صبرا وشاتيلا واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ البشرية ، مذبحة لم ولن ينساها التاريخ أبدًا ، قام بها العدو الصهيوني الذي تعود طوال تاريخه على القتل والإرهاب والتخريب ، بدأت المجزرة حين اقتحمت القوات الإسرائيلية إلى بيروت حيث أقيم كلًا من مخيم صبرا وشاتيلا .
منطقة صبرا تابعة لبلدية الغبيري تحديدًا في محافظة جبل لبنان ، وهي في جنوب بيروت وشمال مخيم شاتيلا ، أما شاتيلا فهو أيضا مخيم للاجئين الفلسطينيين تم تأسيسه من قبل الأمم المتحدة الانروا في عام 1949م .
وكان الهدف من تأسيس هذا المخيم إيواء اللاجئين ، الذين نزحوا من شمال فلسطين عقب نكبة 48 ، وبدأ الفلسطينيين في الدخول إلى لبنان وزادت أعدادهم كثيرًا ، لذا بالطبع توجب إيجاد مكان لهم ليعيشوا فيه ، حينها تم التبرع بالأرض ليقام عليها المخيم .
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تحدث فيها مجزرة في نفس المكان ، فقد كانت المجزرة الأولى عام 1982م في نفس المكان ، وكذالك أيضا شهد نفس المكان الحرب الأهلية في بيروت .
المجزرة :
في السابع من سبتمبر 1982م أمر آرييل شارون ببداية المجزرة ، وبالفعل انطلقت القوات الإسرائيلية في اقتحام مناطق مخيمات الفلسطينيين ، وساعدهم في ذلك بعض المجموعات اللبنانية الانعزالية ، مثل حزب الكتائب اللبناني ، وجيش لبنان الجنوبي .
تم حصار المخيمات من كافة الاتجاهات ودخل إلى المخيم 3 فرق ، وبدأت هذه الفرق في القتل العشوائي للمدنيين ، ولم يفرقوا بين رجل أو امرأة أو حتى طفل ، حتى الأطفال من أعمار 3 و 4 أعوام لم ترحمهم الفرق المجرمة .
كان الهجوم وحشي لدرجة أن حتى السيدات الحوامل وجدن مقتولات بعد أن قطعت بطونهن واغتصبن ، لم يتمكن أحدًا من الفرار ، انتشر الرعب في المجمع واستمرت ذكرى هذه الجريمة البشعة في نفوس الجميع حتى اليوم .
يومان كاملان من القتل والذبح والاغتصاب ، دون السماح لأي من وسائل الإعلام بالدخول وتغطية الأحداث ، فقد أغلقت القوات الإسرائيلية كافة المداخل والمخارج ، لم يعرف العالم أي شئ عن المذبحة إلا في الثامن عشر من سبتمبر ، وحشية منقطعة النظير ، فلم يكن القتل فقط هو المشكلة ، بل ما حدث أثناء القتل من قطع رؤوس واقتلاع للأعين وسحق الجماجم أيضًا .
أكثر من ثلاثة آلاف ضحية في مجزرة صبرا وشاتيلا ، انتهى الأمر بمحاصرة الرأي العام العالمي للعدو الصهيوني ، الذي اتخذ قرارًا لحفظ ماء الوجه بتكوين لجنة لدراسة ما حدث ، واستقال في هذه المشكلة شارون من منصب وزير الدفاع .
لم تكن هذه الجريمة الوحيدة لشارون فقد قام بمجزرة قبية عام 1953م ، وأيضا ارتكب مجزرة بحق الأسرى المصريين في نكسة 1967م وفي عام 2000م اقتحم المجلس الأقصى ، وأخيرًا ارتكب مذبحة جنين عام 2002م ، وقد خطط لمئات عمليات الاغتيال طوال سنين عمله .
شهادات الناجين :
يقول ماهر في صباح يوم المجزرة خرجت من منزلي وكان عمري حينها أربع عشر عام ، وجدت العديد من الجثث لرجال وشباب ، فتخيلت أنهم قتلوا في القصف بعد أن تركوا الملجأ للنساء و الأطفال ، أيضا وجدت العديد من كواتم الصوت ملقاه بجوار الجثث .
عدت إلى المنزل وأخبرت أبي الذي طلب منا أن نصمت تمامًا ، كنا في المنزل أثنى عشر شخص أنا وأخوتي وجارة لنا تبيت بالمصادفة ، كان أصغر أخوتي لم يتجاوز عمرها العامان ، جلسنا طوال الليل في صمت نترقب ما يحدث في الخارج خوفًا .
صعدت شقيقة لي مع جارتنا إلى السطح وحينها لمحتها القوات فتوجهوا إلى منزلنا يطرقون الباب بعنف ، دخلوا وبدأ في السباب و الشتائم ، أخرجونا خارج المنزل ووضعونا في صف واحد ، حينها طلبوا من أبي بطاقة الهوية .
حاول أبي أن يخرجها لكنهم لم يمهلوه الوقت فقط بدأ إطلاق النيران على الجميع ، هربت مع أخي إسماعيل كان حينها عمره ثمانية أعوام ، اختبأت في المرحاض ، رأيت أسرتي كلها غارقة في الدماء ، بعد أن غادروا خرجت لأرى إن كان احد في أسرتي مازال حيًا ، كانت أمي واثنان من أخوتي على قيد الحياة .
بدأنا في رحلة الهرب ولكن أحد أخوتي لم تستطع التحرك ، فقد أطلق عليها النار في الحوض مما سبب لها الشلل ، حينها حاولنا نحضر المسعفين لكننا تفرقنا من بعضنا ، كان القصف مستمر وكان الوضع كارثي ، اذكر الكتائب اللبنانية وهي تكوم الجثث في أحد الكراجات ، كان الأمر فوق قدرتنا على التخيل .
يقول ماهر أن أخته نهاد تم بقر بطنها ، ولكنها تمكنت من النجاة وما زالت على قيد الحياة ، وأن جارتهم التي كانت تبيت لديهم كانت حاملًا ، وكادت أن تلد حين أطلق عليها الرصاص وماتت على الفور .
لم يصدق الناس ما يحدث إلا بعد أن شاهدوا الإصابات وحالة الفزع التي سيطرت علينا ، وكأن يوم القيامة قد حل .