محمد بن صالح نصيف الرائد في مجال الإعلام والصحافة ، والذي يعد من أشهر أبناء المملكة في العمل الإعلامي ، فهو أحد أعمدة التحرير الصحفي بالمملكة ، ويعد من أشهر الكتاب والصحفيين العرب ، وهو مؤسس صحيفتي بريد الحجاز وصوت الحجاز .
الميلاد والشباب :
محمد صالح بن حسن نصيف مواليد جدة عام 1892م ، والذي يوافق عام 1310هـ ، تعلم في كتاتيب جدة القراءة والكتابة ، ولكنه أحب العلم وخاض مشوارًا طويل في التعلم من خلال المحاضرات والدورات العلمية التي كان يحضرها .
كان فارع الطول وممتلئ الجسد وكان لونه حنطي ووسيم المظهر بشكل عام ، حيث كان يزين وجهه لحية كاملة ، وقد عرف بين الجميع على أنه شخصية طيبة تسعى للصلاح دائمًا ، والرأي الراجح .
وبالتالي كان يسعى إليه المتخاصمون من أجل أن يصالحهم ، وكذالك كان الناس يستشيرونه في أمور حياتهم ، كان خلقه مستقيم ولا يتساهل في كل ما يتعلق بالدين والأخلاق الحميدة.
وكان مثقفًا يولي اهتمام خاص بقضايا الوطن العربي ، وكان له دور جوهري في جمعية إغاثة المنكوبين في فلسطين والأردن حين كان في الخامسة والثلاثين من عمره ، وكذالك كان له الكثير من المشاركات فيما يخص المجتمع المحلي ، وكان أحد مؤسسي جمعية الطيران العربية والتي كانت نادي للهواة .
كان متعاونًا لا يخذل أي شخص يلجأ إليه أبدًا وكان يهتم بالعادات والتقاليد ، وكان محبوبًا في مجتمعه ويحرص على وصل الأهل والأقارب ، كذالك كان يهتم برأي والدته كثيرًا ويستشيرها في كل جديد في حياته ، وكان يفخر برأيها وينفذه فقد كانت راجحة العقل على الرغم من أنها لم تتعلم القرأة أو الكتابة.
المناصب :
كان أحد الأعيان في مجتمعه وكان من بين الأعيان الذين طالبوا الشريف الحسين بالتنحي ليتولى ابنه منصبه ، وكان أحد الرجال المعروفين سياسيًا وفكريًا ، وكان أحد الرجال الذين عايشوا كافة التحولات التي حدثت في أثناء الحرب العالمية الأولى .
وتم تعيينه كرئيس الماليات والجمارك في عهد الوزير عبد الله سليمان ، وكذالك أيضًا احتل منصب رئيس بلدية مدينة جدة في أثناء العهد الهاشمي ، و في نفس الأثناء أسس جريدة بريد الحجاز وأصدرها من جدة ، كان هو رئيس تحريرها ومديرها .
ثم تعين كعضو لمجلس الشورى أكثر من دورة وفي هذه الأثناء قام بتأسيس المطبعة السلفية وكان مقرها في مكة ، كان مهتمًا بالتعليم في المملكة وعرف عن أسرته أنها تنفق في سبيل العلم والمعرفة ، وهذا هو السبب الذي دفعه لتأسيس جريدة صوت الحجاز والتي أعتبرها البعض امتداد لبريد الحجاز .
ولكن هذه المرة جعل الأستاذ عبد الوهاب آشي هو رئيس التحرير ، رغم اهتمامه بمجال الصحافة إلا أنه كان أحد الرجال الذين يثق بهم الحكام وبالتالي توالت عليه المناصب المختلفة فقد عين بعد ذلك كرئيس للأوقاف .
الأدب :
كان نصيف يعشق الأدب وقد حرص على أن يخدم الأدب والثقافة طوال حياته ، فقد أصر أن يحدد سياسات وأطر صحيفة صوت الحجاز حتى تخدم أهدافه الأدبية والثقافية ، وحتى بعد صدورها بعد الحرب العالمية الثانية باسم البلاد العربية استمرت على نفس النهج .
أشهر أعماله :
كان أبرز عمل قام به محمد بن صالح نصيف هو الحوار الذي أجراه مع الملك عبد العزيز رحمه الله ، وكان هذا اللقاء عقب توحيد المملكة تحت مسمى واحد ، ويعد هذا اللقاء من أشهر اللقاءات الصحفية التي عرفتها المملكة ، منشر في عام 1351هـ .
ورغم انشغاله الشديد بالمناصب التي عين فيها إلا أنه كان لديه شغف كبير بالصحافة والكتابة ، وحرص على أن يكمل في هذا الشغف رغم مشاغله ، وقد حرص على حلمه في تحويل جريدة صوت الحجاز إلى جريدة يومية بدلًا من أسبوعية .
وكان يأمل أن يتم ذلك بالاشتراك مع الشركة العربية للطبع والنشر ، وبالفعل حين تم الاتفاق مع الشركة العربية ونقل الامتياز إليها ، تم دمج الجريدة مع جريدة البلاد وتولتها الشركة العربية ، وعاد النشر من جديد .
الوفاة :
توفي محمد بن صالح نصيف في مسقط رأسه في جدة ، وكان هذا عام 1971 م -1391هـ ، عن عمر يناهز الواحد وثمانين عامًا ، وهناك أقاويل تؤكد أنه توفي عام 1973م -1393هـ في الأول من أكتوبر ، خامس يوم في شهر رمضان .
بعد أن قضى عمره كله في خدمة الوطن ونشر الدين ، وقد تمكن من تحقيق العديد من الإنجازات الصحفية ، والتي جعلته يتعقب الملوك ويقيم معهم الحوارات الصحفية وكذالك يكتب عن حياتهم وحكمهم .
سيرة محمد بن صالح نصيف من السير التي يجب أن ندرسها ونعلمها لأولادنا ، حول الرجال الذين قضوا أعمارهم في خدمة الوطن حاملين رسالة الأدب والثقافة بين أيديهم ، ويسعون لنشر المعرفة والعلم ، ولم يبخل على هذا بأي مال أو جهد أو وقت .