قد يقوم المرء بعمل ما ، يؤذيه ويؤذ كل من حوله ، ولعل ممارسة السحر وأعماله هي أكثر الأمور شرورًا مارسها البشر ، ولعل بعض القصص تروي المأساة التي خلفتها تلك الأعمال ، على أرواح بريئة ، مثل قصة رولاند دو .
مقدمات لأحداث غريبة :
رولاند دو الصبي البالغ من العمر أربعة عشر عامًا ، كان يعيش بمنزل جدته هو ووالدته ، وبعض أشقائه ، وكان لجدته غرفة خاصة بها ، تمنع دخول أي من أفراد الأسرة إليها ، وبالفعل تم لها ذلك ، حتى عام 1949م .
توفيت الجدة وتحولت حياة الأسرة كلها إلى جحيم مقيم ، حيث اكتشف أفراد الأسرة عقب وفاتها ، أنها كانت ساحرة تمارس فنون السحر الأسود ، وكانت تهتم بعلوم تحضير الأرواح ، ولم يكن اكتشاف الأسرة للأمر بسهولة ، بل عاشوا لحظات كثيرة للمعاناة ، والتي بدأت بسماعهم لأصوات خافتة تترد داخل جدران المنزل ، وطرقات على الحوائط خاصة في فترة ، منتصف الليل كل ليلة ، كما بدأت الأطياف والأجسام المظلمة ، في الظهور بالمنزل من وقت لآخر ، وشاهدها كل من بالمنزل .
لم يمض وقت طويل ، حتى بدأت تظهر بعض العلامات الغريبة على جسد رولاند دو ، والتي بدت أشبه بحروق تم رسمها بقلم أحمر شفاه ، بالطبع لم تنتظر الأم ، فحملت ابنها رولاند وذهبت به إلى القس ، فأمرها أنه عندما يحين الليل ، تقوم بإشعال الشموع بالمنزل ، وتضع إلى جوارها الماء المقدس ، وهذا ما فعلته الأم .
في البداية عم الهدوء بالمكان ، واعتقد الجميع أن الأمر قد انتهى بهذا الشكل ، إلا أن الأمور تعقدت كثيرًا بعد ذلك ، حيث انطفأت الشموع وسُكب الماء المقدس ، عندما طارت الطاولة من مكانها وارتطمت بالحائط .
وبدأ كل أثاث المنزل بالحركة تلقائيًا ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط ، بل بدأ يطارد رولاند دو أينما ذهب ، حيث طارت طاولته بالمدرسة أمام زملائه ، مما تسبب في رعب زملائه ومعلميه والإدارة أيضًا ، فاضطرت والدته لإيقافه عن الذهاب إلى المدرسة ، ثم اصطحبته معها إلى بعض المستشفيات لتلقي العلاج اللازم ، فاستمر الأمر بصورة أكبر ، وتسبب في هلع لكثيرين .
بلغ الأمر كبير الأساقفة جوزيف ريتر ، وكلف القس بوردن بالذهاب إلى منزل الصبي ، وعمل جلسة لطرد الأرواح ، برفقة الطبيب النفسي جيسوت ، وبالفعل انطلق الاثنان باكرًا صوب منزل رولاند دو .
ظل القس بوردن والطبيب جيسوت بالمنزل ، حتى خلد رولاند للنوم ، ثم دخلا إلى غرفته وبدأ القس في تلاوة الصلاة ، وقام بوضع صليب خاص ، أسفل الوسادة التي ينام عليها دو ، ثم غادرا الغرفة فورًا وأغلقا الباب خلفهما ، ولم تمض دقائق حتى بدأ الجميع في سماع أصواتًا غريبة آتية من غرفة دو .
قرر خمس أفراد من العائلة ، الذهاب إلى الغرفة برفقة القس ، ومجرد دخولهم وجدوا كل الأثاث يتحرك بشكل ذاتي ، وفي اتجاهات عشوائية ، إلى جانب سقوط الصليب من أسفل الوسادة ، وبدأ دو في التفوه بألفاظ نابية ، باللغتين الانجليزية واللاتينية .
ظل القس يزور دو يوميًا ، ويتلو الصلوات إلى جواره بعد تقييده ، إلا أن الأمر رغم استغراقه للكثير من الوقت ، فقد أتى بنتائج جيدة جدًا ، فقد بدأت أعراض التلبس في الزوال ، وتحسنت حالة الصبي ، حتى عاد إلى طبيعته مرة أخرى ، أحداث تلك القصة حقيقية ، وقد نالت شهرة واسعة في الغرب ، وحولها لكتّاب والمنتجون إلى كتب ، وأفلام حققت نجاحًا ساحقًا ، عقب وضع اللمسات الدرامية بها .