كانت وما زالت تجارة اللؤلؤ من أهم المصادر لدر الأرباح على مستوى العالم ، وعادة ما يسمى تاجر اللؤلؤ في خليجنا العربي بـ الطواش ، ومن أشهر هؤلاء التجار الذين تركوا أثرًا في هذه التجارة هو شيخنا محمد عبد الوهاب الفيحاني .

كان الشيخ محمد من أشهر وأمهر تجار اللؤلؤ ، في القرني الثالث عشر والربع عشر الهجري ، ومع ذلك لم يأخذ حقه من المعرفة والكتابة ، عن مسيرة حياته الزاخرة بكثير مما قد يفيد غيره .

ميلاده ونشأته:
هو من مواليد عام 1260 هـ ، وكان مسقط رأسه في البحرين وتحديدًا بالمحرق ، لم تكن تجارته في اللؤلؤ وليدة اللحظة بل أنه تربى عليها ، حيث كان أبوه تاجر لؤلؤ مشهور ، وقضى الشيخ محمد تعليمه في الكتاتيب حيث تعلم القراء والكتابة ، حتى سن الخامسة عشر ، فتم إرساله لعلماء المسجد الحرام حتى يكمل التعليم بمكة المكرمة .

ولم يقتصر علم الشيخ ، على هؤلاء العلماء ولكنه بعد ذلك انتقل إلى منطقة الإحساء ؛ ليتعلم المزيد من المعارف ، ولم يبقى فيها إلا عامًا واحدًا ، ثم عاد إلى بلاده وقد تزود من العلوم ما تزود .

توفي والد الشيخ محمد في سنة 1290 هـ ، فما كان من الابن إلا أن مارس وتعلم تجارة الأب ، ولكنه تفوق فيها واثبت شغفه بها فلم تكن مجرد تجارة بالنسبة إليه ، ذاع صيت الشيخ محمد وأصبحت لديه من السمعة أطيبها لدى من يتعامل معه من الخليج العربي خصوصًا ، ولم تكن هذه الشهرة من فراغ بل كانت من صدق تعامله وأمانته وطيب أصله .

علاقات الشيخ بزعماء العرب
ومما اشتهر أيضًا عنه أنه كانت له من العلاقات الكثيرة مع زعماء المنطقة ومنهم حاكم قطر الشيخ قاسم آل ثاني ، وحاكم البحرين الشيخ عيسى بن علي بن خليفة ، والسيد فيصل بن تركي سلطان عمان ، والذي أهداه قصرًا بجوار قصره في مسقط .

ولم تكن علاقات الشيخ محمد مقتصرة على العرب فقط ولكن امتدت لتشمل العثمانيين في ذلك الزمان ، فقد مُنِحَ الشيخ لقب الباشوية من الوالي العثماني بمنطقة الإحساء ، وأقيم احتفالًا لتهنئته بهذا اللقب وكان ذلك في عام 1303 هـ .

بعد حصوله على رتبة الباشا رجع إلى مسقط رأسه في البحرين ، والتقى بأهله وجماعته ، والذين قام بالترتيب معهم للنقل إلى بلدة الدارين ، ولم يُعرَف حتى الآن سبب اختياره لهذه البلدة بالتحديد .

قصره وما أُشتهر به
وصل الشيخ محمد إلى الدرين بعد أخذه الإذن من الوالي العثماني ، حتى يقيم كيان خاص به في هذه القرية ، استقر بها في عام 1303 هـ ، وانشأ قلعة الفيحاني والتي ما زالت حتى الآن لها أثاراها الموجودة بتلك المنطقة .

وكان للقلعة طراز معماري فريد ومميز ، تكونت من برج ومجموعة كبيرة من الغرف والمجالس الفخمة ، كان مكانً يليق بحق بالشيخ محمد ، وكان من زوار هذه القلعة وجهاء القوم وعليتهم من البحرين والجزيرة العربية ، كما أنها كانت ملجأً للعابرين من البر والبحر ، ومأوى لضيوفه وخصوصًا أصدقائه من البحرين .

ذكر أحد أحفاده أن الشيخ محمد قد صاهر شيخ قبيلة العجمان راكان بن حثلين ، ولكن في كتاب شاعرات البادية  ، يذكر لنا  عبد الله بن ردارس ، أنه قد تزوج ابنة شخص يدعى خوليد من قبيلة العجمان أيضًا .

كان رجلًا معطاءً…
والآن سنذكر بعض مما أُشتهر عنه في أعمال الخير :

بنى الشيخ محمد بعض المساجد ومنها : مسجد الجسرة بقطر ، ومسجد العقير ، ومسجدًا بالمنامة ، وكان يهتم ببناء المساجد في كل مكان بالوطن العربي ، يعلم أن أهله في حاجة لمسجد في منطقتهم .

وفاة الشيخ
توفي الشيخ محمد عن عمر يناهز الـ 64 عامًا ، من العمل ونأمل أن نكون قد أزلنا الستار عن مواقف حياة الشيخ محمد ، والتي كانت مليئة بالعطاء وبكرم أخلاقه الطيبة ، حيث أنه ضرب مثالًا لرجل مسلم اجتمعت فيه من الخصال الطيبة وحسن المعاملة مع الغريب والقريب ، ما يجعل حديث الرسول صلّ الله عليه وسلم ينطبق عليه ، والذي يقول فيه نعم المال الصالح للرجل الصالح  

By Lars