تعد حرب أذن جنكينز War of Jenkins’ Ear ، أكثر الحروب التي سخر منها المؤرخون الانجليز ، حيث تشير أهم المصادر التاريخية إلى أن هذه الحرب قد بدأت عام 1739م وانتهت عام 1748م .
ففي نهاية حرب الخلافة الإسبانية في عام 1713م ، منحت معاهدة أوتريخت انجلترا حق المرور لثلاثين عامًا ، من أجل زيادة أعداد العبيد بالمستعمرات الإسبانية ، بالإضافة إلى مضاعفة الشحنات التجارة إلى 500 طن من البضائع سنويًا.
وقد وفر ذلك للتجار الانجليز إمكانات محتملة في الأسواق المغلقة الإسبانية داخل أمريكا ، ولكن كل من بريطانيا وإسبانيا كانتا في حالة حرب في كثير من الأحيان خلال هذه الفترة المضطربة ، حيث دخلتا في قتال مع بعضهما البعض إبان فترة حرب التحالف الرباعي عام 1718م ، وحصار بورتو بيلو عام 1726م ، والحرب الأنجلو-إسبانية بين عامي 1727م ، و1729م.
وجدير بالذكر أيضًا أنه إبان معاهدة إشبيلية عام 1729م ، وبعد الحرب الأنجلو-إسبانية، أعطت بريطانيا السفن الحربية الإسبانية الحق في توقيف التجار الانجليز والتحقق من احترام حق أسيانتو .
ومع مرور الوقت ، وعقب علاقات متوترة جدًا بين الطرفين خلال عامي 1727م و1732م ، تحسنت العلاقات بينهما حتى عام 1737م ، عندما دعم روبرت والبول إسبانيا خلال حرب الخلافة البولندية ، ولكن أسباب المشاكل ظلت عالقة مع الانجليز ، مما تسبب في نمو المعارضة ضد والبول ، وهنا اضطر والبول إلى إعلان الضغوط عليه وإرسال قواته إلى جزر الهند الغربية ، وأخرى إلى جبل طارق بقيادة الأدميرال نيكولاس هادوك .
مما أدى إلى اندلاع غضب إسباني استوجب الرد عليه فورًا ، وهنا طالبت إسبانيا بتعويضات مالية ، إثر هذا التصرف وطالب الجانب البريطاني بدوره بإلغاء معاهدة حق الزيارة ، والتي جعلت الجنود الأسبان يهاجمون السفن الانجليزية من أجل التحقق من البضائع المهربة وفقًا لمعاهدة إشبيلية.
وفي حقيقة الأمر أن حرب جينكنز كانت قد بدأت لأسباب تتعلق بالتجارة الدولية ، فالعالم في ذلك الوقت كان يُطبق النظرية الميركانتيلية Mercantilism في التجارة الدولية ، أي أن كل دولة كانت تحظر تجارة أي دولة أخرى مع مستعمراتها ، فكان التجار الانجليز يرغبون في اقتحام الأراضي الإسبانية للتجارة معها ، خاصة المستعمرات البريطانية في أميركا الشمالية ، فكان هذا هو الدافع الأول لما حدث إبان تلك الفترة الحرجة بين الطرفين .
واندلعت الحرب عقب أن ألقت القوات الإسبانية القبض على قائد سفينة تجارية انجليزية تُدعى ريبيكا ، هذا القائد جينكنز الذي تمت معاملته بقسوة شديدة وصلت إلى حد ، أن تم قطع أذنه من قبل القائد الإسباني ، قائلاً أن ملك انجلترا سوف يلاقي نفس المصير إذا ما سولت له نفسه ، العبور عبر مياه منطقة الكاريبي الواقعة تحت يد الأسبان.
وعقب إطلاق سراحه ، قام القائد جينكنز بالاحتفاظ بأذنه المقطوعة حتى عاد بها إلى انجلترا ، وطاف في طرقات بلده يشكو من سوء معاملة الأسبان له ، ولكن المسئولون رفضوا الاستماع لشكواه ، فما كان منه سوى الاستمرار بالمطالبة بحقه جراء قطع أذنه ، حتى استطاع عقب عدة أعوام أن يلتقي البرلمانيون بمجلس العموم البريطاني بحلول عام 1738م ، واستمع له البرلمانيون الذين ما رأوا أذنه ووجهه المشوه ، حتى استثارهم المشهد فقاموا بمخاطبة إسبانيا من أجل تقديم اعتذار خاص لجنكينز ، وتعويضًا ماليًا جراء ما أصابه من أضرار ، ولكن كان الرد بلا أية حراك سياسي أو اعتراف بأن هناك مشكلة ، فما كان من البرلمان سوى الضغط الدائم على رئيس الوزراء اللورد والبول ، الذي قام بإعلان الحرب على إسبانيا عام 1739م.
إذا كنت مندهشًا من أسباب اندلاع تلك الحرب الغريبة ، فلاشك أنك ستذهل عندما تعلم كيف سارت هذه الحرب ، فوفقًا للمصادر العسكرية لم تحدث معارك جادة بين الطرفين طوال تلك الفترة ، عدا هجوم حدث بميناء بورتوبيلو في بنما .
بالإضافة إلى بعض الحملات الانجليزية على عدد من الأراضي الإسبانية ، سرعان ما انتهت بسبب المشادات بين كل من جنود البحرية والجيش ، ولكن سرعان ما انتهت هذه الحرب في الكاريبي ، عندما دخلت إنجلترا حليفًا إبان فترة حروب الوراثة النمساوية ، مما استدعى دخول بريطانيا في حروب ضد إسبانيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى التي قامت بمحاربة النمسا ، من أجل خلع الإمبراطورة ماريا تيريزا من العرش آنذاك ، وبالتالي تحولت ساحة الحرب من منطقة الكاريبي إلى القارة الأوروبية والبحر المتوسط.