إنه البطل الهمام والفارس المغوار الذي لا يشق له غبار ، هذا المقاتل الجسور هو أسد الله الذي يدافع عن الحق ولا يخاف لومة لائم ، الذي لم يقتل إلا غدرًا ، هو عم رسول الله صلّ الله عليه وسلم وأخوه في الرضاعة أيضًا حيث أرضعتهما ثوبيه مولاة أبي لهب فتربيا وعاشا سويًا .

كان في صغره يمارس الصيد وكان ماهرًا به ، وكان أبو جهل يؤذي النبي صلّ الله عليه وسلم أذى شديدًا وكان حمزة وقتها لم يسلم بعد ، وفي يوم من الأيام كان حمزة رضي الله عنه خارجًا للصيد وكان أبو جهل يتعرض للنبي صلّ الله عليه وسلم بالسب والشتم ولما عاد حمزة من صيده كان من عادته أن يطوف بالبيت ويسلم على من به وكان يهابه الناس فهو سيد من سادات مكة .

وكانت هناك جارية لعبد الله بن جدعان سمعت هذا السباب وانتظرت رجوع حمزة رضي الله عنه ثم أخبرته بكل ما قاله أبو جهل فغضب حمزة لابن أخيه غضبًا شديدًا بالرغم من أنه ما زال لم يسلم بعد ، ثم أسرع يبحث عن أبو جهل ووجده جالسًا بين الناس ولما وصل إلى أبو جهل رفع درعه وضربه بها أبو جهل فشج رأسه حتى سالت منه الدماء .

فإذا بالناس يقومون فقال حمزة أتشتم ابن أخي وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ وهنا حمزة رضي الله عنه أعلن إسلامه غضبًا على إبن أخيه ، فأقبل القوم يريدون ضربه فقال أبو جهل دعوه لقد شتمت ابن أخيه ، وهددهم حمزة بأن لا يتعرض أحد لمحمد بن أخيه ثم ذهب أسد الله حمزة رضي الله عنه إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم كي يتعلم منه الدين ودخل مسلمًا وجهه لله عز وجل وأعز الله به الإسلام  في السنة السادسة من الهجرة .

وبعد الهجرة شهد حمزة المشاهد كلها مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فشهد غزوة بدر وكان بها بطلاً مغوارًا وقبل المعركة جاء رجل اسمه الأسود ابن عبد الأسد من كفار قريش ، وكان رجلاً قويا ومتهورًا حيث قال في تحدي للمسلمين : والله لأذهب إلى بئر بدر لأشرب منه أو أهدمه أو أموت دونه .

وكان بئر بدر خلف جيش المسلمين وهذا تهور كبير منه ، فأقبل بسيفه على فرسه فاستقبله أسد الله حمزة وضربه بسيفه فسقط من على فرسه وأراد الأسود برغم إصابته البليغة أن يصل إلى الماء لكن حمزة قسمه نصفين ، ثم بدأت المعركة بمبارزة وكان شيبة إبن ربيعة بمواجهة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وإذا بحمزة ضربه ضربتين ثم أرداه قتيلًا .

إنه الأسد الجسور من يستطيع أن يواجهه أو يقف أمامه ، ثم بدأت المعركة فأخذ يجول ويجول في صفوف الكفار يقتل هذا ويجرح هذا حتى قتل أربعة كلهم من أسرة واحدة ، وهم من أسرة هند بنت عتبة أبوها وأخوها وزوجها وخالها ، فيأتي الخبر لهند فتبكي وتصيح في القوم وتتوعد لقتل حمزة كي تنتقم لموتهم .

لذا ذهبت إلى عبد اسمه وحشي بن حرب كان ماهرًا بالرماية فعندما يرمي بالرمح لا يخطئ ، فقالت له هند ما رأيك أن أحررك وأعطيك من الذهب والفضة والجواهر ، ووعدته بالكثير من الأموال فتعجب كل هذا لي! وماذا تطلبين مني ؟ فقالت شيئًا واحدًا فقط .

فقال لها وما هو : قالت أن تقتل حمزة ولا شأن لك بالمعركة وما يحدث فيها كل ما عليك فقط أن تقتل حمزة ، وبالفعل تبدأ معركة أحد ويدخل البطل المغوار حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وتشتد المعركة وحمزة يجول بالمعركة يقتل هذا ويجرح هذا في مشهد مهيب .

وكان وحشي يراقب حمزة من أول المعركة ويقول وحشي : كنت أراه لا يجابه أحد إلا وصرعة فتعجبت فكان يمسك بسيفين أحدهما بيمينه والأخر بشماله يقتل بهما ، ولا يستطيع أن يجابهه أحد وكنت أراقبه لأجد الفرصة لأرمي رمحي كي أقتله إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة فضربته بالرمح من خلفه في ظهره .

وهنا مات البطل الجسور غدرًا من الخلف وجاء وحشي ومثل بجثته فقطعها ، وأخرج كبده وأعطاه لهند وأخذته هند فلاكته ولكنها لم تستطع أن تأكله ، وبعد المعركة رأى النبي عمه مقتولاً ومُثل بجثته فدمعت عيناه وبكى النبي صلّ الله عليه وسلم على عمه سيد الشهداء .

ثم قام النبي يبشر الصحابة قائلًا : رأيت الملائكة يغسلونه يقصد حمزة رضي الله عنه ،  ويقول عنه الله عز وجل وعن شهداء الدين في سورة أل عمران :  (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (سورة أل عمران ، الآية 169) .

ويروى عن ابن عباس أنه قال : أمر رسول الله بحمزة فسُجِّي ببردة ثم صلى عليه ، فكبر سبع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يوضعون إلى حمزة ، فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة .

وقيل في رثاء حمزة بطل الإسلام وسيد شهداء المسلمين :

بكت عيني وحق لها بكاها       *   وما يعني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا      *   أحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعًا       *   هناك وقد أصيب به الرسول
ألا يا هند فابكي لا تملي        *  فانت الواله العبرى الهبول
ألا يا هند لا تبدي شماتًا   *    بحمزة إن عزكم ذليل

By Lars