كانت الحالة الاجتماعية والسياسية بالمشرق الإسلامي ، من أعظم الأسباب التي ساعدت الصليبيين على نجاحهم في الحملة الصليبية الأولى ، وتكوين الإمارات اللاتينية ، وكانت المنافسات الداخلية في الإمبراطورية السلجوفية والمنازعات والقتال بين ورثة هذا الملك العظيم ، هي أكبر معين على استقرار الصليبيين بالبلاد الشامية ، وتطاولهم على الممالك الإسلامية ، وإدخالهم الرعب والفزع على المجتمع الإسلامي .
بينما الملوك والأمراء والقواد يتحاسدون ويقتتلون ، ويخذل بعضهم بعضًا ، فكانت هذه الحال السيئة من فقد الوازع الديني ، ومن التفسخ الأخلاقي والانحلال الاجتماعي ، تتطلب نهضة صالحة وقائدًا منقذًا ، يتبعه الأمن الاجتماعي ، والضرب على أيدي الظلمة والفاسدين ، ثم محو هذا العار الذي التصق بالجموع الإسلامية ، عار استقرار الصليبيين بعقر ديار الإسلام .
واستمرت هذه الحالة السيئة ، إلى ما بعد استقرار الصليبيين حتى قيض الله رجالاً ، مصلحين عملوا على إزالة تلك العلل قدر المستطاع ، وقد بدأت هذه الحركة الإصلاحية بنهضة آل زنكي ، التي تمخضت عن نهضة آل أيوب .
بيت آل زنكي :
آل زنكي عائلة عرف أول أفرادها ، زمن السلطان ملكشاه السلجوقي ، وهو قسيم الدولة أقسنقر ، كان من مماليك ملكشاه وأصحابه وتربّى معه منذ الصغر ن فلما تولّى ملكشاه السلطنة اتخذ آقسنقر من قواده وأمرائه ، إذ كانت تبدو عليه علامات الكفاءة والقيادة والاستقامة ، وبإشارة من الوزير نظام الملك ولىّ آقسنقر ، مدينة حلب من قبل السلطان ملكشاه .
فاستمر واليًا عليها إلى أن جرت بينه وبين تاج الدولة ، تتش بن ألب أرسلان ، معارك انتهت بقتله عام 487هـ ، ولم يترك آقسنقر إلا ولدًا صغيرًا له من العمر عشر سنوات ، وهو عماد الدين .
عماد الين زنكي (الأتابك) :
تعني كلمة أتابك ؛ هو لفظ يطلق على مربي أولاد الملوك ، ونال عماد الدين زنكي هذا اللقب ، لأن السلطان محمود السلجوقي سلم إليه ولديه ، ألب أرسلان وفروخ شاه ، لتربيتهما فاستحق هذا اللقب .
قضى الطفل عماد الدين زنكي حياته الأولى ، تحت أوصيائه وأصدقاء أبيه ، وشارك وهو شاب في بعض المعارك والمناوشات التي كانت تثار ضد الإمارات الصليبية ، فكانت تبدو منه البراعة والشجاعة ، واسترعى انتباه السلاجقة والخليفة العباسي فأقطع سنة 516 هـ ، مدينة واسط وشحنكية البصرة ، وفي سنة 519 هـ أعطيت له شحنكية بغداد والعراق .
وفي سنة 521 هـ نال الولاية على الموصل ، وهنا أفسح المجال أمام هذا البطل ، ليظهر نبوغه ويقوم بنهضته الإصلاحية ، وكان عماد الدين زنكي ، ذو همة عالية ولا مطمع له سوى تكوين مملكة إسلامية تقوى على مجابهة الصليبيين ، وإبعاد مخاطرهم وإزالة نفوذهم ، وكانت سياسته مبنية على بث الأمن والعدالة الاجتماعية داخليًا ، وعلى توسيع مملكته وتنظيمها خارجيًا .
وكان من عدله ونظامه أن شاع ذكره ، واشتهر صيته وبعثت إليه المدن تستنجد به ضد ظلم حكامها وسوء سيرتهم ، وأتى هذا الأمر على هوى عماد الدين ، فانطلق محتلاً للمدن والحصون والقرى بالجزيرة الفراتية ، وديار بكر وغربي الفرات .
فتح الرها :
تعرف بالرها أو الأوديسة وهي مدينة أورفا الحالية بشرق تركية شرقي الفرات ، سمت خليج الإسكندرونة ولها حرمة عند النصارى ، لكثرة ما فيها من الأديرة والكنائس ، كما بها معالم إسلامية كثيرة ، منها جامع ينسب للخليل عليه السلام ، ومقام لأيوب الصديق وأضرحة لجابر الأنصاري وأبي عبيدة بن الجراح .
كان أعظم ما سجله عماد الدين زنكي ، هو فتحه لمدينة الرها ، وانتصاره على أميرها جوسلين الثاني عام 539هـ ، فأزال بذلك أول إمارة صليبية من حيث تكوينها ، ومن حيث امتدادها بالمشرق الإسلامي ، وكان للرها ما يقرب لبيت المقدس من القداسة ، وهي أول الدول الصليبية وترس الصليبيين من ناحية الشرق .
واستمر عماد الدين زنكي في أعماله الجهادية والإصلاحية ، حتى عام 541هـ ، ولكن عندما ذهب إلى محاصرة قلعة جعبر ؛ وهي على الضفة اليسرى من الفرات الأوسط ، وبينما كان محاصرًا لهذه القلعة ، اغتاله عدد من جماعة المماليك وهو نائم ، بتحريض من أعدائه فأثخنوه جراحًا ومات بعدها بقليل .
وهكذا انتهت حياة هذا البطل بعدما سار في طريق العدل ، طيلة حياته واطمأن الناس لسلامتهم تحت جناحه ، وإمرته بعد أن أتى على تلك البلاد حين من الدهر ، عدم فيه الناس الثقة والأمن والأمان ، هذا زيادة على محبته للعلم والعلماء ، وتسيير المصالح العامة وتأمين سبلا الرفاهية والعيش الكريم للناس .
كان أعداء عماد الدين زنكي ، قد استغلوا وفاته ، فانقض جوسلين الثاني على مدينة الرها ، واستعادها مرة أخرى ، وعاث فيها فسادًا بينما انقض صاحب دمشق على بعلبك وكان الوالي عليها إذا ذاك ، من قبل عماد الدين زنكي ، القائد أيوب بن شاذي ، فالتحق بصاحب دمشق ، وأصبح من قواده .
وكانت حركة الانقضاض تلك خير ما عجم به ، عود نور الدين محمود ، بعد موت أبيه ولهذا ما أن سمع بتوجه جوسلين صوب الرها ، حتى اتى بعشرة آلاف مقاتل وفارس من حلب ، واستعاد الرها من جوسلين الذي فر هاربًا بعد أن مكث في الرها ، نحو أسبوع فقط ، وأدب نور الدين أهل الرها المنتقضين ، وأخذ يتوسع في مملكته على حساب الصليبيين ، ففتح عدة حصون ومعاقل من أهمها ، أرتاج وباراة وبصرفوت وكفر لاثا ، وبينما كان نور الدين محمود في عمله هذا ، كانت الأخبار قد وصلت أوروبا مستنجدة مستصرخة ، فأخذت أوروبا المسيحية تستعد لحرب صليبية أخرى .
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…