لما دعا رسول الله صلّ الله عليه وسلم الناس إلى الله في مكة ، ونادى في الناس أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ، غضبت قريش وكانت تعبد الأصنام ، وكانت في الكعبة ، التي بناها إبراهيم ، وإسماعيل عليهما السلام لعبادة الله وحده ، ثلاث مائة وستون صنماً .
الإذن بالهجرة :
فاشتعلت قريش غضباً ، وآذوا رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وعذّبوا المسلمين ، فصبر رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وصبر المسلمون وثبتوا لهم كالجبال ، ولكن قريشاً كانوا يمنعون الناس عن الإسلام ، ويحولون بين المسلمين وعبادة الله ، فأذن الله لرسول الله صلّ الله عليه وسلم بالهجرة .
في المدينة :
فهاجر إلى المدينة ، وهاجر المسلمون ، وكانت المدينة أرضاً طيبة للإسلام ، في أهلها لين ورقة ، قد أسلم منهم كثير قبل الهجرة ، ولما انتقل النبي صلّ الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وسكن هنالك أحب أن يبني مسجداً ، لأن المسجد لازم للمسلمين ، وهو قطب تدور حوله رحى الحياة الإسلامية .
وكان النبي صلّ الله عليه وسلم نازلاً عند بيت أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه ، وكان ضيفاً عليه ، وكان قريباً من بيته مربد ، وهو محبس للإبل وموضع جمر التمر ، فأراد الرسول صلّ الله عليه وسلم ، أن يبني المسجد في ذلك المكان .
شهامة اليتيمان :
فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم لمن هذا المربد ؟ قال رجل من الأنصار ، اسمه معاذ بن عفراء : هو يا رسول الله ليتيمين ، اسم إحداهما سهل ، واسم الثاني سهيل ، فطلب الرسول صلّ الله عليه وسلم سهلاً وسهيلاً ، وهما ولدان يتيمان ، فلما حضرا ، كلّمَهُما رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، في أمر المربد وثمنه ، قال سهل وسهيل ، هو يا رسول الله – لله ، لا نشتري به ثمناً ، فابن المسجد ، وقد طابت به أنفسنا ، ولكن رسول الله صلّ الله عليه وسلم أبى ، واشترى منهما المكان ، ودفع الثمن .
بناء المسجد :
وبنى المسلمون المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بيده ، وينقل اللبن ، فقال قائل من المسلمين : لئن قعدنا والنبي يعمل .. لذاك منا العمل المضلل ، وكان المسلمون يبنونه ويقولون : اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة .. فارحم الأنصار والمهاجرة ، وقد زاد في هذا المسجد أمير المؤمنين ، عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه ، والملوك بعده ، حتى كان مسجداً جليلاً جميلاً ، يسع آلافاً من المصلين ، قدر الله زيارتكم له والصلاة فيه .