وقعت معركة ملاذ كرد في شهر رمضان سنة 463 هجريًا ، وكانت بين الإمبراطورية الرومية ومسلمين دولة السلاجقة ، وتقع ملاذ كرد في آسيا على فرع نهر اسمه مرادس ، وكما كتب عن هذه المعركة في الكتب التاريخية أنها بدأت عندما تخيل قائد الروم واسمه رومانوس أنه قادر على انتزاع الأراضي الشرقية لروما والتي سلبها منه السلطان في الدولة السلجوقية والذي امتد سلطانه على الكثير من ربوع الإمبراطورية الرومية وقتها .
بداية المعركة :
قام رومانوس إمبراطور روما بتجهيز جيشًا ضخمًا كونه من 200 ألف مقاتل ذو أجناس مختلفة وأتجه بهم نحو ملاذ كرد حيث الجيش السلجوقي ، حينها شعر السلطان السلجوقي ألب أرسلان بأنه في موقف لا يحسد عليه .
حيث أنه أمام جيش ضخم في العدة والعتاد وجيشه هو لم تتجاوز قواته ال 20 ألف جندي فقط ، ولكنه بالرغم من ذلك هو من بادر بالهجوم وأحرز نصرًا على مقدمة الجيش الرومي مما جعل له حقًا في التفاوض مع إمبراطور الروم ، وبالفعل أرسل مبعوثًا لإمبراطور الروم يحدثه عن الصلح والتهدئة .
فالسلطان يعلم أن قواته لن تصمد أمام هذا العدد من الجيش الرومي وسيجد صعوبة بالغة عند الدخول معهم في معركة ، ولكن الإمبراطور رفض الصلح والتهدئة مع السلطان وأساء استقبال المبعوث وقال له أن يبلغ السلطان بأن الصلح لن يتم إلا في مدينة الري وهي عاصمة لدولة السلاجقة .
عندما حان الوقت الحاسم ، صلى الجيش السلاجقي ويتقدمهم الإمام أبو نصر البخاري ، وبكى السلطان وبكى الناس لبكائه ودعوا الله جميعًا ولبس السلطان أبيضًا وقال لهم إن مت فهذا هو كفني ، وخطط السلطان ألب أرسلان خطة منظمة وأشعل الحماسة في الجنود ، وعندما بدأت المعركة قاتل المسلمون فيها كالأسود وهاجموا الروميين في شجاعة عالية .
وامتلأت الساحة بجثث الروم فقال السلطان مخاطبًا جنوده : إنني أقاتل محتسباً صابراً ، فإن سلمت فنعمة من الله عز وجل وإن كانت الشهادة فهذا كفني ، أكملوا معركتكم تحت قيادة ابني ملكشاه ، وعند اقتراب الجيشان طلب السلطان من الإمبراطور الرومي الهدنه ولكنه رفض فخطب في الجنود وقال : من أراد الانصراف فلينصرف ، ما هنا سلطان يأمر وينهي .
وقد وقع الإمبراطور الرومي أسيرًا في أيدي السلاجقة وعند مقابلته بالسلطان سأله ألب أرسلان عما كان سيفعل به إن أسره ؟ ، فقال له رومانوس أفعل القبيح ، فسأله ألب أرسلان وماذا تظنني أفعل بك ؟ ، فقال له إما إنك ستقتلني أو تشهر بي في بلاد الشام أو أنك ستقبل الأموال وتصنعني نائبًا عنك ولكني أستبعد هذا الأمر ، فقال له السلطان أنه ما عزم على فعل غير ذلك .
أطلق السلطان سراح الإمبراطور الرومي مقابل فدية كبيرة جدًا قدرها مليون ونصف دينار ، ومقابل أيضًا اطلاق سراح المسلمين جميعا في بلاد الروم ، وعقدوا معاهدة صلح بينهم لمده خمسون عامًا ، وكان الروم يدفعون فدية سنوية من خلال تلك المعاهدة وطلبوا أن يعترف الروم بأن الدولة السلاجقة هي المسيطر الأول على البلاد ، التي فتحوها في ظل الإسلام وليس من حقهم الاعتداء على ما يمتلكه السلاجقة .
ويقال أنه عندما عاد الإمبراطور رومانوس إلى بلاده بعد أن أوصله السلطان ألب أرسلان إلى بلاده سالمًا ، إزالة رعاية من سجلات الملك واعتبروا أنه سقط من عداد الملوك الذين حكموهم ، وتم تعيين الإمبراطور ميخائيل السابع بدلًا منه وذلك بعدما ألقي القبض على رومانوس ، وانحسر نفوذ الروم تدريجيًا في هذه المنطقة من بعد تلك المعركة ، وأصبغت المنطقة بصبغة الإسلام ودخل سكانها فيه والتزموا به في حياتهم .