وقعت أحداث هذه القصة ، عقب غزوة أحد في العام الثالث من الهجرة مباشرة ، وسميت بهذا الاسم نظرًا لوقوعها في منطقة ، تسمى الرجيع وهى المكان الذي غدر فيه المشركون ، بالمسلمين عند مجموعة من آبار المياه.
أحداث اليوم:
عقب أن انتهت غزوة أحد ، اتجه عدد من رجال قبليتي قارة وعضل ، إلى رسول الله الكريم صلّ الله عليه وسلم ، وطلبوا منه أن يرسل من يعلمهم القرآن ، لأنهم استشعروا الإسلام في قلوبهم ، ويرغبون في تعلم شرائع الدين ، فبعث إليهم الرسول الكريم ببعض الصحابة ، وكان عددهم ستة من الرجالة أو أكثر ، وكان من بينهم عاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وخالد بن البكير ، ومرثد بن أبي مرشد ، وعبدالله بن طارق، وزيد بن الدثنة رضي الله عنهم جميعًا ، وجعل رسول الله الكريم الصحابي مرثد بن أبي مرثد قائدًا لهم .
لما وصلت مجموعة الصحابة إلى منطقة الرجيع ، شعر العديد منهم بنفحات غدر وخيانة ، ترتسم على وجوه الناس بهذا المكان ، نظرًا لرفعهم السيوف في وجوه الصحابة ، وبالطبع رفع الصحابة سيوفهم دفاعًا عن أنفسهم ، ولكن أهل الرجيع أخبروهم أنهم لا يودون أذيتهم ، وإنما سوف يتم تسليمهم إلى قريش ، مع وعد منهم بعدم التعرض لهم أثناء التسليم ، فقال الصحابة أن كل المشركين لا عهد لهم ولا عقد أبدًا ، وسوف يقاتلونهم حتى يُقتلوا ، وبالفعل قاتلوا حتى مات ثلاثة من الصحابة وهم عاصم بن ثابت ، وخالد بن البكير ، ومرفد بن أبي مرثد ، وذلك بعد أن قتلوا عددًا من المشركين.
كان المشركون قد أرادوا أن يحملوا جثة عاصم بن ثابت ، ويبيعوه لامرأة قتل عاصم ابنيها في غزو أحد ، وأرادت أن تنتقم منه ، وكانت قد انتوت أن تأخذ برأس عاصم وتشرب فيه الخمر ، إن استطاعت أن تقبض عليه ، ولكن الله حفظ عاصم من بين أيديهم ، حيث عاهد الله سبحانه وتعالى ، بألا تمس يده مشرك أو تلمسه ، لأنهم نجس فما كان من المشركين سوى أن توجهوا ليأخذوا جثة عاصم ، فإذا بهم قد تفاجؤا بأن النحل والدبابير تحول بينهم وبين جثته ، فاضطروا إلى ترك جثته حتى يأتي الليل وتذهب تلك الأشياء عن الجثة ، ولكنهم عندما ذهبوا بالليل لم يجدوا الجثة نفسها ، ولذلك عُرف عاصم باسم حمى الدبر ، حيث حفظه الله من أيدي المشكرين.
أما الثلاثة الآخرين وهم عبد الله بن طارق وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنه قاموا بتسليم أنفسهم للمشركين ، فقيدوهم وقاموا بأخذهم إلى مكة من أجل بيعهم ، ولكن في الطريق استطاع عبد الله أن ينزع القيد عن يديه ، وفر هاربًا إلا أن المشركين لحقوا به وقتلوه ، ولم يبق سوى خبيب وزيد ، فتم بيعهم في مكة من أجل قتلهم ، وعندما أحضروا زيدًا سألوه إن كان يرغب بأن يحل محمد ، محله ويتم ضرب عنقه بدلاً منه ، فقال لهم أنه لا يحب بأن يشاك محمدًا حتى وهو جالس في موضعه الآن فقالوا والله ما رأينا أحدًا يحب محمدًا ، مثل حب أصحابه له ثم قتلوا زيد.
أما خبيب فتم حصاره داخل أحد البيوت ، وكان كلما أتاه أحدهم وجدوا عنده عنبًا والأرض لا تخرج مثل هذا الخير ، فكان رزقه يأتيه من الله ، ودخل عنده طفلاً يأكل من العنب ، فكانت أمه قلقة أن يأخذه رهينة حتى يتركوه ، ولكن خبيب لم يفعل ذلك وإنما أطعم الطفل ، وأخرجه إلى أمه.
قيد المشركين خبيب وأخذوه ليصلبوه ، فطلب منهم أن يتركوه يصلي ركعتين ، فتركوه فصلى وأطال ، ثم قال لهم لولا أني أخشى أن تظنون بأني ، أتهرب من الموت لأطلت الصلاة أكثر ، فدعا عليهم ثم قتلوه.
ولما علم الرسول صلّ الله عليه وسلم بما حدث للصحابة هؤلاء وغيرهم من الصحابة الآخرين ، بكى عليهم بكاء شديدًا وتأسف على الغدر والخيانة ، التي أبداها المشركون ، وظل يدع عليهم في كل صلاة.