الصحابي هلال بن أمية ، هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس ، ويدعى ويشتهر باسم مالك الأنصاري الواقفي ، هذا الصحابي الذي كان من أوائل من أسلموا مع الرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم ، وحطم أصنام بني واقف ، وشهد غزوتي بدر وأحد .
هلال بن أميّة وقصة التخلف عن غزوة تبوك:
إبان غزو تبوك كان هلال بن أمية ، أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله بتلك الغزوة ، ونزل فيهم قول الله تعالى في سورة التوبة بالآية 106 ؛ {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم.
كان هلال أحد ثلاثة تخلفوا ، والاثنين الآخرين هما كعب بن مالك ومرارة بن الربيع ، وكانوا قد قعدوا عن المشاركة بالغزوة ، كسلاً وميلاً لطيب الثمار ، وليس نفاقًا أو شكًا ، حيث ذكر البخاري بأن كعب بن مالك قد روى عن تلك الواقعة .
بأنه قد تجهز الرسول صلّ الله عليه وسلم ، ومعه المسلمين من أجل غزوة تبوك ، وكنت أنا لم اتجهز وقلت في نفسي سوف ألحق بهم ، ولكن بعد أن خرجوا جميعهم للغزوة ، نظرت حولي فرأيت بعض الرجال ممن قعدوا ، أحدهم قد اشتهر بالنفاق ، وآخر جالس من شدة الضعف وتعذر عليه الخروج ، فلما بلغني بأن رسول الله قد عاد مع المجاهدين من الغزوة ، ظللت أردد فزعًا كيف سأخرج من سخط الرسل ، بشأن تخلفي عن الغزوة والجهاد برفقته .
بعد أن اقترب رسول الله الكريم من المدينة ، علم كعب بن مالك بأنه لا منجى مما حدث ، سوى بالصدق ، فعزم على أن يصدقه ، فذهب إلى رسول الله حيث كان قد بدأ بالمسجد ، وجلس للناس به ، فحضر المخلفون وجلسوا لرسول الله يعتذرون له ، ويحلفون ببعض ظواهرهم ويستغفر لهم ما كان منهم ، وكان عددهم حوالي بضعة وثمانون رجلاً ، حتى ذهب إليه كعب بن مالك فسلم عليه ، فتبسم له الرسول بسمة الغاضب .
وسأله عم دفعه للتخلف عن الجهاد معهم ، فأجابه كعب بن مالك بكل صدق أنه لم يكن لديه أي عذر ، وأنه لو جلس لأي شخص آخر غيره لاعتذر منه ، ولكنه قد أتى إليه يبلغه أنه ما كان لديه عذر ، فقال الرسول أما هذا فقد صدق ، ودعاه للانصراف حتى يقضي الله في أمره .
وبعدما غادر كعب من عند رسول الله ، أخبره الكثيرون أنه كان يتوجب عليه أن يعتذر ، ويطلب من الرسول أن يستغفر له ، حتى كاد أن يعود عن صدقه ، ولكنه تساءل إن كان أحد الرجال قد قال مثله ، أنه ليس لديه عذر ، فأجابوه بأم رجلين صالحين هما مرارة بن الربيع وهلال بن أبي أمية ، قد فعلا مثله فكانا له أسوة .
بعد ذلك نهى الرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم عن محادثة هؤلاء الثلاثة ، فالتمس مرارة وهلال بيوتهما ، أما كعب فأخذ يذهب للصلاة في المسجد ويتجول في الأسواق ، ولكن لا أحد يحدثه ويجتنبه الناس ، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وسعت .
وظل الثلاثة المخلفون ، على تلك الحال حتى أتت الليلة الأربعون فأبلغهم ، رسول الله صلّ الله عليه وسلم بألا يقتربوا من زوجاتهم ويعتزلوهن ، حتى يقضي الله في أمرهم .
وذهبت امرأة هلال بن أمية إلى رسول الله ، وأخبرته أن هلال شيخ ضائع وطلبت منه السماح لها بخدمته ، وتلبية احتياجاته فأجابها بالسماح ولكن على ألا يقربها ، فأجابته بأنه لا حول له ولا قوة ، ومازال يبكي منذ أن تخلف عن الغزوة .
ومضت عشرة أيام أخرى ، حتى تمت الخمسون ليلة من حين ، أمر الرسول الكريم بالنهي عن الحديث معهم ، ومع صلاة الفجر وبينما الثلاثة المخلفون جلوس بمنازلهم ، حتى ضاقت عليهم أنفسهم بشدة ، إذا بفرج الله يأتيهم في صوت أحد الصحابة ، ينادي من فوق الجبل أن أبشر يا كعب بن مالك أبشر ، فخر كعب ساجدًا وعلم بأن فرج الله بالعفو والمغفرة قد أتاهم ، وأعلن رسول الله الكريم توبة الله على الثلاثة عقب صلاة الفجر ، فذهب الناس يبشرونهم بتوبة الله عليهم ، وأدرك ثلاثتهم حينها أن أعظم نعمة قد أنعم الله عليهم بها ، بعد الإسلام هي الصدق .