حمد الحجي أشهر شعراء المملكة وعرف بأنه شاعر الألم والمعاناة ، شاعرًا مبدعًا وكان هذا جليًا للجميع منذ البدايات ، كان لافتًا بدرجة كبيرة أنه سيكون علامة أساسية في الشعر العربي ،  حين أصيب بالمرض زادت درجة إبداعه وبرزت موهبته أكثر ولذلك أطلق عليه شاعر الألم والمعاناة .

الميلاد والحياة :
ولد حمد بن سعد الحجي في عام 1357هـ في محافظة مرات وتقع في شمال الرياض ، ورث الموهبة عن والده الذي كان شاعرًا شعبيًا شهيرًا ، توفيت والدته حين كان صغيرًا وقامت شقيقته بتولي رعايته وتربيته ، تعلم في الكتاب منذ سن صغيرة .

وبعدها التحق بالمدرسة الابتدائية ، بدأ دراسة في معهد الرياض العلمي عام 1372هـ ، كانت هذه المرحلة بالنسبة له المرحلة التي اكتشف فيها موهبته ونبوغه الشعري ، فقام في هذه المرحلة بكتابة العديد من القصائد ، وكان أشهرها قصيدة افتتاح المطابع في الرياض والتي نشرت عام 1374هـ .

تخرج من المعهد عام 1376هـ وبعدها قرر أن يكمل الدراسة ولكن في كلية الشريعة ، التحق بكلية الشريعة في الرياض ، فدرس اللغة العربية وأتقنها ، لم تكن حياة حجي سهلة بل كانت مؤلمة مليئة بالفقد والصعاب ، فقد والدته في سن صغيره ، وكان يشعر بالوحدة وفقد الحنان كثيرًا خاصة في أوقات المرض ، والتي عانى منها كثيرًا ، فكان يرتحل إلى داخل وخارج المملكة بحثًا عن علاج ، حتى أن الديوان الذي نشر فيه أشعاره بعد أن قام بجمعها كان اسمه ديوان عذاب السنين ، كان على الرغم من ذلك رقيق مرهف الحس ، دائم الوهن بسبب المرض .

مراحل شعر الحجي :
قسم النقاد المراحل التي مر بها شعر حمد الحجي إلى ثلاث مراحل ، وعلى حسب رسالة الماجستير التي أعدها خالد الدخيل في شعر حمد الحجي جاءت هذه التقسيمات ، في المرحلة الأولى وكانت الأقوى من حيث الإبداع ، وكانت هذه المرحلة قبل المرض .

لم يكن شعر الحجي في هذه المرحلة ملفت إلى حد كبير ، المرحلة الثانية هي مرحلة تفجر الموهبة والإبداع ، وكانت حين أصيب بالمرض وظهر فيها الإبداع واضحًا جليًا ، واحتوت كلماته على مضامين مهمة ، وكذالك عدد من الدلالات التي تنعكس على حالته الشخصية التي يمر بها .

وتعتبر المرحلة الثانية هي مرحلة النضوج الفني بالنسبة لحمد الحجي ، أما أخر مراحل شعره فكانت بعد المرض الشديد ، والذي أثر على شعره ، لم يكن إبداعه كما كان ، ولم يتذكر له الناس إلا أبياتًا قليلة في هذه المرحلة ، وقد فسر البعض هذا بأن شعوره بالألم والمعاناة كان سببًا في الإبداع ، لكن مع زيادة الألم والمعاناة توقف الإبداع .

حياة حجي :
لم تكن حياة حمد حجي طويلة ، ولكنها على الرغم من ذلك كانت حافلة بالحزن والألم ، وقد درس العديد من أساتذة الأدب حياة حجي ، حتى اتفقوا على تقسيم حياته إلى مرحلتين :

المرحلة الأولى : هي منذ الميلاد وحتى سن الثالثة والعشرين ، شهدت هذه المرحلة أيام الحرمان من الأم والتعليم وبداية النبوغ الشعري ، وكذالك بداية المرض ، والتفاف الكثيرين حول موهبته وشعره ، كان الجميع يتوقع أن يكون لهذا الشاعر مستقبلًا زاهر ، بدأت المرحلة منذ الميلاد عام 1357 هـ إلى 1380هـ .

أما المرحلة الثانية : فبدأت منذ 1380هـ إلى 1409هـ أي حتى وفاته ، وكانت هذه المرحلة عبارة عن ثلاثين عام متواصلة من الألم والعذاب والمعاناة ، جفت موهبته وقل إبداعه ، وانغمس في الألم ، وكان يقضي أيامه بين المراكز الطبية داخل وخارج المملكة .

كان كل وقت حمد الحجي يقضيه بحثًا عن علاج في محافظات المملكة ، وأيضًا في الكويت ولبنان ومصر ، حتى أن الدولة شعرت بالتعاطف معه وأمر الملك فهد رحمه الله والملك سلمان حفظه الله والذي كان حينها أميرًا للرياض أن يتم إهداء حمد منزل بالأثاث في الطائف ، وهو ما أدخل سرورًا كبيرًا على نفس حمد .

أعماله :
على الرغم من أن عمر إبداعه لم يكن طويلًا إلا أنه كان كثير العمل في المرحلة الأولى من حياته ، فقد عمل في مجلة اليمامة ونشر فيها 9 قصائد وأيضًا 3 مقالات ، كذالك اهتم بالصحافة المحلية ونشرت قصائده في عدد من الصحف في المملكة .

جمعت هذه القصائد معًا على يد محمد الشدي في ديوان واحد اسمه عذاب السنين ، وصدر هذا الديوان في عام 1409هـ وهو نفس العام الذي توفي فيه حجي ، كان لحجي حضورًا واضحًا في الوسط الأدبي وهو ما جعل الجميع يحاول الوصول إلى ديوانه ، ولكن كان الوقت متأخرًا كثيرًا .

الوفاة :
جاءت الوفاة بعد رحلة طويلة من المرض قضاها بين المملكة والكويت ولبنان ومصر وأيضًا لندن ، كان يتلقى العلاج باستمرار لكن تحسنه لم يكن يذكر ، فكان حمد مصابًا بمرض في الرئة وتطور إلى أن وصل إلى القلب ، لم ينقذه الأطباء ولا الأدوية ، مات ودفن في محافظة مرات مسقط رأسه ، تاركًا تراثًا من الشعر والألم … رحمة الله عليه .

By Lars