لما خرج سيدنا موسى عليه السلام مع قومه لفتح بيت المقدس وقالوا عبارتهم ” فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ” فعاقبهم الله سبحانه وتعالى بالتيه في الأرض أربعين سنه ، ثم توفي سيدنا موسى عليه السلام وخلف بعده يوشع بن نون عليه السلام الفتى الذي ذهب معه ليلتقى بسيدنا الخضر وصار نبيًا على بني اسرائيل .
وظل معهم فترة من الزمن حتى انقضت الأربعون سنة ، ولما انقضت السنوات جهزهم يوشع للقتال وقال لهم أريد أن أفتح بكم بيت المقدس ، ولكن شرط عليهم عدة شروط ، وقال لا أريد أن يخرج معي رجلُ ملك بعض امرأة وهو يريد أن يبني بها ، لأن قلبه متعلق بزوجته ، ولا أريد أن يأتي معي إنسان بنى بيتًا ولم يرفع سقفه ، لأن قلب الرجل سيكون معلقُ بالبيت ، ولا أريد معي رجل عنه غنم وينتظر ميلادها ، فهو يريد الرجال الشجعان بعدما تربي الجيل الجديد من بنى اسرائيل ، وخرج جيش يقدر بالآلاف مع نبي الله يوشع بن نون متوجهين إلى الأرض المباركة .
وكان بيت المقدس قد حُصن بحصون عظيمة ، ولم يستطيع بني اسرائيل اقتحام الحصن ، فقاموا بمحاصرة بيت المقدس ستة شهور كاملة ، ولكنهم مع كل ذلك لم يستطيعوا دخول بيت المقدس ، ولما جاءت ساعة إنهيار الحصن أذن لهم يوشع بن نون بالقتال ، ودخلوا بيت المقدس واندك الحصن ومات منهم اثنا عشر ألف رجل ، وظل القتال الطويل ويأتي يوم الجمعة وبدأت الشمس تحين على الغروب وإذا دخل ليلة السبت لا يتحركوا بنو اسرائيل فقد حرم الله تعالى عليهم فيها العمل والقتال .
ثم ينظر يوشع إلى الشمس ويكلمها ويأمرها أن تقف ، فقال لها أيتها الشمس إنني مأمور وأنتي مأمورة وكلنا نسير في أمر الله عزوجل ثم قال اللهم أحبسها لساعة ، ولم يحبس الله تعالى الشمس لأحد إلا ليوشع بن نون ، حتى اقتحم بيت المقدس وتم دخول بيت المقدس .
وأمر الله تعالى بنو اسرائيل إذا دخلوا بيت المقدس أن يدخلوه سجدًا لله عزوجل ، ولكن بنو اسرائيل دخلوا بيت المقدس على أدبارهم يستهزئون بأوامر الله عزوجل ، وليس هذا فحسب فبدل من أن يستغفروا الله تعالى ويقولون ربنا اغفر لنا خطايانا عصوا أمر الله ، قال تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} .
ولكنهم بدلوا أمر الله عزوجل فقال تعالى : {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} فأصابهم الله عزوجل ببلاء عظيم ، فأنزل عليهم الزجز طاعون حصد منهم ألوف ، وعاش بنو اسرائيل ببيت المقدس سنوات طويلة وإذا جاء بهم نبي إما أن يكفروا به أو يقتلوه ، فعاشوا بين الكفر والقتل .