عبدالله العمودي المعروف بالقاضي والمصلح ، واحدًا من العلامات في تاريخ القضاء في المملكة ، وأحد أشهر أبناء جازان ، له مسيرة كبيرة ومشرفة في الدعوة والوعظ ، انتقل وسافر كثيرًا بحثًا عن العلم ، تتلمذ على يد أفضل علماء المملكة.
شملت رحلته زيارة مصر والتعلم في الأزهر الشريف ، وعرف عنه شغفه بالكتابة والتأليف في شتى العلوم الأدبية والدينية ، فكان له باعًا كبيرًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي الإصلاح بين المتخاصمين والمختلفين .
كان له مكانته لدى أبناء المملكة جميعهم وحتى الملك المغفور له عبدالعزيز رحمه الله ، أصر على أن يبقى في مهنة القضاء ، لأطول فترة ممكنة حتى أن شعر الشيخ أنه غير قادر على مواصلة العمل ، بسبب تقدمه في السن ، فقرر أن يتقاعد ويعيش ما تبقى له بين أهله ومحبيه ، بعد أن قضى عمره بين التدريس والقضاء والعلم .
الميلاد :
ولد عبد الله بن علي بن عبدالله باسند العمودي البكري في مدينة أبي عريش ، ويقال أنه ولد بين 1295هـ إلى 1299هـ لم يستقر المؤرخين على تاريخ محدد ، توفي والده وهو صغير ، فربته والدته وأحسنت تربيته ، وساعد والدته أحد أصدقاء الوالد اسمه مبارك .
فكان هذا الرجل يقوم على شئون الأسرة وكان رجل صادق وأمين ، بنى للأسرة سقيفة على طريق السوق ، ومن ثم قام باستثمارها لتدر على الأسرة ربح يساعدهم على الحياة ، فكانت كاستراحة للمسافرين بها الماء العذب والطعام ، وكانت الأسرة تحبه وتحترمه وتناديه باسم الأب مبارك .
النسب :
آل عمودي هم أسرة عرفت بحبها للعلم والشرف ، وقال عنهم بعض المؤرخين أنهم من سيبان من حمير ، ويقال أن الشيخ سعيد عيسى العمودي ولد في حضرموت عام 600هـ ، لقب بهذا الاسم لأنه كان كثير الصلاة ، ولأن الصلاة عماد الدين فقد أطلق عليه العمودي ، كان من المعروف عن الشيخ سعيد سعيه للإصلاح ، وحبه للجمع بين الناس .
طلب العلم :
حرصت أسرة الشيخ عبد الله على أن يتعلم القرآن منذ الصغر ، وبعدها التحق بأحد حلقات القرآن عند آل عاكش ، ومن ثم درس الفقه والتفسير والحديث ، واللغة العربية والعديد من العلوم الأخرى ، درس مبادئ العلوم وبعدها سافر إلى ميناء الحديدة .
تعلم هناك العلوم الشرعية في حوالي عام واحد ، بعدها ذهب إلى قرية المراوعة في شرق الحديدة ولازم كبار العلماء فيها من أجل دراسة أنواع جديدة من العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه ولغة عربية ونحو وصرف .
تم أجازته على كل العلوم التي درسها ، فانتقل إلى مدينة زبيد ودرس من جديد ، بعدها سافر لأداء مناسك الحج ، وأثناء الرحلة قابل العديد من العلماء ، وتردد كثيرًا في هذه الرحلة على مكة المكرمة من أجل أن يلتقي علماءها.
سافر إلى مصر ليتعلم في الأزهر الشريف وبعدها هاد إلى أبي عريش ، ولكن في طريقة مر على بلدة ميدي ، وهناك التقى بالإمام محمد الإدريسي ، والذي عينه في القضاء عام 1344هـ والذي عمل فيه حتى عام 1365هـ ، وبعدها قدم طلب إعفاء ، وافق الملك عبدالعزيز رحمه الله لكنه عينه كمدرس للعلوم الشرعية .
العمل :
تعددت أعمال الشيخ بين القضاء والتدريس والإرشاد والوعظ ، فقد تولى مهنته في القضاء بعد أن قابل السيد محمد بن على الإدريسي ، والذي كلفه بعمله في القضاء ، وكان في نفس الوقت يقوم بالتدريس في جامع المدينة ، كما كان يتولى الإمامة أيضًا .
عمل فالقضاء مرة أخرى في جازان ، وكان له عدد من المبادرات التي انتهت جميعها بالمصالحة ، وكان من المعروف عن الشيخ أن له فاعلية كبيرة ، وقدرة على التفاوض ، وكان الجميع يحترمه من أصغر شخص إلى شيوخ القبائل والأعيان .
وكان حريصًا على أن يستمر في الوعظ والتدريس طوال الوقت ، وكان طلابه يحبونه ويحترمونه بصدق ووفاء شديد ، حين قدم طلبًا للتقاعد عام 1365هـ من مهنة القضاء أمره الملك عبدالعزيز أن يستمر في مهنة التدريس .
التراث الأدبي :
كتب العديد من المؤلفات والتي كانت في مختلف أنواع العلوم الشرعية من تفسير وفقه وحديث ، وكذالك كتب في التاريخ والتراجم والأنساب وأدب الرحلات ، وكانت له أيضًا مؤلفات شعرية عظيمة ، ما زالت باقية حتى يومنا هذا .
أشهر كتب الشيخ هو كتال اللامع اليماني في تاريخ المخلاف السليماني ، والرحلة التعزية ، والمد الصيملي الفرق لفتى الصيلمي ، المرشد والبيان المفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، الدر النفيس في ولاية الإمام محمد بن على بن إدريس .
الوفاة :
توفي الشيخ عام 1398هـ بعد أن كبر في السن كثيرًا ، وبدأت أمراض الشيخوخة تهاجمه فكان لابد أن يلازم الفراش ، وبعد مسيرة ليست قليلة مع المرض ومسيرة كبيرة في العلم والعمل والدراسة ، توفي الشيخ بعد أكثر من 100 من العطاء .