الصحابي زيد الخيل كما كان يدعوه الناس في الجاهلية وزيد الخير كما دعاه الرسول صلّ الله عليه وسلم بعد إسلامه ، وهو زيد بن مهلهل أبو مكنف الطائي النبهاني ، كان علمًا من أعلام الجاهلية ذو أخلاق كريمة وكان فارسًا عظيمًا ورامِ بارع .

قصة إسلامه :
لما بلغت أخبار النبي صلّ الله عليه وسلم سمع زيد الخيل ووقف حينها على شيء مما يدعوه إليه قام بإعداد راحلته ودعا السادة الكبار من قومه لزيارة يثرب ولقاء النبي صلّ الله عليه وسلم فركب معهم وفد كبير من طيئ منهم مالك بن جبير وعامر بن جوين وزر بن سدوس وغيرهم الكثير فلما توجهوا لمدينة رسول الله صلّ الله عليه وسلم توجهوا إلى المسجد النبوي الشريف وأناخوا ركائبهم على بابه وصادف عند دخول القوم أن النبي صلّ الله عليه وسلك كان يخطب في المسلمين من فوق المنبر فراعهم كلامه وأدهشهم تعلق المسلمين به وإنصاتهم له وتأثرهم بما يقول ولما أبصرهم الرسول صلّ الله عليه وسلم .

فقال صلّ الله عليه وسلم يخاطب المسلمين ” إني خير لكم من العزى ومن كل ما تعبدون إني خير لكم من الجمل الأسود الذي تعبدونه من دون الله ” ووقع كلام الرسول صلّ الله عليه وسلم في نفس زيد الخيل ومن معه موقعين مختلفين فالبعض منهم استجاب للحق وأقبل عليه والبعض تولى واستكبر عليه ، فلما رأى زر بن سدوس موقف الرسول صلّ الله عليه وسلم بين الصحابة حتى دب الحسد في قلبه وقال لمن معه إني لأرى رجل يملكن ركاب العرب والله لا أجعلنه يملك رقبتي أبدًا ثم توجه إلى بلاد الشام وحلق رأسه وتنصر .

وأما زيد والآخرون كان لهم رأي أخر فما إلى أن انتهى الرسول صلّ الله عليه وسلم من خطبته حتى وقف زيد الخيل بين جموع المسلمين وكان من أجمل الرجال جمالًا وأتمهم خلقه وأطولهم قامة وقف بقامته الممشوقه وأطلق صوته الجهير وقال يا محمد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، فاقبل عليه الرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم وقال من أنت فقال أنا زيد الخيل بن مهلهل فقال له الرسول صلّ الله عليه وسلم بل أنت زيد الخير لا زيد الخيل الحمد لله الذي جاء بك من سهلك وجبلك ورقق قلبك للإسلام .

ثم مضى به الرسول صلّ الله عليه وسلم إلى منزله ومعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعدد من الصحابة رضوان الله عليهم فلما بلغوا البيت وضعوا لزيد متكأ فعظم عليه أن يتكأ في حضرة الرسول صلّ الله عليه وسلم وأعاده للرسول وأعاده الرسول له وهو يرده له ثلاث مرات .

ولما استقر بهم المجلس قال الرسول صلّ الله عليه وسلم وقال يا زيد ما وصف رجل لي قط إلا ما كان دون ما وصف به إلا أنت ثم قال له النبي الكريم كيف أصبحت يا زيد فقال أصبحت أحب الخير وأهله ومن يعمل به فإن عملت به أيقنت بثوابه وإن فاتني منه شيء حننت إليه فقال صلّ الله عليه وسلم له هذه علامة الله تعالى فيما من يريد .

فرد زيد وقال الحمد لله تعالى الذي جعلني على ما يريد الله ورسوله ثم التفت إلى الرسول صلّ الله عليه وسلم وقال له أعطني يا رسول الله ثلاثمائة فارس وأنا كفيل بهم أن أغير على بلاد الروم وأنال منهم فأكبر الرسول صلّ الله عليه وسلم همته هذه وقال لله درك يا زيد أي رجل أنت وأسلم مع زيد الخير رضي الله عنه جميع من صحبه من قومه وفلما هموا بالرجوع إلى ديارهم في نجد ودعه الرسول صلّ الله عليه وسلم قائلًا أي رجل هذا كيف يكون له من الشأن لو سلم من وباء المدينة .

وفاته :
كانت المدينة المنورة في هذا الوقت موبوئه بالحمى فلما جاءها زيد الخير أصابته الحمى فقال لمن معه جنبوني بلاد قيس فقد كانت بيننا حماسات من حماقات الجاهلية بمعنى الحروب التي دارت بينهم في جاهليتهم وتابع سيره نحو الديار في نجد على الرغم من أن الحمى كانت تشتد عليه ساعة بعد أخرى فقد كان يتمنى أن يلقى قومه وأن يكتب الله تعالى لهم الإسلام على يديه .

وظل زيد الخير يسابق المنية والمنية تسابقه ولفظ أنفاسه الأخيرة في بعض طريقه ولم يكن بين إسلامه وموته متسع حتى يقع في ذنب واحد .. فرحمك الله تعالى يا زيد ورضي عنك وأدخلك الجنة مع حبيبك محمد صلّ الله عليه وسلم .

By Lars