من طفل في المنفى إلى شاهبندر تجار الحجاز ، هكذا دائمًا تسير القصة ، من طفل تقسو عليه الدنيا ، فيقسو عليها ، ويطوعها بين يديه ، لتصبح شيئا لينا ، يحركه كما يشاء ، أنه عبد الله باشا باناجة ، الذي قربه السلطان العثماني من بلاطه الملكي ، ومنحه لقب البشوية كأول رجل من أبناء المملكة بالأراضي العثمانية يحصل علي اللقب ؛ ليسجل التاريخ اسم باناجة عاليًا مع الملوك والعظماء .
نشأته ومولده :
ولد عبد الله يوسف باناجة عام 1852م لعائلة من الدواعن ، قدمت من حضرموت إلى أرض الحجاز قبل قرن ونصف القرن ، ولكنه اضطر أن ينتقل مع والديه إلى المنفى في جزيرة قبرص عقب أحداث فتنة جدة .
وهي حادثة وقعت في عام 1858م ، وملخصها أن صالح جوهر أحد تجار جدة كان يرفع على مركبه علم بريطانيا ، وأراد أن يغيره ويضع العلم العثماني ، فلما سمع القنصل البريطاني بهذا ، ذهب ونزع العلم العثماني ، وألقاه تحت قدميه ، الأمر الذي جعل الدم يغلي في عروق بعض أبناء الحجاز ؛ فقاموا بمداهمة القنصلية وقتلوا القنصل البريطاني ومعه القنصل الفرنسي ، وبعض الرعايا الأجانب المقيمين بجدة ، مما دفع لندن للرد بإطلاق بوارجها على جدة ؛ ودمرت أجزاء منها.
فقامت السلطات العثمانية بالتحقيق في الواقعة ، والقبض على المحرضين ، والمنفذين ومعاقبتهم ، وكان من بينهم يوسف باناجة والد عبد الله ، وهناك تلقي جزء من تعليمه قبل أن يعود إلى جده مرة ثانية ، عقب وفاة والده بالمنفى.
بداية نجاحه :
لم تطل إقامة عبد الله باناجة بجده حيث نشبت الخلافات بينه ، وبين أخيه محمد أفندي باناجة عميد العائلة ، فقرر السفر إلى اسطنبول والبداية من هناك ، ورأى باناجة أن التجارة هي الطريق الأقرب للنجاح .
ووجد في نفسه من الكياسة والفطنة ما يؤهله لهذا العمل ، فاختار تجارة من التجارات الرائجة ، وهي تجارة المجوهرات واللؤلؤ ، والتي كان العثمانيون يقبلون عليها ، ويعشقون اقتنائها .
أيضًا كان عبد الله بن باناجة يتمتع بالذوق الرفيع ، والفن في اختيار الأذواق والتصاميم ، فأقبل عليه الأعيان من رجالات الدولة العثمانية ، وذاع صيته حتى وصل للسلطان عبد الحميد الذي قربه منه ، وعينه في البلاط الملكي ، ثم في البرلمان العثماني الذي أسسه عام 1877م ، ومنحه لقب البشوية ليصير بذلك أول باشا من أبناء الحجاز خارج دائرة أشراف مكة .
عودته لجدة :
بعد وفاة أخيه الأكبر محمد أفندي عميد عائلة باناجة ، عاد إلى جدة ليتسلم عمادة العائلة ، ويدير شؤونها ، وهناك بدأ في امتلاك البيوت الصغيرة ، ثم الكبيرة ، ثم توسع لبناء القصور وتشييد القاعات في كل من مكة وجدة والطائف .
وبنى ما عرف بمقصورة باناجة ، والتي كانت ملتقى لأهل العلم والفكر ، والأعيان فكان يتردد عليها ، وسمو الملك عبد العزيز آل سعود ( طيب الله ثراه) ، الشريف حسين بن علي والملك فاروق ملك مصر والسودان حينها ، وقد اتخذ منها الملك عبد العزيز آل سعود بعد ذلك مكانًا لمقابلة مواطني المملكة لتلقي مطالبهم.
تجارته مع الهند :
كانت أرصفة ميناء جدة مهدًا لصفقات التجارة الهندية ، كما كان الحجاج يأتون ، من وإلى الهند بواسطة المراكب الشراعية التي تصنع بجدة ، فاستثمرت عائلة باناجة أموالها في مجال نقل الحجاج إلى الهند وسنغافورة وماليزيا وغيرها من الدول الأخرى .
كما أن الهند كانت مصدرًا للأحجار النفسية والمجوهرات ، والتي كان يتاجر بها عبد الله باشا بن باناجة ، وقد كان لنشاط أهل باناجة التجاري مع الهند والسواحل أثر كبير في تطوير حركة التجارة بمدينة جدة ، وتحولها الجذري من ميناء بسيط إلى ميناء لا يكف عن الحراك .
هجرته إلى مصر :
توسع عبد الله بن باناجة في نشاطه العقاري ، فاشترى قصراً في مواجهة الحرم المكي أطلق عليه دار باناجة ، قامت حكومة المملكة بشرائه بعد ذلك ، كما أسس قصراً أخر علي شكل باخرة ، جسد فيه الطراز التركي بكل ما حملة من فخامة ورقي .
وقد كان لعبد الله باشا ذوقًا رفيعًا في اختيار الأماكن والتصاميم ، الأمر الذي جعل الطلب على المنشات التابعة له يزيد ، ويزيد معه ثراء باناجة ، وقد تعدى نشاطه العقاري حدود المملكة حيث امتد إلى مصر .
فبعد تنصيب الشريف الحسين بن علي أميرًا على الحجاز ، والذي كان معروفًا بكرهه للدولة العثمانية ، قرر باناجة الهجرة إلى مصر حتى لا يقع حائرًا بين الطرفين ، ويتم التضييق عليه ، فوظف ابن أخيه أحمد أفندي باناجة نائبًا عنه ، وسافر إلى مصر ، وهناك استمر في شراء القصور ، ووسع تجارته ؛ فاشترى العقارات المطلة على نهر النيل .
وفاته :
توفي عبد الله باشا باناجة في مقتبل الثمانين من عمره ، ولم يخلف وراءه من الأبناء من يرث كل ما صنعه من مجد ومال ؛ فألت ثروته إلى أخيه من بعده ، وظل اسم باناجة مرفوعًا حتى وقتنا هذا ، فأسرة باناجة من أسر المملكة العريقة ، والتي تعمل حاليًا في مجال الصناعات الدوائية بامتلاكها لمجموعة باناجة القابضة ، والتي صنفت ضمن أقوى 100 شركة بالعالم طبقًا لمجلة فوريس عام 2015م .
التوقعات الشهرية لبرج الجوزاء لعام 2025 عام من التطورات المميزة على الصعيد العاطفي والمهني والصحي…
التوقعات الشهرية لبرج الثور لعام 2025 عام من التحولات الإيجابية والنجاحات الشخصية يعد عام 2025…
التوقعات الشهرية لعام 2025 لبرج الحمل عام من الفرص الذهبية والتحديات البنّاءة على الصعيدين المهني…
الأبراج الأكثر حظاً في 2025 عام الإنجازات الكبرى والثروات المتجددة يحمل عام 2025 معه العديد…
الأبراج الأكثر حظاً في العمل لعام 2025 تطورات مهنية وفرص استثنائية يترقب الكثيرون ما سيحمله…
التوقعات العاطفية للأبراج لعام 2025 هل سيكون هذا العام عام الحب مع اقتراب عام 2025،…