لقد كانت هناك العديد من المواقف الواعظة من رسول الله صلّ الله عليه وسلم إلى الناس كي يدخلوا دين الإسلام الحنيف ، ومن مواقفه الشهيرة في دعوته للإسلام موقفه مع “المثنى بن حارث الشيباني” حينما دعاه إلى الدخول في الإسلام ، ولكنه رفض حينها تلك الدعوة الخالصة من سيد الخلق ، حتى دارت الأيام ودخل الشيباني في الإسلام ولكن كان رسول الله صلّ الله عليه وسلم قد توفي ، فشعر بالندم وقال مقولته الشهيرة “لقد فاتتني الصحبة يا أبا بكر “.

من هو المثنى الشيباني :
إنه المثنى بن حارثة بن سلمة بن شيبان ، كان رجلًا من أشراف القبيلة التي ينتمي إليها ، وكان يتميز بشجاعته وفطنته ورجاحة عقله ، كما كان من الفرسان الشجعان ولديه القدرة على إدارة الحروب بحنكة وذكاء ، وقد ذُكر أنه قبل إسلامه تمكن من هزيمة قبيلة تغلب عند الفرات نتيجة لتفكيره وتدبيره الماكر لخطط الحروب .

دعوته إلى الإسلام ومقولته الشهيرة :
دعا رسول الله صلّ الله عليه وسلم بني شيبان ومن بينهم المثنى إلى الدخول في الإسلام ، وتلى عليهم الآية الكريمة :” قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ” ، وبعد أن انتهى اتجه إلى أبي بكر قائلًا :”بأبي أنت .. ما وراء هؤلاء عون من قومهم ؛ هؤلاء غرر الناس” ، حينها انتبه مفروق بن عمرو فتوجه بالكلام إلى الرسول قائلًا : “والله ما هذا من كلام أهل الأرض ، ولو كان من كلامهم لعرفناه ” ، وقام المثنى بتأييد كلامه ، فقام الرسول الكريم بتلاوة الآية الكريمة “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى”.

تحدث مفروق وهو متعجبًا في ذلك الوقت ؛ حيث قال :” دعوت والله يا قرشي إلى مكارم الأخلاق وإلى محاسن الأفعال ، وقد أفك قومك كذبوك وظاهروا عليك” ، وقد استحسن المثنى أيضًا كلام النبي وتوجه إليه قائلًا :

” قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك وأعجبني ما تكلمت به ، ولكن علينا عهد من كسرى لا نحدث حدثًا ولا نؤوي محدثًا ، ولعل هذا الذي تدعونا عليه مما يكرهه الملوك ، فإن أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي في بلاد العرب فعلنا” ، فردّ عليه الرسول قائلًا :”ما أسأتم إذ أفصحتم بالصدق ، إنه لا يقوم بدين الله إلا من أحاطه بجميع جوانبه”.

رفض بنو شيبان حينها الدخول في الإسلام على الرغم من إعجابهم الشديد بكلام رسول الله ، وتركهم الرسول على ذلك وبعد فترة من دعوته الكريمة قرر المثنى الدخول في الإسلام بعد أن شعر بالنور الإيماني يغزو قلبه ، فذهب إلى المدينة بصحبة وفد من قومه كي يعلنوا جميعًا إسلامهم .

وحينما وصل المثنى مع الوفد اكتشف ان الرسول صلّ الله عليه وسلم قد توفي ، فأدرك أنه قد تأخر في إعلانه لدخول الإسلام ، وقد ضاعت من بين يديه فرصة عظيمة لم يكن مقدرّها ذات يوم ، فقال إلى أبي بكر وهو يشعر بالحزن :” فاتتني الصحبة يا أبا بكر”.

By Lars