قصص عالمية

قصة الكونتيسة التي قادت التمرد الأيرلندي

ولدت كونستانس ماركيفيتش Constance Markievicz في ثراء كبير ، وعززت مكانتها من خلال دعم شعبها حيث فازت بمقعدٍ لها إلى جانب أقوى رجال البلاد ، وقضت حياتها تكافح من أجل الاستقلال الأيرلندي ، حتى تعرضت للمحاكمة وسُجنت بسبب تصرفاتها السياسية ، رغم أنها ولدت في الثروة والنعيم ومع ذلك فالثورة التي قادتها أوجدت لها مقعدًا في البرلمان نفسه الذي عانى منه شعبها ، ولكن كونستانس ماركيفيتش رفضته بكل بجرأة .

حياتها السابقة :
وُلدت كونستانس ماركيفيتش لمالك أرض ثري في لندن فبراير 1868م ، كان والدها مغامر ومستكشف في القطب الشمالي يدعى السير هنري غوربوث ، وكانت هي وأختها إيفا يمتلكون الكثير من الأراضي والمال في مقاطعة سليغو بأيرلندا ، وخلال مجاعة 1879م لم يعاني كل من يعمل مع والدهم من تلك المجاعة ، حيث ذهب السير هنري إلى كل مكان بالمقاطعة للتأكد من أن جميع المستأجرين لديه كانوا يتغذون جيدًا ، وهو عمل خيري كان غير معتاد في ذلك الوقت .

وكان لمعاملته الطيبة مع الفقراء والطبقة العاملة تأثير عميق على كل من بناته ، حيث أن إيفا وماركيفيتش أصبحا أعمدة لتحرر المرأة في جميع أنحاء أيرلندا ، وقد كانت ماركيفيتش فنانة موهوبة ، وعندما وصلت إلى العشرينات من عمرها قررت أنها تريد متابعة التدريب المهني في الفنون ، ومع ذلك في هذا الوقت لم يكن هناك سوى مدرسة واحدة في جميع أنحاء دبلن من شأنها أن تعترف بالمرأة .

وهكذا انتقلت في عام 1893م إلى لندن لتتدرب كرسامة في مدرسة سليد للفنون ، ومن هناك ذهبت لتدرس الفن في باريس ، حيث التقت هناك بالكونت كازيمير ماركيفيتش النبيل البولندي وزميلها الفنان أيضًا، وتزوجا في عام 1900م وبعد فترة وجيزة انتقل الزوجان إلى دبلن معًا .

الانخراط بالسياسة والاعتقالات المبكرة :
وأثناء إقامتها في دبلن بدأت الكونتيسة ماركيفيتش في تحويل انتباهها من الفن إلى السياسة ، فالتقت بالعديد من أعضاء الحركة القومية الأيرلندية ، وبدأت في دراسة المنشورات التي تروج للاستقلال عن الحكم البريطاني ،  وأدت هذه التأثيرات إلى جانب رعايتها للفقراء والطبقة العاملة ، إلى انخراطها بفعالية في السياسة القومية الأيرلندية بحلول عام 1908م .

وانضمت كونتيسة ماركيفيتش إلى الحركة الثورية لبنات أيرلندا ، وأصبحت عضوًا نشطًا في  Sinn Féin ، وهو حزب سياسي يساري وشكلت أيضًا منظمة الشباب الايرلندية الوطنية ، التي جندت ودربت الشباب على التكتيكات العسكرية ، بما في ذلك إطلاق النار ، وأدى نشاطها السياسي إلي وضعها داخل وخارج السجن أكثر من مرة .

وتم القبض على ماركيفيتش للمرة الأولى في احتجاج عام 1911م على إثر زيارة الملك جورج الخامس إلى أيرلندا ، لإلقائها الحجارة وتوزيع المنشورات ومحاولة حرق العلم البريطاني ، وفي 24 أبريل 1916م شاركت ماركيفيتش في ثورة عيد الفصح ، وهو تمرد من القوميين الأيرلنديين ضد الحكومة البريطانية في أيرلندا ، وقادت ماركيفيتش الثوار في تمرد مكون من نحو 1600 شخص .

واستولوا على مواقع إستراتيجية في دبلن لإعلان أيرلندا لجمهورية مستقلة ، خالية من الحكم البريطاني ، ومع ذلك لم تحصل الانتفاضة على الدعم الشعبي اللازم للبقاء على قيد الحياة ، وفي غضون أسبوع أرسلت الحكومة البريطانية قواتها لسحق التمرد ، فقتلت المئات من الأشخاص وألقت القبض على قادة ومؤيدي الانتفاضة .

