أويس القرني سيد التابعين كما ذكر سيدنا عمر بن الخطاب عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، كان رجل فريد من نوعه فهو لم يكن ذو شهرة ولا مال ومع ذلك وصفه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بأنه سيد التابعين ، واسمه بالكامل هو أبو عمرو أويس بن عامر ابن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني .
روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” إن خير التابعين رجل اسمه أويس وله والده وكان له بياضًا فمروه فليستغفر لكم ” صدق رسول الله صلّ الله عليه وسلم .
كان أويس القرني من أهل اليمن من مراد ، وكان سيدنا عمر بن الخطاب قد سمع حديث رسول الله صلّ الله عليه وسلم عن أويس فكان كلما رأى مجموعة من أهل اليمن سألهم عنه ، وفي سنة ستة وعشرين للهجرة في عهد خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذهب أويس مع جماعة من أهل اليمن للحج ، وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يحج بالناس فصعد إلى جبل أبا قبيس ونادى في الناس يا أهل اليمن هل فيكم أويس من مراد ؟ ، فقام شيخ من قرن وقال له يا أمير المؤمنين إنك تسأل عن أويس هذا كثيرًا ، وليس فينا شخص أسمه أويس ، إلا ابن أخي ولكنه حقير بين أظهرنا خامل الذكر وأقل مالًا وأقل من أن نذكره ؟
فسكت سيدنا عمر قليلًا ، ثم قال للشيخ أريد أن أراه ، أهو معنا في الحرم ؟ ، فرد الشيخ على أمير المؤمنين إنه معهم في مكة ولكنه يرعى لهم إبلهم ، فذهب إليه أمير المؤمنين ، وسأله عن العلامة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي أنه كان مصاب بالبرص فشفي إلا موضع صغير في جنبه في حجم الدينار ، فطلب سيدنا عمر أن يكشف له أويس عن جنبه الأيسر ، فوجد البقعة في جنبه ، وسأله إن كان له والده فقال له أويس نعم .
فأخبره سيدنا عمر عن حديث رسول الله صلّ الله عليه سلم ، وقال له إن الرسول عليه الصلاة والسلام يقرئك السلام وقال أيضًا استغفر لي ، فأنت سيد التابعين ، فبكى سيدنا أويس بكاءًا شديدًا ، وقال لأمير المؤمنين لعله أويس غيري ، فرد عليه أمير المؤمنين أنه تيقن أنه هو أويس الذي تحدث عنه أفضل الخلق .
فرد أويس على أمير المؤمنين ، ما أخص باستغفار نفسي، ولا أحد من ولد آدم ، ولكنه في البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلم الليل وضياء النهار.
وكان سيدنا عمر قد اصطحب معه سيدنا علي بن طالب رضي الله عنه ، ولم يكن أويس حتى ذلك الوقت يعرف مع من يتحدث ، فلما سألهما وعلم أنهما عمر وعلي ، فوثب أويس فرحًا وعانقهما ورحب بهما ، ورفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إنّ هذين يذكران أنهما يحباني فيك، وقد رأوني فاغفر لهما وأدخلهما في شفاعة نبيهما محمد صلى الله عليه وسلم .
ولما رأه أمير المؤمنين فقير الحال ، عرض عليه نفقة شهرية ، فرفض وأخذ الإبل وابتعد ، ويقال أن أويس القرني ، قد حارب بجوار سيدنا علي بن أبي طالب في صفين ، وكان قد سئل المولى عز وجل الشهادة ، فنال ما تمنى ، حيث أنه استشهد في صفين عام سبعة ثلاثون للهجرة ، وعندما تفقدوا جسده ، وجدوا فيه أكثر من أربعون جرح .