم أبائه) ، ويدل على ذلك قوله ( فلما تبين نصره خطبها تركي من أبيها ) ، إلا أن معظم الروايات ومنهم رواية عثمان ابن بشر ، أيدت زواج الإمام من هويدية أثناء خروجه من الدرعية وقبل عودته لحكم الرياض ثانية .

جلوي ابن الإمام من هويدية :
سمي ابن الإمام من هويدية بجلوي بسبب جلوة أبية ومن معه عن الدرعية ، ويعد جلوي أحد أشهر رجال أخيه الإمام فيصل بن تركي ، وساعده الأيمن ، وقد عرف أولاده بآل جلوي ، وهم فرع رئيسي من فروع الأسرة الحاكمة آل سعود.

وقد جاء من نسله العظام أمثال أبنائه عبد العزيز وفهد وعبد الله وحفيده عبد العزيز بن مساعد ، والذين شاركوا الملك المؤسس في دخوله للرياض ، وكانوا من السبعة الذين اشتركوا بواقعة المصمت .

معركة الرياض :
تذكر بعض الروايات أن الأميرة هويدية ظلت محل فخر ، واعتزاز بين أبنائها وأحفادها ، ولذلك واقعة شهيرة أثناء محاولة استعادة الرياض 1319هـ ، حيث قام الأمير عجلان بن محمد خصم الأمير عبد الله بن جلوي بمناداته باسم جدته خلال المعركة .

فلحق به الأمير الذي كان يفاخر بجدته هويديه رحمها الله ، وقالت المراجع التاريخية أن الأمير عجلان وافته المنية من جراء إطلاق النار عليه من قبل الأمير عبد الله بن جلوي ، كما تذكر الروايات أن الأميرة هويدية كانت شاعرة ولها بعض القصائد الرائعة ، ولكن للأسف لم يصلنا منها شيء نظرًا لأنها لم تدون ، وانتقلت شفهيًا بين الأجيال ، كما لم يذكر أي شيء عن تاريخ أو عمر وفاتها ، ولكن ظل اسما محفورًا في تاريخ المملكة من نور .

By Lars