إطلاق سراحها في 1917م :
لقد حُكم على خمسة عشر فردًا من قادة عيد الفصح بالإعدام رميًا بالرصاص ، وبينما شاركت العديد من النساء في التمرد واعتقلن ، فقط ماركيفيتش هي التي حُكم عليها بالإعدام مثل بقية الرجال ، ومع ذلك لأنها كانت امرأة تم التساهل معها ، وخُفضت عقوبتها إلى السجن مدى الحياة بدلًا من ذلك .

وفي تلك الأثناء قالت كونستانس ماركيفيتش للبريطانيين : “أتمنى لو كان لديكم الكثير من اللياقة لإطلاق النار عليّ ” ، وفي عام 1917م منحت الحكومة الرأفة لجميع أولئك المسجونين خلال عيد الفصح ، وأُطلق سراح ماركيفيتش وواصلت نشاطها السياسي ، حيث شاركت في مؤامرة أخرى مناهضة لبريطانيا أعادتها إلى السجن في العام التالي .

ورغم أنها كانت مسجونة إلا أنها كانت تدير حملتها الخاصة للحصول على مقعد في البرلمان ، وفازت بالفعل وتم انتخاب كونستانس ماركيفيتش لتمثيل دائرة دبلن سانت باتريك ، مما جعلها أول امرأة تُنتخب لمجلس العموم في المملكة المتحدة ، حتى أن خطاب قبولها من داوننج ستريت قُرأ بصيغة “سيدي العزيز”.

ومع ذلك تمشيًا مع معتقداتها والتزامها القومي تجاه حزبها شين فين ، رفضت أن تقسم اليمين للملك ولم تأخذ مقعدها ، وعندما أقامت الجمهورية الأيرلندية حكومتها الثورية الخاصة المعروفة باسم “دايل إيريان” في عام 1919م ، تم انتخابها وزيرًا للعمل وخدمت حتى عام 1922م ، لتصبح أول وزيرة نسائية أيرلندية .

وتم انتخاب كونتيسة ماركيفيتش في دايل مرة أخرى في عام 1927م ، ولكن لم تتح لها الفرصة لأخذ مقعدها أنها توفيت في يوليو 1927 من التهاب الزائدة الدودية ، بعد أن أنفقت معظم ثروتها في الكفاح من أجل شعبها وحرية جنسها .

وحاليًا توجد صورة لكونستانس ماركيفيتش معلقة اليوم في البرلمان البريطاني ، وكأنها تخلد ذكرى المقعد الذي لم تتخذه من أجل مبادئها ، وقد قال رئيس مجلس العموم نفسه معلقًا علي اللوحة : “ستنضم الآن صورة ماركيفيتش إلى مجموعة الفن البرلماني ، لتظل شهادة على الماضي ومصدر إلهام للأجيال القادمة .

Lars

منشور له صلة

الأبراج والحياة الزوجية: كيف تؤثر الأبراج على العلاقات الزوجية وتوافق الزواج

الأبراج والحياة الزوجية: كيف تؤثر الأبراج على العلاقات الزوجية وتوافق الزواج العلاقة بين الأبراج والحياة…

9 ساعات منذ

هل الأبراج حقيقة

هل الأبراج حقيقة تعد مسألة ما إذا كانت الأبراج حقيقة أو مجرد اعتقادات موضوعًا جدليًا،…

9 ساعات منذ

حظك من اسمك

حظك من اسمك: كيف يؤثر اسمك على حياتك وشخصيتك تُعتبر الأسماء من الأمور التي تؤثر…

9 ساعات منذ

حساب البرج الطالع من ساعة الولادة

حساب البرج الطالع من ساعة الولادة حساب البرج الطالع (البرج الصاعد) باستخدام ساعة الولادة البرج…

10 ساعات منذ

حساب البرج الباطني

حساب البرج الباطني: مفهومه وطريقة حسابه البرج الباطني، والمعروف أيضًا بـ"البرج الصاعد" أو "البرج الروحي"،…

10 ساعات منذ

الأبراج حسب الاشهر بالانجليزي

الأبراج حسب الاشهر بالانجليزي إليك ترتيب الأبراج حسب الأشهر بالإنجليزية مع تواريخ كل برج: Capricorn…

10 ساعات منذ