كرّم الله أمة محمد صلّ الله عليه وسلم بالفضل الكبير ، وميّزها بأن تكون مناعتها دائمًا في ذوات أفرادها ، فإن لم تكن في ذوات الأفراد ففي كل المجموع ، ولا يخلو الزمان من رجل صالح يقول للمنكر : لا فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال ، قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ..
خير أمة :
ولذلك لن يأتي رسول بعد رسول الله صلّ الله عليه وسلم فلو كانت هناك طامة سوف تفسد المجتمع وتذيب مناعة كل أفراده لكان من اللازم أن يأتي رسول ، ولكن لما محمد كان هو خاتم النبيين ، فقال الله تعالى في كتابه : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } ،فقد فضل الله سبحانه وتعالى أمته على سائر العالمين ، وقال تعالى في كتابه : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} .
أمة واعظة بعضها البعض :
فجعل وازعها دائماً فيها ، بحيث تكون النفس لوامة لكل فرد ، والمجتمع نفسه يحمي الانسان من الوقوع في الخطأ ، فيوجد في المجتمع أناس يقومون بالوعظ والنصح ، ويكون كل واحد في المجتمع موصياً وكل واحد موصي ، ولتقرأ قول الحق : { وَالْعَصْرِ ﴿١﴾ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿٢﴾إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿٣﴾}
التواصي :
ومادة تفاعل تشرح لنا معنى تواصى ، مثلها مثل تشارك ، ومعنى ذلك أن كل واحد يقول الوصية ، وكل واحد يتلقاها نصيحة ، وذلك لأن النفس البشرية من الأغيار فقد تهيج النفس على المنهج مرة ، فتأتي الشردة بالشرود عن المنهج حينئذ يقوم واحد وينصح وينبه ، ويردها الانسان لصاحبه بعد فترة .
المؤمن مرآة أخيه :
فالتواصي يقتضي أن يكون كل واحد موصيًا ، وكل واحد موصى ، وكل واحد في المجتمع الايماني يفتح عينيه بالانتباه لنصح الآخرين بالابتعاد عن الضعف ، وبذلك لا ينعدم أن يوجد في الأمة المحمدية من يوصى بالخير في موقف وموصى في موقف آخر بحيث لا يتأبى الإنسان على وصاية غيره ، ولا عجب فالمؤمن مرآة أخيه ، وقد قال أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : المؤمن مرآة المؤمن ، والمؤمن أخو المؤمن ، يكف عليه ضيعته ، ويحوطه من ورائه .