يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ ). صدق الله العظيم .. فالمشتري الله ، والمشترى نفوس المؤمنين ، والثمن الجنة .
الصحابي واستعجاله الجنة :
وما غاية الإنسان إلا أن يعيش سعيدًا ممتعًا ، فإذا ما كان الثمن الجنة فليتعجلها ، كما تعجلها الصحابي الذي قال لرسول الله صلّ الله عليه وسلم : أليس بيني وبين الجنة ، إلا أن أذهب إلى هؤلاء أقاتلهم فيقتلونني ؟! ، فأجاب الرسول : نعم
وكان في فمه تمرات ، فاستبطأ أن يظل حيًا إلى أن يمضغ هذه التمرات ، وألقى بالتمرات خارجه ، وخاض المعركة فقتل ، وأيضًا جمال الصفقة وإغراؤها يجعل المعذور في الإسلام عن الجهاد يتطوع هو بالجهاد .
عمرو بن الجموح واستئذانه من رسول الله :
هذا هو عمرو بن الجموح ، رجل عذره الله لأنه أعرج ، فيقول لأبنائه : لابد أن أشهد المعركة ، فيقولون له : يا أبانا نحن نكفيك المعركة ، فيقول عمرو بن الجموح : لا ، ولابد أن أشهد المعركة .. فيصر عليه أبناؤه لمنعه ، فيذهب إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم فيقول له : يارسول الله ، إن أبنائي يمنعونني أن أخوض المعركة ، فيقول له رسول الله صلّ الله عليه وسلم : إن الله قد عذرك ، أي لأنه ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ، فيقول له : والله يا رسول الله ، إني أحب أن أطأ بعرجتي هذه إلى الجنة ، فيبتسم رسول الله ، ويطلب من أبنائه أن يسمحوا له .
العذر الشرعي واستطياب الصفقة :
فهذا رجل معذور بحكم الإسلام والشرع ، ومع ذلك استطاب الصفقة ، فأحب أن ينتهز هذه الصفقة ليأخذها .. لماذا ؟ لأنه عاقل ، فهو سيموت ، حارب أم لم يحارب ، فالموت لم يترك أحدًا ، فلماذا لا يموت بثمن غال ، ولماذا لا يموت بصفقة رابحة ، تجعله ميتًا في نظر الناس ، ولكنه حي إلى أن تقوم الساعة ، حي يرزق !.
المؤمن البائع والمشتري الله :
فأي عقلاء هؤلاء ! هم الذين يوازنون في الصفقات ، ويستهينون بهذه الحياة وبزخرفها ، حين يعيش المؤمن في جو عقائدي ، وحين يتأكد أن الذي عقد الصفقة معه هو ربه ، الذي يصدق وعده يجب عليه أن يتهافت على هذا الأمر ، ويجب عليه أن يدخر وسعه ، وأن يعتقد أنه سيموت ، شهد معركة أم لم يشهد .