ليس كل من وُلد مسلمًا هو بمسلم ، وليس كل من اعتنق ديانة هو منها بالفعل ، ولعل أشهر من أتوا للوجود حاملين راية الإسلام زيفًا ، ولكنهم كانوا أبعد ما يكون عن تعاليمه ، شخص يُدعى تيمور لينك ، هذا الرجل صاحب الرايات السوداء ، والمذابح البشرية التي يندى لها جبين أي مسلم ، ذلك السادي الذي تلذذ بالقتل والتعذيب ، والتنكيل بالضحايا ، ومن أشهر جرائمه مذبحة سبزوار الدموية.
البداية ..
كان مولده شؤمًا على مر التاريخ ، فهو محسوب على الإسلام بحكم اعتناقه للدين الإسلامي ، ولكنه شخص سادي ، ولا يعرف من الإسلام قشوره أيضًا ، وُلد هذا الرجل في سمرقند عام 736 هجريًا ، وكان قد نشأ بإحدى القبائل التركية .
وكلمة تيمور لينك مقسمة إلى كلمتين ، تيمور وتعني الحديد ، ولينك تعني الأعرج ، فعرف بأنه تيمور الأعرج ، وتمكّن تيمور لينك بصحبة بعض الرعاع ، والأنذال من السيطرة على سمرقند ، ثم توسع في مذابحه الدموية فسيطر على كل من إيران والعراق ، وهاجم الهند ، ووصل إلى روسيا فنهب موسكو ، وبلغت الدموية في مجازره حدًا بشعًا للغاية .
سبزوار ..
في عام 785 هجريًا ، هاجم تيمور لينك مدينة تُدعى سبزوار في خراسان ، وقد أبدى أهل لمدينة بسالة قوية في لدفاع عن مدينتهم ضد هذا المعتدي ، إلا أن قواهم كانت قد خارت وسقطت المدينة في أيدي هذا السفاح تيمور لينك .
وما أن دخل لمدينة حتى أمر برفع الرايات السوداء عاليًا ، معلنًا أنه قد تم اتخاذ القرار بذبح كل من فيها ، وبالفعل ما إن وطأ جنوده للمدينة حتى قاموا بعمليات ذبح وقتل جماعية للسكان ، الذي استمر حتى غروب الشمس من ذلك اليوم ، ثم أمر تيمور لينك بإحصاء عدد القتلى الذين بلغوا آنذاك ، تسعون ألفًا من السكان .
فأمر تيمور لينك من بقوا على قيد لحياة ، بأن يفصلوا رؤوس القتلي عن أجسادهم ، وأمرّ البنائين بأن يشيدوا برجين كبيرين من رؤوس القتلى ، بحيث تكون الوجوه للخارج ، وعندما تم الانتهاء من تشييد البرجين ، علق تيمور لينك لافتة كُتب عليها بني هذا البرج من رؤوس أهالي سبزوار .
ولم تكن تلك الأحداث هي الوحيدة في سبزوار ، فقد أمر تيمور لينك بدفن ألفين رجل من الأسرى وهم أحياء ، ثم تسوية المدينة كاملة بالأرض حتى لا تتجرأ ، أية مدينة أخرى على مقاومته عند دخوله إليها .
ثم توغل بعد ذلك تيمور لينك إلى إيران ، حتى وصل أصفهان ، التي استعصت عليه لعدة أشهر نظرًا لضخامتها ، وكثرة أبوابها ، ولكنها سقطت مثل غيرها في النهاية ، فدخل جنود تيمور لينك وعاثوا فيها فسادًا ، وبقروا بطون أهلها وأخرجوا أحشائهم ، حتى أن المؤرخين كانوا قد رووا بأن السكان لم تكن بأحشائهم أطعمة ، بعد أن أكلوا الخيول ، والبغال ، وكل شيء خلال فترة حصار تيمور لينك للمدينة الباسلة ، وقد أمر تيمور لينك جنوده بأن يقتلوا كل من بها ، وألا يرحموا عجوز ، أو طفل أو شيخ .
وبالفعل قام جنوده بتنفيذ أوامره ، حتى طلب منهم إحضار سبعون ألف رأسًا من لرجال ، فقطعوا رؤوس الرجال كافة ، وحتى يستكملوا العدد المطلوب ، قاموا بقطع رؤوس السيدات ، والأطفال ، ثم أمر تيمور لينك ببناء أربعة وعشرون منارة من هذه الرؤوس ، لتكون عبرة من بعده لمن لا يعتبر ، ثم سقطت بغداد وتلتها الهند .
وفي النهاية ، سقط تيمور لينك مثل غيره من القتله والسفاحين ، فأصابه مرض دخل إلى جسده ، يقطعه رويدًا رويدًا حتى يشعر بالألم والموت البطيء ، كما فعل بغيره ، ومن أجل أن يعالجه الأطباء قاموا بوضع الثلج على بطنه وخصره ، لثلاثة أيام متتالية في البرد القارص ، ولم يجد من ينقذه من الموت المحتم ، وفاضت روحه إلى بارئها بعد أن لقى عذابًا شديدًا جراء ما اقترفت يداه ، تجاه المسلمين وذهب ليقتص المولى منه.