أن تنتقل من منزل إلى آخر ، يجب عليك أولاً وأخيرًا أن تعلم ماضي هذا المنزل ، ولماذا انصرف من قبلك عنه ، ليس لشيء سوى للاطمئنان ، أنك لن تقابل مخلوقات من عالم آخر ، فإهمال مثل هذه الأمور قد يعرّضك ومن حولك لخطر داهم ، ولعل ما روته الفتاة زينب ، هو أمر شبيه بهذا. وتلك هي قصتها .
تقول زينب أنا فتاة في الخامسة والعشرين من عمري ، أتيت أساسًا من قرية ، من أجل الدراسة بالمدينة ، فانتقلت عائلتي برمتها ، نظرًا لتمكن والدي من الحصول على عمل قريب من الجامعة ، وسارت الحياة على أفضل مما سبق .
عقب مرور فترة من الإقامة بالمدينة ، بدأت أعاني من كوابيس مفزعة ، لا أدري متى بدأت ولكنها كانت تلاحقني بشدة ، أرى نفسي جالسة بغرفتي وأحدهم يطرق باب المنزل ، فأصيح بوالدي وشقيقي أن يفتح أحدهم الباب ، ولكنهما ينظران لي دون أن يتحركا ، وكأنني أحدث نفسي! تكرر الأمر عدد من المرات .
وفي كل مرة لا يجيبني أحد ، ثم ينفتح الباب من تلقاء نفسه ، ويدخل منه شخص قبيح الوجه ، ويزمجر بغضب شديد ، ويتجه نحوي ، فأصرخ بشدة ، وشقيقي وأبي ينظران لي ، دون أن يحركا ساكنًا ، ويهاجمني الرجل ، فأصحو مفزوعة من نومي ، وبالطبع مع تكرار الأمر ، تحدثت مع والداي بما أراه ، فأجابتني أمي أنني يجب أن أنام على وضوء ، وقال لي أبي أن هذا نتيجة قراءتي لقصص الرعب ومشاهدتي لأفلامها ، ودعاني للتوقف عن ذلك .
توقفت عن القراءة ، ولم أنم سوى وأنا على وضوء ، إلا أن الكوابيس لم تتوقف ، وأصحو كل ليلة على فزع شديد وبكاء لا يتوقف ، وفي أحد الأيام كانت أمي تقف مع جارتنا تحدثها بشأني ، فاندهشت السيدة وقالت بتوتر ، أنه لا أحد قد شكا من مكوثه بالشقة من قبل ، ونصحتها بعرضي على أحد المشايخ ، ففعلت .
أتى الشيخ وهو أحد الشيوخ ممن يظهرون بالقنوات الفضائية ، استمع إلى شكواي ثم أخبر والدتي ، أنه سوف يأتي مرة أخرى بالمساء ، وعندما حضر بالمساء سألته عن سر اختياره لهذا الوقت ، فأخبرني أن هذا الوقت الذي ينشط فيه الجن ، فإذا ما أراد تحضير أحدهم أو صرف آخر ، كان الأمر يسيرًا ، اقشعر بدني بشدة ، ثم طلب الرجل إحضار مفتاح قديم وصينية من المعدن ، وبدأ يتمتم ببعض الأمر الغريبة .
بعد لحظات شعرت بأن هناك شيء يحرق جسدي ، وتألمت بشدة حتى بدأت في صراخ متواصل ، والرجل ما زال مستمر فيما يتلو ، حتى سكت وبدأ جسدي يهدأ ، فبكيت من شدة الألم ، فقال الرجل أنني قد ألقيت مياه ساخنة في المرحاض ، وأصبت أحد أبناء الجن الموجود بالمكان ، وهذا الذي رأيته والده من الجن ، وهو يسكن تلك الشقة منذ فترة طويلة ، وقد آذاه شخص ما قبل أن نأتي نحن أيضًا ، ويرغب في الانتقام مني ، والحل أنه سوف يبدأ معي جلسات لطرد الأرواح ، ولكنها لن تأخذ وقتًا طويلاً ، فالمس لم يحدث كاملاً ، ولكنه حدث .
بدأ الرجل جلسات طرد الجن معي ، لمدة شهر كنت قد ذبلت فيها تمامًا ، حيث منعني عن تناول العديد من الأطعمة ، ولم أكن أخرج من المنزل بسبب شحوبي الواضح ، والإرهاق المستمر حتى دخلت في غيبوبة بأحد الأيام ، ونقلت إلى المشفى ، ولكن عاودني الرجل القبيح مرة أخرى ، ودخلت في نوبات هستيرية طويلة ، نقلت على إثرها إلى مشفى الأمراض النفسية .
لتبدأ رحلة علاج طويلة ، لا أدري متى تنتهي ولكنني أراسلكم الآن من داخل المشفى ، بعد أن حصلت من شقيقي على بعض الأوراق ، التي يمكنني من خلالها شرح قصتي ، فهل أنا حقًا ممسوسة ، أم مصابة بمرض نفسي؟ لا أعلم ولكن هذا الرجل بدأ يأتيني في لحظات استيقاظي وليس بالأحلام فقط .