كم من قيمة ربت أجيالًا ، وكم من خصلة غيرت في صاحبها ومن حوله خصالًا ، والصدق ليس خصلة كأي خصلة ، بل إنه من أكثر الخصال التي تنفع الناس ولا تضر صاحبها ، فالصدق منجاة والكذب لا يبقى وإن طال به الزمن ، وتعد تلك القصة واحدة من أروع القصص التي حدثت وتسبب الصدق فيها في نجاة صاحبها بل وتوبة الغافلين .
يُحكى أن غلاماً خرج يطلب العلم من مكة المكرمة إلى بغداد ، وكان عمره آنذاك لا يزيد عن اثنتا عشر عامًا ، وقبل أن يخرج الغلام من داره ذهب إلى أمه يودعها ، وقال لها أوصيني بما شئتي ، فقالت له أمه : يا بني ، عاهدني على ألا تكذب ، فعاهد الصبي أمه وخرج إلى قبلته وامتطى دابته متوجهًا إلى بغداد ، وكان بحوزته أربعمائة درهم ، أخذها لكي ينفق منها في غربته .
وبينما هو سائر في طريقه خرج عليه مجموعة من اللصوص استوقفوه ، وسألوه عما معه من مال ، فقال لهم نعم ، معي أربعمائة درهم ، فظنوه يسخر منهم وهزؤوا منه ، وهم يقولون له : أتهزأ أيها الغلام ؟ كيف لمن في مثل أن يكون معه أربعمائة درهم ؟ وتركوه وانصرفوا فأكمل الغلام طريقه إلى وجهته ، وبينما هو سائر إذ خرج عليه زعيم اللصوص نفسهُ ، واستوقفهُ هو الأخر وسأله هل معك مالٌ يا غلام ؟
فقال له الغلام كما قال لرجاله من قبل : نعم معي أربعمائة درهم ، ففتشه قاطع الطريق ووجدها بالفعل ، وأخذها منه ، ولكنه تعجب كثيرًا من موقف الغلام وعدم كذبه بشأن ما معه ، فسأله قائلًا : يا غلام لماذا صدقتني عندما سألتك عن المال ، ولما لم تكذب عليّ وأنت تعرف أن المال إلى ضياع ؟ فرد عليه الغلام قائلًا : لقد صدقتك لأنني عاهدت أمي أن لا أكذب أبدًا مهما حدث .
نزل كلام الغلام على قلب قاطع الطريق ، فأزال الغشاوة من عليه كما يزيل المرء الغبار من فوق الذهب ، وإذا بقلبه يخشع لله رب العالمين ، ويقول للغلام متعجبًا : يا ويحي يا غلام أتخاف أن تخون عهدك لأمك ، وأنا لا أخاف من عهد الله سبحانه وتعالى ، خذ مالك أيها الغلام وانصرف آمناً ، وأنا من اليوم أعاهد الله على التوبة ، لقد تبت إليه بفضلك توبةً لن اعصيه بعدها أبداً .
غادر الغلام ومعه ماله وغادر اللص التائب ومعه عهد الله ، كل منهما مضى في طريقه وفي المساء جاء بقية الأتباع السارقين ، وكلٌ منهم يحمل بين يديه ما سرقه ليسلمه لزعيمهم ، فوجدوه يبكي بحرقة بكاء الندم ، فتعجبوا من حاله وسألوه ، فقال لهم : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وحكى لهم قصته مع الغلام .
قالوا له : إذا كنت قد تبت أيها الزعيم ونحن أتباعك ، فنحن أولى بالتوبة منك وبعدها تابوا جميعاً توبة نصوحة لله رب العالمين ، وكل هذا بفضل صدق الغلام الذي بقى على العهد ولم يخف على نفسه ولا ماله ، رغم أن هذا ما قد يفعله الكثيرون عند الإحساس بالخطر ، يكذبون لينجوا بأنفسهم ولكن نجاتهم تلك مزيفة ، فالصدق وحده هو المنجاة .
فنجان برج الحوت اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الدلو اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الدلو ماذا يقول فنجانك؟هناك مناسبة…
فنجان برج الجدي اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الجدي ماذا يقول فنجانك؟أنت على…
فنجان برج القوس اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال قراءة دقيقة للرموز والإشارات…
فنجان برج العقرب اليوم مع قارئة الفنجان المبدعة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الميزان اليوم مع قارئة الفنجان المميزة لدينا. من خلال تحليل دقيق للرموز والإشارات…