يقول الحق عز وجل في كتابه الكريم : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ، والتزكية كما نعرفها ، هي التطهير والنماء ، ومنها أخذت كلمة ، الزكاة ، والتطهير يزيل الأقذار ، والنماء يربي المادة فتنمو .

درء المفسدة مقدم دائما على جلب المصلحة :
إذن فالتزكية تعني عدم وجود أقذار ، ووجدوا النماء يأتي بعد التطهير ، فلا نأتي لقذر ونطالب بنموه لأنه إن نما فهو ينمو بقذارته ، إذن لابد له أن ينمو من الطهر ، لذلك فإن درء المفسدة مقدم دائما على جلب المصلحة ، وكما قال الحق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ…ماذا قالوا تزكية لأنفسهم ؟ .. لقد قالو : نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ.. ، وقالوا : لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ..

تزكية الانسان لنفسه :
إنهم يقومون بتزكية أنفسهم والإنسان منهي أن يزكي نفسه ، والتزكية تقتضي تطهير النفس من العيب وعطاء الإنسان لنفسه ، نماء ونظافة فماذا إن كانت التزكية حقا ؟ أممنوع أن يزكي الانسان نفسه ؟ ، إن التزكية التي قاموا بها لأنفسهم ، كأهل كتاب كانت تزكية باطلة فليس حقيقي أن لله أبناء ، تعالى الله على ذلك علوًا كبيرًا ، وليس حقيقيًا أن الجنة لن يدخلها إلا هم .

تزكية النفس بين الحق والباطل :
إذن فالممنوع هو أن يزكي الإنسان نفسه بالباطل ، لكن إذا كانت التزكية بحق وتطلب في وقت من الأوقات التي لا تحتمل التجربة ، مثال ذلك عندما تركب جماعة زورقاً ويكون القائد الذي يجدف ، أي يمسك الشراع ، متوسط الموهبة ، ثم قامت عاصفة شديدة ، لا يقوى متوسط الموهبة على القيادة معها .

فإذا كان هناك إنسان يجيد فن قيادة الزوارق أثناء العواصف ، عليه أن يتقدم ويقول لمتوسط الموهبة : ابتعد عن القيادة ، فأنا أكثر فهماً منك ويزحزحه ويمسك القيادة بدلاً منه ، هذه تزكية للنفس وهي مطلوبة لأن الوقت ليس وقت تجربة ، ثم هو يزكي نفسه بحق ، كما إن العمل الذي هو مقبل عليه سيفضحه إن لم تستقر المسائل على حسن قيادة .

تزكية النفس بالحق واجبة :
إذن هناك فرق بين التزكية بالباطل وبين التزكية بالحق ومن أوضح أمثلة التزكية بالحق ، حينما زكي سيدنا يوسف عليه السلام نفسه لعزيز مصر .. ، وقال له كما ذكر تعالى في كتابه الكريم : قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ، لأن الوقت كان ليس وقت تجربة ، وكذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  عند قسمته غنائم حنين حينما سأله أحد المنافقين أن يعدل ، فقال صلِّ الله عليه وسلم : ومن يعدل إذا لم أكن أعدل .

By Lars