كان من الصحابة الذين تميزوا بشجاعتهم ووقوفهم في وجه الفساد ، حيث أنه تميز بالجرأة وإقدامه وسعيه إلى تحقيق العدالة وقول الحق ، وقد شهد بعض الفتوحات الإسلامية والغزوات ، حيث أنه كان أحد الفرسان المدافعين عن نشر الدين الإسلامي ، كما أنه روى بعض الأحاديث الشريفة عن الرسول صلّ الله عليه وسلم ، إنه الصحابي الجليل معاوية بن حديج رضي الله عنه .
نسبه وبعض مواقفه :
هو الصحابي معاوية بن حديج بن جفنة بن تجيب أبو نعيم ، ويُعرف كذلك باسم “أبي عبدالرحمن السكوني” ، وقد شهد فتح مصر ، كما أنه قام بغزو المغرب مرارًا ، وغزا كذلك إفريقية في سنة أربع وثلاثين ، وقد قام بمقاتلة مدد الروم الذي وصلها من قسطنطينية ، حيث التقى بهم بقصر الأحمر ، وقد تمكن من تحقيق النصر عليهم ، فعادوا إلى بلادهم ، بينما افتتح معاوية جلولاء بعد هذا النصر .
كان يتسم الصحابي معاوية رضي الله عنه بجرأته في قول الحق ، حيث كان يقف في وجه الظلم والفساد ، ومن أهم مواقفه في ذلك حينما قام معاوية بن أبي سفيان بإرسال ابن أخته عبدالرحمن بن أم الحكم ليكون واليًا على مصر ، وحينما وصل ابن أخته إلى مصر تلقاه بن حديج على مرحلتين فتحدث إليه قائلًا :”ارجع إلى خالك معاوية ؛ فلعمري لا ندعك تدخلها فتسير فيها وفينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة”.
عاد عبدالرحمن بن أم الحكم إلى خاله معاوية بن سفيان ، ثم لحق به معاوية بن حديج ، وحينما وصل بن حديج عند معاوية بن أبي سفيان ؛ وجد أخته أم الحكم في بيته وهي أم عبدالرحمن الذي طُرد من أهل الكوفة ومصر ، وحينما رآه بن أبي سفيان قال :”بخ بخ هذا معاوية بن حديج ” ، فقالت أم الحكم :”لا مرحبًا به تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”.
فتحدث معاوية بن خديج قائلًا :”على رسلك يا أم الحكم ؛ أما والله ، لقد تزوجت فما أكرمت وولدت فما أنجبت ، أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا ؛ فيسير فينا كما سار في إخواننا أهل الكوفة ، فما كان ليريه ذلك ولو فعل ذلك لضربناه ضربًا يطأطئ منه رأسه” ، حينها التفت إليه معاوية بن أبي سفيان قائلًا :”كفى”.
أحد مواقفه مع عمر بن الخطاب :
حينما تمكن المسلمون من فتح الإسكندرية ؛ قام عمرو بن العاص رضي الله عنه بإرسال معاوية بن حديج إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبشره بالفتح ، ويقول معاوية في ذلك :”بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية ، فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد ، ثم دخلت المسجد ، فبينما أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب ، فقالت : من أنت ؟”
أكمل معاوية حديثه إلى الجارية بقوله :”أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن العاص ، فانصرفت عني ثم أقبلت تشتد فقالت : قم فأجب أمير المؤمنين ، فتبعتها فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ويشد إزاره بالأخرى ، فقال : ما عندك؟ ، قلت : خيرًا يا أمير المؤمنين ، فتح الله الإسكندرية ، فخرج معي إلى المسجد ..”.
حينما وصل عمر بن الخطاب مع معاوية إلى المسجد قال للمؤذن :”أذن في الناس : الصلاة جامعة ” ، فاجتمع الناس ثم توجه إلى معاوية بقوله :”قم فأخبر الناس” ، فقام معاوية وأخبر الناس ، ثم صلى أمير المؤمنين ودخل منزله ، واستقبل القبلة فدعا بدعوات ، ثم جلس قائلًا : “يا جارية هل من طعام؟” ، فأتت الجارية بخبز وزيت ، ثم قال لمعاوية :”كل” ، فأكل على حياء ، فقال له :”كل فإن المسافر يحب الطعام ، فلو كنت آكلًا لأكلت معك”.
سأل أمير المؤمنين رضي الله عنه الجارية قائلًا :”يا جارية هل من تمر؟” ، فأتت بتمر في طبق ، فقال لمعاوية :”كل” ، فأكل على حياء ، ثم قال له :”ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟” ، فقال :”قلت أمير المؤمنين قائل” ، فقال :”بئسما ظننت ، لئن نمت النهار لأضيعن الرعية ، ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي ، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟”
وفاته : قام معاوية بن أبي سفيان بإكرام معاوية بن خديج ، حيث قام بإنابته على مصر ، وقد بقي هناك حتى توفي سنة اثين وخمسين .