سمى الله سبحانه وتعالى نفسه الحافظ ، فهو يحفظ عباده المخلصين ، ويحفظ أموالهم ، وأهليهم ، وكل ما يخشى عليه المرء من الضياع ، وهذه القصة توضح العظمة الإلهية ، والإرادة التي تحرك الكون يمنة ويساراً ، فسبحان العلي القدير صانع المعجزات .

والقصة لرجل من بني إسرائيل أراد أن يستلف من أخيه في الدين مبلغًا من المال ، فقال له : أتقرضني ألف دينار ، فرد عليه الرجل التقي قائلًا : لا بأس ولكن ائتني بشهود ، فأجابه الرجل : الله شاهدي ، فهو لم يكن معه أحد سوى الله عزوجل .

ثم قال الأخر : ائتني بكفيل ، فقال صاحب الدين ، الله كفيلي ، فرد عليه الرجل : ونعم الكفيل ، ونعم الشهيد ، وحدد الموعد والزمن الذي يُرد فيه الدين إلى صاحبه ، وقد كان كل منهما يعيش على حافة البحر في الجهة المقابلة للأخر.

وتمر الأيام والسنين ، ويأتي الموعد المحدد لرد الدين ، ويخرج صاحب الدين لينتظر مركبًا يصله بالطرف الأخر من البحر ، ولكن لم تأتي مركب واحدة على عكس كل يوم ، فلم يجد أمامه خيار سوى أن يرسل الدين في موعده ، ويدعو الله أن يصل ، فأخذ خشبة ونقرها ، ووضع فيها الألف دينار ومعها رسالة من الجلد كتب فيها :

هذه رسالة من فلان إلى فلان أرجع فيها الدين ، واستعين بالله ، ظل الرجل الثاني ينتظر وينتظر على الجانب الأخر من البحر ، حتى تيقن أن صاحب الدين لم يأتي ، فقرر جمع بعض الحطب ؛ ليعود به إلى أهله ، وأخذ منه قطعة الخشب التي رماها الله على شاطئ البحر ، ولما وصل إلى المنزل ، أخذ يكسر الحطب واحدة تلو الأخرى ، و فجأة يخرج من داخل الخشبة  سره بها ألف دينار ، ومعها رسالة من الرجل المدين  يرد فيها دينه .

وبعد فترة  جمع صاحب الدين ألفا أخرى خوفًا من أن يكون الدين لم يصل صاحبه ، وركب مركبا لأخيه في الشاطئ المقابل ليرد له الدين ، وقابله وأخذ يلتمس منه السماح على تأخيره ، ومد يده بالألف دينار الأخرى ، فسأله الرجل : ألم ترسل لي شيء من قبل ؟

فقال الأخر : بلى ولكني خفت ألا يصل الدين إليك ، فقال الرجل : خذ مالك ، فقد وصل دينك في الموعد المحدد ، واستلمت رسالتك ، فسبحان العلي القدير الذي سخر الماء ليحمل دين لم يستطع صاحبه النوم ، وهو في رقبته ، ليصل إلى صاحبه في الوقت والمعاد الذي حدد ، وسبحان من جعل الرجل يحتطب ليأخذ خشبة الدين من ضمن حطبه ، فيجد ماله بعد أن فقد الأمل .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  أَنَّهُ قال :«إنّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ . فَقَالَ : ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ . فَقَالَ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا .

قَالَ : فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ . قَالَ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا . قَالَ : صَدَقْتَ . فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا ، فَأَخَذَ خَشَبَةً ، فَنَقَرَهَا ، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ .

فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ ، فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ . فَخَرَج الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا ، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ .

ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ . قَالَ : هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ ؟ قَالَ : أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ . قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا».

By Lars